أخبار عاجلة

الأرادة .. بقلم محمد أبوالفضل

لقد مثلت ثورة يناير حدثا تاريخيا فارقا وتحوّلا أساسيّا ليس في تاريخ مصر فحسب، بل في تاريخ المنطقة العربية كلها، وفاتحة تغيرات سياسية واجتماعية كبرى في التاريخ السياسي والثقافي بأسره وأنهت عهد الخوف ومصادرة الحريات والأفكار ووضعت حدا للاستبداد والظلم والحيف، وغرست جذور الصمود أمام آلة القمع والدكتاتورية وفتحت مسارا جديدا لتأسيس دولة القانون والمؤسسات والعـزّة والكرامة والديمقراطية. 

وأبرزت الفترة المنقضية أهمية التعاطي والتفاعل مع تجربة الانتقال الديمقراطي المنفردة مقارنة مع نظيراتها التي شهدت ميادينها نفس الأوضاع. فعملية الانتقال الديمقراطي تميّزت بصعوبتها ودقتها وكذلك بانفرادها وخصوصياتها وبتداخل عديد العوامل وبمواجهتها لجميع قوى الجّذب إلى الوراء وأصحاب المصالح الضيّقة . لكن تبقى هذه المرحلة في حاجة إلى ضخّ المزيــــد من الجرعات الحيوية للتّــــوق نحو مستقبل مشرق ومضيء وتركيز كل مؤسسات دولة القانون وتحقيق الاستحقاقات العاجلة وتكريس العدالة الاجتماعية ودعم عملية إصلاح المنظومة الأمنية والقضائية ومزيد بسط الأمن والاستقرار بالقضاء على الإرهاب واستئصاله من جذوره والقضاء على العقليات الانتهازية والفوضوية والقطع مع الكسل. وإعطاء الأمل للفئات الضعيفة والمحرومة والمهمّشة وإعادة التوازنات الاقتصادية وإصلاح المنظومة التربوية التي هي أساس كل تطور ونجاح وازدهار. وتشجيع الطاقات الشابة القادرة على تحقيق النجاح والتميز وتقديم الدعم اللامشروط لها وزرع ثقافة الكد والجد والبذل والعطاء والمساهمة في البناء. والاستفادة من كل الخبرات الوطنية التي أعطت بدون كلل ولا ملل وضحّت بأغلى أوقاتها في سبيل عزة الوطن وريادته. فكل فرد قادر على وضع لبنات تشييد صرح الوطن العالي للصد ضد كل محاولة رجوع أو نكوص للوراء.

فلا ديمقراطية تحقق بدون أوضاع مستقرة و عدالة اجتماعية و تنمية مستديمة ومتوازنة بين مختلف الجهات بدون استثناء. ولا فرق بين مواطن وآخر إلا بالعمل الجاد والمثابرة والعطاء المتميز فالكل أمام مسؤولية جسيمة للمشاركة في بناء مصر الأفضل والحفاظ على مكتسباتها وثروتها البشرية والطبيعية ومخزونها وإرثها الحضاري الرائد وصيانة الثوابت الأساسية  للشعب وضمان حريته وحقوقه وتحقيق استحقاقات  ثورته في الحرية والكرامة والعدالة والمساواة.

أمام الجميع فرصة حقيقية وتاريخية لإحداث تغيرات عميقة للقطع مع الماضي وبناء أسس جديدة لدولة حديثة ديمقراطية قوية ثابتة تكسب مناعتها من قدرتها الذاتية وخلق فضاء رحب من الحرية يسمح بتحرر القدرات للخلق والإبداع والتطور ويقطع مع مظاهر الفساد والرداءة، وإعادة تثمين قيم العلم والعدالة والنزاهة والتضامن والتسامح وصياغة مفاهيم قيميّة تكون دافعا لكل القوى لتشكيل ملامح غد أفضل، فلا مجال  لادخار أي جهد ولو مقدار ذرّة لعلها نافعة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *