نظرة (1):
العين.. وما أدراك ما العين..! سبحان الذي أحسن كل شيء خلقه }صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ{.
بلى.. حسب العين أنها آية من آيات الله.. إذن فلأقسم بالعين، بإبصارها وأسرارها.. بسذاجتها ودهائها .. بطيبتها ومكرها.. بخيرها وشرها.. بنورها ونارها.. بنظرتها الأولى التي هي لك، والثانية التي هي عليك، وما أكثر ما علينا من جراء الأخيرة.. !..
ولأقسم أيضا بدموعها الصادقة الصادرة من لغة الأعماق البعيدة، ودموعها التي تغالب دموع التماسيح تمثيلا ومخادعة.. بإحورارها الساحر.. وإحمرارها الفاتن.. وإصفرارها الحاسد.. وشررها الحاقد.. وأقسم بكمية المفارقات والمتناقضات.. وبنوعية الثنائيات والزوجيات… في تلك العيون التي فيها ولها وعليها..!.
انسالت علىّ الخطرات، المعقول منها واللامعقول، المشهود منها والغيبي، البدائي منها والعصري، الرؤية منها والرؤيا.. وأنا أسلم عينيّ الى جراح العيون د.احمد لبيب ، كيف أسلمت لك عينيّ وفي طرفها : صحافة وسياسة.. وفكر وثقافة.. وإعلام حقيقي- صار الآن«أضغاث إعلام» إلا قليلا – وفي طرفها أيضا قلم وألم وأمل .. وعذاب وعذوبة تتغشاني منذ ستة عقود أو يزيد – وكل عقد عشته مضاعف -وفيها أوجاع محتلة أكبر مساحة من العمر، وأوضاع مختلة في عالم تبدو متغيراته أكثر من ثوابته، وشره يغتال خيره أو يحاول ولا يمل..
ولقد رأت عيناي الكثير والمثير، المرعب والمفرح، المؤنس والموحش، والمخبوء أكثر من المكشوف، وما وراء الأقنعة أخطر من الأقنعة ، ومن كثرة الاتصاق كم تتفتت وجوه أصحابها.. وهم يعلمون ويزعمون أنهم لا يشعرون..!.
نظرة (2) :
الله معك أيها الطبيب.. عسى ان يلهمك أن توقف هذا النزيف الدي تفجر من أوعية العين الدموية بعد طول مجاهدة في الكتمان، ولم تعد تحتمل، إذ لابد للمكبوت من فيضان.. رغم تقدم الطب وتطور العلم وقدرته على النفاذ لمصدر الألم، إلا أن ما وراء سطح العين من مخزون فكري يحتاج عمليات تنقيب أكثر من التنقيب عن النفط في صحراء متوحشة … ففي القاع كتل سردية من العذاب والعذوبة، وإشكاليات أكثر منها مشاكل، فالأولي معقدة جدا والثانية قد يسهل حلها.. أعانك الله أيها الطبيب وأنت تسلك طريقك في مدينة العيون بدروبها وسواحلها وبحورها وحورها.. فأنت تامعالج، لكن الشافي هو الله، ولعل من أجمل أدبيات خليل الله سيدنا ابراهيم، أنه أرجع كل خير إلى الله، لكنه نسب المرض الى نفسه} الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ، وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ، وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ{ (سورة الشعراء : 78،79، 81). أرأيتم أدب الخليل مع ربه، ولنا القدوة الحسنة فيه، وفي أولى الناس به سيدنا محمد صلى الله عليه وملائكته.
نظرة (3)
في سلام نسبي.. وفي استسلام على مضض تام.. أتلقي ضربات الليزر ولكماته.. وكأن الليزر مصارع متوحش، مع طرف لا حول له ولا قوة، مكتوف الأيدي، أين سوط لسان صاحبه الذي لا يتوقف.. وسوط الله لا صوت له..!.نعم خلق الإنسان ضعيفا..
أتلقي ضربات الليزر، ومع كل ضربة اتذكر نظرة.. وأستدعي وخزة.. وأستعيد نزغة.. وأسترجع مشاهدة.. وأرى ومضة… وأمارس بالفكر كل أفعال الرؤية : أرى.. أشاهد .. أنظر.. أحدق .. أرنو.. أرمق..!.
تخبرنا لغة العلم، طبقا لتأكيد الدكتور أحمد لبيب«أن الليزر أو تضخيم الضوء بالانبعاث المحفز للإشعاع (بالإنجليزية: Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation اختصاراً LASER) هو إشعاع كهرومغناطيسي تكون فوتوناته مساوية في التردد ومتطابقة الطور الموجي حيث تتداخل تداخلا بناءً بين موجاتها لتتحول إلى نبضة ضوئية ذات طاقة عالية وشديدة التماسك زمانيا ومكانيا ذات زاوية انفراج صغيرة جدا، وهو مالم يمكن تحقيقه باستخدام تقنيات أخرى غير تحفيز الإشعاع، بسبب طاقتها العالية وزاوية انفراجها الصغيرة جدا، وتستخدم اشعة الليزر في عدة مجالات أهمها القياس كقياس المسافات الصغيرة جدا أو الكبيرة جدا بدقة متناهية، ويستخدم أيضا في إنتاج الحرارة لعمليات القطع الصناعي، وفي العمليات الجراحية خاصة في العين، وفي الأجهزة الإلكترونية لتشغيل الأقراص الضوئية».
نظرة (4)
يا إلهي. كل هذه اللكمات الليزرية أيها الطبيب، وتقول لي إن العين تفلق الحجر؟! بالله عليك أهذه عين تفلق الحجر؟.
نعم، البعض يؤمن بأن العين حق ، لكن أكثر من إيمانه بأن الله خير الحافظين، وهذا ما نبه إليه شيخنا العالم المستنير علي الطنطاوي منذ زمن بعيد.
ثمة علاقة بين العين والحسد، مع الآخذ في الاعتبار أن هذا الموضوع أكبر بكثير من الإحاطة به هنا، بل وأعظم من المفاهيم المسطحة التي يتم تداولها بسذاجة، فالحسد صفة تحمل صاحبها على القيام بعمل مؤذ، لقوله تعالى: }ومن شر حاسد إذا حسد{ (الفلق: 5) وإن الشر عمل واع مقصود، لقوله تعالى: }ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره{ (الزلزلة: ? أما العين فلها تأثير واحد علمي وهو: إذا نظر مجموعة من الأشخاص وركزوا نظرهم إلى شخص معين وهو يمشي، فربما يؤدي إلى انزلاقه ووقوعه على الأرض لقوله تعالى: } وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون{ (القلم: 51).
وفي نور هذه الآية الكريمة، ينبئنا القرآن العظيم في أحد المشاهد الرائعة والمروعة التي تشي بمقدرة العين الحاقدة والحاسدة، ليزلقونك أي ليعينونك بأبصارهم بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك، إنهم من شدة تحديقهم ونظرهم إليك شزرًا بعيون العداوة والبغضاء، يكادون يزلون قدمك من قوله، إذ لم يجدوا في الذكر الذي يسمعونه مدخلا للطعن فيه، فانصرفوا إلى الطعن في صاحبه صلى الله عليه وملاكته بأنه مجنون؛ لينتقلوا من ذلك إلى أن الكلام الجاري على لسانه لا يوثق به؛ ليصرفوا دَهماءَهم عن سماعه، وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق كما وردت بذلك أحاديث مروية من طرق متعددة كثير.
نظرة (5) :
وردت في التنزيل الحكيم كلمة (البصر) ومشتقاتها وتصاريفها 148 مرة، وذكرت كلمة (السمع) ومشتقاتها وتصاريفها في القرآن الكريم 185 مرة، وحيثما وردت كلمة السمع في القرآن الكريم عنت دائما سماع الكلام والأصوات وإدراك ما تنقله من معلومات، بينما لم تعن كلمة البصر رؤية الضوء والأجسام والصور بالعينين إلا في 88 حالة فقط، إذ إنها دلت في باقي المرات على التبصير العقلي والفكري بظواهر الكون والحياة أو بما يتلقاه المرء ويسمعه من آيات وأقوال وقد ترافقت كلمتا (السمع) و (البصر) في 38 آية كريمة، ثمة تفاصيل كثير يسردها د. صادق الهلالي«الإعجاز العلمي للقرآن الكريم في السمع والبصر والفؤاد»عن هذه الرؤية
نظرة (6) :
حاولت أن أحقق معادلا موضوعيا مع«لكمات»الألم الليزري عنفا ولطفا، تارة مع الشعراء.. وتارة أخرى مع الأمثال الشعبية العالمية.. وتارة أعظم مع الصوفية والسباحة في بحور الحب عندهم ومنظورهم إلى العين الثالثة..!.