ابراهيم الصياد يكتب… إعلام القرن الحادى والعشرين (2- 4)

قلنا فى المقال السابق الاسبوع الماضى، إنه ليس كل المؤسسات الاعلامية لديها القدرة المهنية والفنية ولا السياسة التحريرية على ان تصبح شريكا فى التنمية. إذن نحن أمام نوعين الإعلام احدهما سلبى والآخر ايجابى ونجد ان تطور الصراعات العالمية (الحروب) انتقلت فى القرن الحادى والعشرين الى تصنيفها بالأجيال من حروب الجيل الاول الى الثانى والثالث والرابع والخامس.. إلخ. ما يهمنا أن حروب الجيل الرابع اعتمدت على القوى الناعمة فى تنفيذ عملياتها بين الخصوم، وباختصار وهى حروب لا تستخدم فيها القنابل والطائرات ولكن تستخدم فيها الأفكار.
 وبما أن الإعلام فى الأصل فكرة تتحول الى رسالة تبث عبر وسيلة إعلامية، فإن مستخدمى حروب الجيل الرابع وجدوا فى الإعلام ضالتهم وعلى وجه الخصوص الإعلام السلبى منتهزين فرصة أن العالم أصبح قرية صغيرة وأن شبكة المعلومات الدولية «الانترنت» أزالت الحدود السياسية بين المجتمعات، وأصبحت المعلومة متوافرة على مدار الساعة منقولة عبر وسائط الاعلام المختلفة.
وهنا تكمن نقطة الخطورة، من الذى يجزم أو يؤكد صحة هذه المعلومة؟ ولهذا كان من الضرورى أن تتم المطالبة، بسن قوانين لحرية تبادل المعلومات الصحيحة من مصادرها، خاصة أن نسبة تتجاوز الثمانين فى المائة المعلومات المتداولة على شبكة الإنترنت غير مؤكدة من مصادرها، وهى اقرب للأخبار الكاذبة التى تتحول الى قصص وهمية تتحكم فيها نظرية الإشاعة وفى ظل شيوع الجهل الثقافى والسياسى والتعليمى بصفة عامة، يصبح من السهل التحكم فى عملية التدمير الذاتى للمجتمعات عن طريق الاعلام السلبى.
وبناء عليه من الضرورى أن نفتح الباب على مصراعيه للدراسات المتخصصة فى مجال مواجهة حروب الجيل الرابع ولا سيما فى مجال الإعلام، لكى نحمى مجتمعاتنا من عملية غزو داخلى من خلال نشر الأخبار الكاذبة والأفكار المغلوطة عبر منصات البحث الإلكترونى ومواقع التواصل الاجتماعى وشاشات الفضائيات.
ودعونى اعرض اقتراحا أن يتولى أساتذة من كليات الإعلام فى الجامعات العربية بالتعاون مع خبراء إعلاميين موثوق فى قدراتهم المهنية، التنسيق لعقد سلسلة من المؤتمرات التى تستهدف الخروج ببحوث ودراسات علمية تحت عنوان إنقاذ الإعلام العربى من براثن حروب الجيل الرابع، مع الأخذ فى الاعتبار أن استهداف المجتمعات العربية لا يتم فقط من خلال الإعلام، ولكنه يتم من خلال القوى الناعمة الأخرى، وبالتالى فإن أى دراسة معنية بالإعلام، لا بد أن ترصد ما تم التوصل اليه فى المجالات الأخرى؟
وعلى المستوى الجماعى العربى، أتصور أن تتبنى جامعة الدول العربية هذا الطرح من خلال صياغة مبادرة تدعو الى التعاون العربى المشترك لإنقاذ الإعلام العربى يضعها مجلس وزراء الإعلام العرب فى جدول أعماله فى أقرب اجتماع له ويكلف المؤسسات الإعلامية فى الوطن العربى وضع البحوث والدراسات المذكورة موضع التطبيق، لأن التحرك المنفرد لن يجدى فى عالم اليوم.
خلاصة القول نحذر المؤسسات الإعلامية من مخاطر العمل بلا سياسة تحريرية، تستند الى قواعد وقيم مهنية لأن العمل العشوائى فى مجال الإعلام يقود الى نتائج سلبية تزيف الوعى بعد أن يجرى توظيفها لتنفيذ أهداف معادية وتلك الطامة الكبرى فهل نعى هذا الطرح؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *