جريدة أحوال مصر
لعله أول كتاب متكامل باللغة العربية يعرض لأهمية القوي الناعمة ودورها الفعال في حماية الأمن القومي ، هو كتاب رصين بعنوان ” الناعمة .. سموم في أواني الجاذبية” للكاتبة المتميزة الدكتورة رشا يحيي, وتتضمن القوي الناعمة خمسة عناصر أساسية هي القدرة الدبلوماسية التي تعكس ثقل الدولة وتأثيرها إقليميآ ودوليآ لتحقيق أهداف السياسة الخارجية، والقدرة السياسية الداخلية التي تعكس العلاقة بين جموع الشعب والسلطة السياسية التي تسعي إلي تحقيق أكبر عائد ممكن من الموارد المتاحة، والقدرة المعنوية التي تعد العنصر الرئيسي في حشد طاقات الشعب للوصول إلي الغاية القومية، والقدرة التكنولوجية التي تعد القاطرة التي تسحب خلفها باقي قدرات الدولة، والقدرة الإعلامية التي تعد أحد عناصر قوي الدولة الشاملة. صدر هذا الكتاب عن منشورات القاسمي بالشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة بعد أن تحمس لإصداره سمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم إمارة الشارقة، والكتاب من تقديم الخبير الاستراتيجي اللواء الدكتور سمير فرج. أما عن المؤلفة الدكتورة رشا يحيي عضو هيئة التدريس بمعهد الكونسرفاتوار بأكاديمية الفنون, وعازفة الفيولا الشهيرة التي نالت العديد من الجوائز والتكريمات من لجان التحكيم الوطنية والدولية مثل إيطاليا وإسبانيا، كما حصلت علي درجة الزمالة من كلية الدفاع بأكاديمية ناصر العسكرية، وليسانس الآداب قسم الإعلام من جامعة عين شمس، وهي رائدة آلة الفيولا في أوركسترا الثقافة الجماهيرية وأوركسترا أكاديمية الفنون، كاتبة صحفية لعدد من الصحف والمجلات المصرية. يقع الكتاب في ٢٤٠ صفحة، ويحتوي علي قسمين، الأول بعنوان القوة الناعمة بين الماضي والحاضر، ويتضمن مفهوم القوة، ونشأة مصطلح القوة الناعمة، والفرق بين القوة الناعمة والقوة الذكية، وطرح بعض النماذج الحديثة لاستخدامات القوة الناعمة في تحقيق الأهداف السياسية، والجيل الرابع من الحروب وعلاقته بالقوة الناعمة. أما القسم الثاني من الكتاب فجاء بعنوان القوة الناعمة داء ودواء ، حيث يستعرض تأثيرات القوة الناعمة علي الأمن القومي، وانعكاسات المتغيرات الإقليمية والدولية علي القوة الناعمة، ثم شرحت الكاتبة باستفاضة كيفية تفعيل القوي الناعمة المصرية لمواجهة القوي الناعمة العدائية، ونقاط القوة والفرص المتاحة لتفعيل قوة مصر الناعمة لحماية الأمن القومي. وحول مفهوم القوة تري المؤلفة أن القوة هي لغة كل العصور، فهي القدرة علي الفعل والطاقة، وتعني كذلك التأثير والنفوذ والسيطرة. وكان الخبير الاستراتيجي الأمريكي " جوزيف ناي" هو أول من ابتكر مصطلح " القوة الناعمة" منذ عام ١٩٩٠،وقد تمثلت رؤيته في أنه إذا أرادت الولايات المتحدة الأمريكية الاحتفاظ بقوتها وهيبتها، فعليها الانتباه إلي قوتها الناعمة من خلال الاستقطاب والإقناع الذي ينبع من تفوق قدراتها السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية، حيث يمكن استدراج الآخرين إلي تحقيق الأهداف الأمريكية دون استفزازهم ودون استخدام الأساليب العسكرية الخشنة، فالقوة العسكرية ذات كلفة عالية ماديآ وبشريآ، فضلآ عن تداعياتها السلبية علي الصورة الذهنية للولايات المتحدة، وهو الأمر الذي أدركه العديد من المفكرين والسياسيين بعد الغزو الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣ والذي نتج عنه ترسيخ صورة ذهنية سلبية للولايات المتحدة من جانب الشعوب الأخرى.. وللحديث بقية..
