تدهشني عبارة < السياسة الاوبامية > المنسوبة الى السياسة الخارجية للرئيس الامريكي اوباما .. فان كانت سياسات الدول العظمى مبنية على خطط بعيدة المدى فان نسبها الى شخص واحد او حتى الى حزب معين يجعلها تفقد صلاحيتها وهذا امر غير معقول طبعا . اذا كان تهديد اوباما بضرب سورية عسكريا لم يكن بحد ذاته انجازا حقق اهدافا مهمة فماذا نقول عن تجريد الجيش السوري من اسلحته الكيماوية وماذا نسمي الموقف العربي < المرتجف > من اي تصريح يصدر عن مسؤول امريكي على مستوى وزير خارجية او حتى سفير .. ! احيانا اشك ان للرئيس الامريكي حق اختيار ربطة العنق التي سيظهر فيها امام شاشات التلفزة والصحافة العالمية . من الطبيعي ان تتحول امريكا الى موقف الدفاع عن الانجازات التي حققتها بعد الحروب التي خاضتها في المنطقة والتي كلفتها الكثير من الجهد والمال .. ولا بد هنا من التذكير بأن النفط هو العامل الرئيسي للصراع الدولي في المنطقة بعد ان فشلت اوروبا والمانيا تحديدا في ايجاد بديل للطاقة يساوي في تكلفته تكلفة النفط . لو ان العرب اجتمعوا على حل قضاياهم والحيلولة دون تقطيع وتهميش وتجريد ، والاوصاف عديدة لهذا الوضع الذي يقود الوطن العربي الى ما سميّ بخارطة الشرق الاوسط الجديد والى ما اصبح يشّبه بسايكس – بيكو جديدة ..! وعلى رأسهم مصر التي قدمت للعرب اكبر عدد من الشهداء والضحايا من ابناء جيشها الباسل هذا الجيش الذي يستحق ان ننحني له احتراما وتقديرا على مواقفه التاريخية المشرفة لكل العرب . لو انهم اجتمعوا معا ليسجل التاريخ على الاقل لهم انهم قد حاولوا .
ربما يكون ابرز ما سلطت عليه الصحافة الامريكية والعالمية في حديثها عن < جنيف /2 > هو التعاون المشترك الذي بات معلنا بين الخارجية والاستخبارات الامريكية وبين ما يسمى بائتلاف المعارضة الوطنية السورية وهناك اكثر من اشارة الى الدعم المادي والتسليح والوعود التي يحصل عليها الائتلاف من امريكا .. وبالمقابل يثير قلق الرأي العام نشاط القاعدة في المنطقة واعلانها عن الدولة الاسلامية في العراق والشام ، وظهر مؤخرا هذا الاعلان في لبنان ايضا . تشير التقارير الى ان سجون ما يعرفوا باسم الجماعة في سورية تحتوي على ما يزيد على 35 صحافيا اجنبيا مختطفا بالاضافة الى 60 ناشطا سياسيا سوريا وهناك انباء عن هروب العديد من الصحفيين السوريين الى تركيا خوفا من الجماعة . هذا بالاضافة الى وجود < جهاديون > اجانب يجندوا في بلادهم من قبل مقاتلي القاعدة للقتال في سورية الى جانب < العقائديين > السوريين المسلحين . كتب ديفيد اغناتيوس في مقالة له يقول – وهو صحافي وروائي ومحرر مشارك وكاتب عمود في صحيفة واشنطن بوست – بما معناه ان هذا الوضع في سورية لن يخلق حالة من الاستقرار فيها وانه من المتوقع ان يحتد الصراع عسكريا بين المعارضة السورية في حال تسلمها للسلطة وبين فصائل الجماعة وانها ستكون البداية وليست النهاية لحالة من اللا استقرار في المنطقة . كنت قد كتبت في مقال سابق لي عن ما يسمى بسياسة دعم الطرفين وهي سياسة تهدف الى شبك الاطراف المختلفة فيما بينها مع بعضها البعض بهدف التمكن من السيطرة بسهولة وبأقل تكاليف واضرار على منطقة الصراع وشبهتها بالمقولة الشعبية ” فخار يكسر بعضه ” . قد يكون جنيف الحقيقي هو الاتفاقيات التي لم يعلن عن محتواها بين روسيا وامريكا .. والرؤيا اصبحت اكثر وضوحا والتي تقودنا الى الشك في وجود خطة لتقسيم المنطقة من جديد كواقع لا بد منه يفرض نفسه لحل الصراعات الطائفية والسياسية في المنطقة . واعود واتمنى لو ان < جنيف > كان جنيف العرب .