خـيارات مصر إزاء التقـارب الأمريكى الإيرانى

حذرنا منذ سنوات من أن التوافق الأمريكى الإيرانى سوف ينهى جميع الحسابات السياسية القائمة على الصراع الأمريكى الإيرانى وطالبنا بأن يتم الحوار العربى الإيرانى قبل أن يصبح العرب مجبرين بعد أن استخدمت واشنطن ورقة عدائهم لإيران فى هذا التقارب الجديد،وأصدرت عام 2010 كتاباً بعنوان «تحديات الحوار العربى الإيرانى» رغم اختلاف الدول العربية حول هذا الخيار. وقبل توقيع الاتفاق المبدئى مع إيران فى الأسبوع الثالث من نوفمبر 2013 نبهت إلى موقع مصر فى الخريطة الجديدة للسياسات الإقليمية
أمام مصر الآن عدة خيارات إذا تمكنت من اجتياز أزمتها الداخلية.
الخيار الأول: هو التعاون مع المملكة العربية السعودية وإسرائيل لعرقلة آثار الاتفاق خاصة أنه تردد أن السعودية تلوِّح بحيازة الأسلحة النووية، كما أن مصر قد يتم تشجيعها من السعودية وإسرائيل على ذلك أيضاً رغم ما فيه من مخاطر جسيمة على إسرائيل واعباء باهظة على الاقتصاد المصرى.
الخيار الثانى: هو التقارب المصرى الإيرانى وفيه مصلحة محققة لمصر ولاشك أن فيه أيضاً مصلحة محققة لإيران رغم أن هذا الخيار سوف يؤدى إلى الجفاء المصرى السعودى وهو أمر لا تحتمله الحالة المصرية من الناحية الاقتصادية والمالية.
الخيار الثالث: أن تقود مصر والسعودية اتجاهًا عربيًا شاملاً للمشاركة فى رسم الخريطة حتى يتمكن العرب من التحكم فى التفاعلات الإقليمية وخصوصًا أن خمسة ملفات كبرى سوف تتم اعادة ترتيبها وهى الملف السورى والملف اللبنانى ووضعية حزب الله فيه والملف الفلسطينى وملف أمن الخليج وأخيراً الملفات ذات الصلة بالشيعة فى البحرين والعراق وغيرهما. وإذا كان الصراع السنى الشيعى هو إحدى الركائز السياسية والدبلوماسية فى بعض الدول العربية لإرهاق القوة الإيرانية فإن الخرائط الجديدة ستؤدى إلى تخفيف الملف الطائفى بناءً على تفاهمات محددة.
يبدو لنا أن خيار مصر بعرقلة آثار الاتفاق لن ينجح،بسبب اصرار واشنطن وفق رؤيتها لمصالحها عليه. أما خيار التحالف مع السعودية وإسرائيل فإنه يضر مصر ضررًا بليغًا ويجعل مصر تحارب معركة إسرائيل أساساً لأن مصر ليس لها مشكلة مع إيران، كما أنها تحارب معركة السعودية التى تشعر بأن التقارب الأمريكى الإيرانى قد أحبط بل ويؤذن بالحد من أدوارها ويسند مهمة أمن الخليج إلى إيران وإسرائيل مما يضعف دور السعودية حتى فى اطار مجلس التعاون الخليجى . إذاً فالخيار الوحيد هو دراسة كيفية التعاون مع السعودية للحوار مع إيران لأن هذا الطريق سوف ينشئ مناخاً جديداً لصالح الطرفين بدلاً من السلام الإيرانى الذى تريد واشنطن أن يفرض على العرب دون أن يكون لهم قول أو مصلحة فيه. وإذا بدا هذا الافتراض الخاص بأمن الخليج صادماً، فإننا نرى أن الصدمة الأكبر هى أنه إذا تم معاملة العالم العربى على أنهم خارج التاريخ والجغرافية وربما تكتمل الدائرة فيقوم التحالف الإيرانى التركى الإسرائيلى وذلك لاحتواء الأزمة الكردية التى تحدث مشاكل هائلة فى العلاقات بين إسرائيل من ناحية وتركيا وإيران من ناحية أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *