أخبار عاجلة

د.أيمن رفعت المحجوب يكتب… لا نريدها ناقصة بعد اليوم !!

لو كنا نعيش بالخبز والماء‏,‏ لكانت عيشتنا راضية وفوق الراضية‏,‏ ولكن عزاءنا الحقيقي الذي به نحيا ومن أجله نحب الحياة‏,‏ ليس هو إشباع البطون الجائعة‏,‏ بل هو غذاء طبيعي أيضا كالخبز والماء‏.‏لكنه كان دائما أرفع درجة وأصبح اليوم, وبعد30 يونيو, أعز مطلبا وأغلي ثمنا, هو إرضاء العقول والقلوب, وعقولنا وقلوبنا نحن المصريين لا ترضي إلا بالحرية الكاملة دون أي قيود في حدود القانون( الحرية المسئولة). إنا إذا طالبنا بالجديد في كل شيء اليوم ومع وضع التعديلات الدستورية الواجبة, لا نطلب بها شيئا كثيرا, إنما نطلب الغذاء الضروري لحياتنا, نطلب ألا نموت, نطلب شيئا من العدالة الاجتماعية التي نادت بها ثورة يناير2011 واكملها30 يونيو2013, ولا يوجد مخلوق أقنع من الذي لا يطلب إلا الحياة ووسائل الحياة, كما أنه لا أحد أقل كرما من ذلك الذي يضن علي الموجود الحي بأن يستوفي قسطه من الحياة.لست أعجب من الذي يستهين بحياة الرجل فيستعجل عليه القدر المحتوم, ولكني أعجب من الذي يبالغ في الرحمة بالإنسان يستحييه شبعان ريان يهفو جيبه بالنقود معطل الحرية, قد ضرب بين عقله وبين الأشياء والمعاني بحجاب, فلا يتناولها, وحيل بين مشاعره وبين موضوعات غذائها فلا تتحرك بل تموت. أعجب من الذي يظن الحياة شيئا والحرية شيئا آخر, ولا يريد أن يقتنع بأن الحرية هي المقوم الأول للحياة ولا حياة إلا بالحرية.أجل, إن المرء يحفظ حرية الفكر وحرية المشاعر, أي يحفظ حريته الطبيعية حتي في غيابه السجن, يحفظها في كل حال هو عاليها ما دامت روحه في جسده. إنه خلق حرا, حر الإرادة, حر الاختيار بين الفعل والترك, حرا في كل شيء حتي في أن يعيش وفي أن يموت. غير أن هذه الحرية الطبيعية محكومة بالقوانين والأديان السماوية, ولا فائدة منها إذا تعطلت من آثارها, فالذي سجن, والذي منع الكلام, والذي منع الكتابة, كل أولئك يحفظون حريتهم في نفوسهم ولكنهم فقدوا الانتفاع بها أي فقدوا بذلك الحرية المدنية.كذلك الذين تركوا أحرارا كما خلقهم الله عز وجل, أحرارا يقولون ويكتبون ما يشاءون ويعملون بالمعروف ما يشتهون, ولكنهم ليس لهم في إدارة جمعيتهم إرادة محترمة, أولئك لهم الحرية الطبيعية والحرية المدنية وهم محرومون من: الحرية السياسيةلا نريد بذلك أن نتصدي للتعريفات الاصطلاحية المعقدة لأنواع الحريات, لكن جرنا إليه عرض التدليل علي أن الحرية المعطلة عن الاستعمال هي في حكم المفقودة, وأن الحرية الطبيعية الملازمة للإنسان لا يصح أن تسمي حرية, إلا إذا كان ميسرا له استعمالها. أرأيت أن المرء يري الطريق بعينيه المعصوبتين, ويأكل ويشرب ويبطش بيديه المكتوفتين. لكن العين المعصوبة واليد الموثوقة كلتاهما في حكم المعدومة, إنما يكون المرء حرا بمقدار ما لديه من وسائل استعمال هذه الحرية وإنما يكون حيا بمقدار ما جاز له من الاستمتاع بالحرية. فالحرية الناقصة حياة ناقصة, وفقدان الحرية هو الموت, لأن الحرية هي معني الحياة, ولذلك كان26 يوليو مطلبا سلميا متمما للحرية لكي تكتمل.طبعنا علي حب الكمال في حياتنا, ومعاداة كل العوارض التي تعرض لنا في طريق المثل الأعلي للمعيشة المستكملة وسائل الحرية وآثارها, ولا خبرة لنا فيما طبعنا عليه. وسواء كان هذا الشوق الطبيعي إلي حياة الحرية مصدر سعادة أو مصدر شقاء, فإنه علي كل حال نار تتأجج بين ضلوع الحي لا تبرد أو تصل به إلي المرغوب, إذا لم يصل الإنسان إلي حياة الحرية الكاملة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *