كنوز الوطن
الإبتسامة لا تغادر وجهة، الهدوء لا يغيب عن طبعه، البساطة دائماً في تعامله، دبلوماسي في خلقه ورقي تعامله، لكن ليس كل هذا ما يجعلني أكتب عن السفير محمد العرابي، فالأهم في شخصيتة بجانب هذه الخصال الطيبة التى تنم عن أصالة إنه أيضاً صورة مشرفة للدبلوماسية المصرية العريقة، يمتلك مهارة القرار والقدرة على التفاوض الذكي، والرؤية المتعمقة للقضايا المختلفة، صمته وهدوءه يخفي وراءه عقلية واعية، وفكر وعقلانية.
شغل العرابي العديد من المناصب فى وزارة الخارجية لكن أبرزها وأهمها كان سفير مصر فى برلين وكان بحق واحداً ممن يطلق عليهم مهندسي العلاقات المصرية الالمانية علي كافة المستويات بما فيها الشعبية، فقد نجح خلال فترة عمله هناك والتى امتدت لثماني سنوات أن ينسج علاقات جيدة على كافة المستويات مهدت وساهمت بشكل كبير في نمو تلك العلاقات ونقل الخبرة الالمانية في كثير من المجالات إلى الشباب المصري فهو صاحب الأداء الدبلوماسي الرفيع الذي اعتمد على الدبلوماسية الشعبية، والثقافية.
السفير العرابي وزير الخارجية الأسبق عرفته منذ سنوات محباً وداعماً لكل أبناء مصر ، وعقب ثورة 30 يونيو وفى ظل حالة التخريب والتشكيك المتعمدة التى كانت تمارسها جماعة الارهاب بكل السبل كان يتنقل بين المحافظات ووسط مدرجات الجامعة كي يشرح لشباب مصر التحديات والتهديدات والمخاطر التى تواجه الوطن وخطورة تلك الجماعة وفكرها ويفند أكاذيبها ويفضح المؤامرة التى تستهدف مصر.
ورغم المناصب والمواقع التى تولاها سفيراً او وزيراً أو رئيساً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب لكن محمد العرابي كان وما زال يتميز بالتواضع الإنساني الذى لا تخطئه عين فلا يرفض طلباً ولا يتردد فى مساندة أحد، وبجانب هذا فقد وجدت فيه ميزة ربما لا ينتبه إليها البعض وهو أنه يحتفظ بانتماء حقيقى للإعلام الوطنى المصرى وحرص على أن يدعمه قدر إمكانه ايماناً بدوره الذى يراه ما زال مهما وغير قابل للتراجع.
كثيرا ما طلبته ضيفاً في برامج متعددة لشرح وجهة نظر الدولة المصرية فلم يتردد فى تلبية الدعوة بدافع وطنى ليشرح الإنجازات التى تتحق على أرض الواقع بلغة سهلة قريبة إلى الناس ومفردات خاصة يختص بها السفير محمد العرابي الذي تعلمت منه أيضاً معنى الوفاء لوالدينا فدائماً يتحدث عن فضل الأب والأم وربما كانت اللفتة التى لم يتوقف عندها الكثيرون أنه عندما تولى منصب وزير الخارجية كان اول ما فعله زيارة قبر والدته لانها صاحبة الفضل عليه.
شرفت بشكل شخصي بإجراء عدد من الحوارات الخاصة الانسانية مع السفير العرابي حتى ينقل خبرته للشباب كى يستفيد من تجاربه المتعددة وخبرته ورحلة كفاحه فرغم نشآته الارستقراطية إلا أن العرابي نموذج للكفاح والجد والمثابرة.
خدم العرابي أيضاً في صفوف القوات المسلحة كضابط احتياط وأمضي عدة سنوات في صفوفها، قبل أن يلتحق بالسلك الدبلوماسي وكان لهذه الفترة تأثير كبير فى شخصيته القيادية الهادئة والحاسمة، بل وكان لها أيضاً دور فى إدراكه لمعنى الوطن وقيمة الارض وقوة الدولة ومؤسساتها الوطنية ولذلك فهو على مدى تاريخه لا يتأخر عن مهمة يخدم من خلالها الدولة المصرية عن قناعة أن كل مصرى يجب أن يكون مقاتلاً فى موقعه وأن يدافع عن بلده بالسلاح الذى يمتلكه والمهارة التى يتمتع بها، ولن ننسى طبعا دوره الوطني في 30 يونيو.
السفير محمد العرابي لديه عشقه خاص للثقافة والفنون والتعليم عنده قضية فاصلة فى تطور الأوطان ودائماً يحدثنا عن أهمية التعليم ويطلعنا على كافة التجارب الخارجية التى كان حريصا ان يدرسها بعمق.
وفى النهاية يبقى أن اشير إلى أنه على هدوءه لكن بداخله طاقة هائلة من الطموح الذى لا يتوقف، فهو لا يعرف اليأس بل يراهن دوماً على الأمل والتفاؤل ولن أنسى كلماته وتشجيعه لي كل فترة مؤكداً لي دوماً أن النجاح لايأتي الا لمن يستحقه وطالما يعمل الانسان ويجتهد فالنجاح سيكون حليفه مهما واجه من صعوبات وما تعثر أو اصطدم بمعوقات، وهذه النصيحة هى التى اعمل بها واتذكرها كلما واجهت مشكلة.