محمد يوسف العزيزي يكتب… نعم أنا مصر .. ( 1-2 )

تابعت بكل فخر المنتدى الدولي للشباب بشرم الشيخ الذي استطاع شباب مصر إنجازه بكل هذه الروعة والدقة والتنظيم الراقي ليصبح المنتدى بكل ما له وما عليه صناعة مصرية مائة بالمائة تؤكد أن جسور التواصل بين الدولة وبين الشباب أتت أكلها ، وأن إيمان القيادة السياسية تجاه الشباب كقوة بناء وتقدم وحائط صد ضد كل المؤامرات التي تستهدف مصر سيظل هو الرافعة التي ترفع بنيان هذا الوطن عاليا حتى يكتمل الدور الذي يليق بمصر وبمكانتها بين الأمم . 
وبينما أتابع ذلك الحدث المهم وأطالع وجهات نظر البعض من غير المصريين وقع نظري علي مقال للكاتب اللبناني طلال سالمان رئيس تحرير صحيفة وموقع السفير اللبنانية المحسوبة علي حزب الله اللبناني قبل أن يعلن توقفهما عن الصدور في مارس الماضي ، وكانت الجريدة توقفت عن الصدور 3 مرات بقرارات صادرة عن الحكومة اللبنانية، كان آخرها عام 1993 حين صدر قرار قضائي بتعطيل الجريدة عن الصدور لمدة أسبوع بتهمة “نشر وثيقة تتضمن معلومات يجب أن تبقى مكتومة حرصاً على سلامة الدولة ، بالإضافة إلي العديد من الملاحظات بشأن سياسة تحريرها ضد بعض دول الخليج انحيازا لحزب الله الشيعي مما أفقدها مصداقيتها عند الرأي العام ووضعها في حالة من الارتباك والضياع عبرت عن إفلاس إعلامي وأدبي لا يليق بالصحافة اللبنانية التي كانت مرجعا في الموضوعية والأخلاقيات حسب تصريحات كثير من الساسة في المنطقة ! 
مقال الكاتب طلال سالمان بعنوان ( زيارة إلي البلاد التي تسأل ذاتها : هل أنت مصر ؟ ) والحقيقة المقال زاخر بالمغلطات التي تستوجب الرد عليها ، والتي ما كانت تصدر عن كاتب كبير ورئيس تحرير صحيفة قديمة كانت راسخة بين الصحف .. الكاتب – في تقديري – رأي مصر بعيون تري الصورة ( طشاش ) ، وبعقل أسير للمغالطات يتصيد السلبيات ويركز عليها ، وببصيرة لا تناسب قيمة صحفية كنت أظنها تتصف بالحيادية وإعمال العقل في وصف الصورة أو قراءة التحول الذي يحدث في مصر ويقارنه بما يحدث في بلدان سقطت أو كادت تسقط بفعل ثورات الربيع العبري وفعل قوي إقليمية تريد السيطرة والهيمنة علي المنطقة مثل إيران وذراعها حزب الله في لبنان الذي يتحدث الكاتب باسمه ويدافع عن سياساته . 
المقال يقطر سما ناقعا وكأن كاتبه مأمور بأن يبحث في كل ظلال الصورة حتى تكون المكافأة كبيرة وعظيمة بقدر كمية السموم التي نفثها في حروف كلماته وسطور مقاله ، والرد علي ما جاء يحتاج لأكثر من مقال ربما أستطيع كتابتهم ، غير أنني توقفت أمام بعض الجمل التي تؤكد غياب الرؤية عند الكاتب .. 
قال : (مصر اليوم مثقلة بهمومها مشغولة عنك وعن دورها العربي ووزنها الدولي ) .. إلي هذا الحد طلال سالمان لا يري دور مصر العربي ، ولا يري مواقفها الثابتة من قضية العراق أو سوريا أو اليمن ورؤيتها الواضحة التي تؤكد علي ضرورة الحفاظ علي الدولة الوطنية وجيوشها الموحدة .. تلك الرؤية التي يتحدث عنها المجتمع الدولي الآن بعد فشلهم في حل مشاكل هذه الدول ولعلنا نري التحول في سياسات الدول الكبرى الآن وبما يتفق مع الرؤية المصرية .. لكن الكاتب لأنه ينحاز لحزب الله وإيران فهو يري موقف مصر متراجعا لأنه ضد توجهات إيران في المنطقة ، والمدهش أن الكاتب لم يلحظ – مجرد ملاحظة – كيف استطاعت مصر استرداد دورها الدولي في زمن قياسي بعد ثورة 30 يونيو ، وكيف أقامت علاقات جديدة تتسم بالندية والتكافؤ مع معظم دول العالم ، وكيف استردت دورها الأفريقي ، وكيف وصلت لاتفاق مصالحة بين الفلسطينيين بعد 10 سنوات من الدم والقتال بينهما ؟ 
الكاتب لا يري في الصحافة المصرية غير الأخطاء الإملائية والنحوية ، ولا يري في الإعلام المصري الخاص والعام غير أخبار بلا روح، تستوي في ذلك أخبار المذابح الإسرائيلية في فلسطين ضد أهلها أو الاجتياح السعودي ـ الإماراتي المتوحش لليمن والذي يكاد يذهب بحضارة البلد العريق وشعبه بطل الفتح الإسلامي والأذكى والأفقر بين العرب قاطبة !
طلال سالمان يريد أن يركز فقط علي وصف مواجهة التمدد الشيعي في اليمن بأنه اجتياح سعودي إماراتي متوحش ، وكأنه حريص علي شعب اليمن أكثر من حرصه علي لبنان التي يختطفها حزب الله رهينة يبتز بها المنطقة لحساب إيران ! 
( نعم أنا مصر .. ).. وللحديث بقية حتى يكتمل الرد علي الكاتب في المقال القادم 


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *