أخبار عاجلة

ايمان نعمه تكتب… «نبع الدماء» وفشل إردوغان

المغامرة التي قام بها إردوغان في اقتحامه العسكري لشمال شرق سورية لها دليل واحد وهو إعلان الإفلاس التركي من تحقيق مكانة قوية بين الدول العظمى التي يحاول إردوغان أن يثبت لها أهميته وقدراته في المنطقة ، وستكون نتيجة هذه المغامرة سلبية جدا على الداخل الأمني التركي الذي يلعب فيه أكراد تركيا دورا كبيرا في النسبة المرتفعة التي يمثلونها من المجتمع المحلي وسيواجه إردوغان وحزبه صراعا داخليا أمنيا وسياسيا لن يتوقف إلا بتغيير شامل في السياسة التركية المترنحة .

وهناك احتمالية التراجع بهدف العودة بخطط مختلفة وأعني هنا التراجع الأمريكي من شمال سورية وعودة المخاوف من تنظيم الدولة داعش .

لا بد أن هناك اتفاقية ما بين روسيا وأمريكا في توزيع المصالح وهذا ما يحرك الأحداث بشكل عام ويوزع التواجد العسكري في منطقة الشرق الأوسط لكل من روسيا وأمريكا معا . ويجب عدم توقع استقرار الأوضاع في الشرق الأوسط في فترة زمنية بسيطة فعادة تأتي الرياح بعد هدوء في المناخ العام .

مسألة الأكراد هي مسألة حياة أو موت وعليهم أن يتجنبوا الوقوع في فخ الصراعات الدولية وان لا يتحولوا إلى ورقة رابحة تستعملها الدول للحصول على ضمان مصالحها . وحسب تصريحات زعيمهم في سورية هم قد أدركوا هذه الحقيقة واختاروا الحياة والبقاء . إذا طالبنا بفصل الأكراد في سورية سنواجه فصل الأقباط في مصر والشيعة في العراق والمقصود خطة تقسيم البلدان العربية حسب الطوائف والأديان والأقليات المختلفة ونقبل بأن تتحول الدول العربية إلى دويلات صغيرة متفرقة ومنفصلة تابعة لدول أخرى تسيطر عليها وهذا بالنتيجة سيكون إنهاء للوجود والقرار العربي الذي يعاني اليوم من الضغوط والأطماع الخارجية والضعف العام وعدم الاستقرار الأمني والاقتصادي معا .

العواطف أمر رائع وجميل والتضامن الإنساني الذي يلقاه اليوم الأكراد من دول العالم على مستوى الشعوب والحكومات أمر أجمل ويستحق وقفة احترام وقد ساهم إردوغان عمليا بإثارة قضايا الأكراد ومطالبهم في الاستقلال بالجرائم اللاإنسانية التي اقترفها بحقهم في ” نبع الدماء ” ، لكن القضايا الوطنية الأكبر والتي من حق الشعوب أيضا يجب أن تحزم الموقف ، العربي خاصة وتأخذ الأهمية الأولى لما يترتب عليها من مخاطر ومضاعفات تحيط بكل منطقة الشرق الأوسط .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *