بينما تأتي الولايات المتحدة الأمريكية كثاني أكبر مصدر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مع ما يقرب من 5.41 مليارات طن متري من الانبعاثات خلال عام 2018، وقد تسبب قطاع النقل والصناعة وتوليد الطاقة في الجزء الأكبر من انبعاثات عام 2020، أما الهند فهي ثالث أكبر مصدر لانبعاث ثاني أكسيد الكربون في العالم، حيث أنتجت حوالي 2.65 مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون في عام 2018، مع انطلاق الاقتصاد الهندي على طريق التحضر والتصنيع، وارتفاع استهلاك الوقود الصلب، مثل الفحم، تُعدُّ روسيا رابع أكبر مساهم في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم؛ حيث بلغ حجم انبعاثاتها 1.71 مليار طن متري عام 2018؛ وذلك لأن الغاز الطبيعي هو مصدر الطاقة الرئيس لتوليد الطاقة في البلاد، تحتل اليابان المركز الخامس على مستوى العالم؛ حيث أنتجت 1.16 مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون عام 2018.
المؤسف هنا حقا وصدقا، أن أكثر من 190 دولة توصلوا إلى اتفاق خلال المفاوضات النهائية لاجتماع قمة جلاسكو، بهدف تعزيز تعهداتهم بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عالميًّا، ولكن الاتفاق – نكرر أسفنا الشديد – ليس إلزاميا……!!، والغريب العجيب، أن الأمين العام للمؤتمر ظل يستجدى القادة أو يطلب منهم الوفاء بتعهداتهم في القطاعات الرئيسة؛ مما يثير تساؤلات حول كيفية متابعة أداء الحكومات في العقد المقبل، وقد قوبل ذلك بخيبة أمل العديد من المندوبين نظير عدم حصولهم على المزيد من الالتزامات الملموسة خلال العملية التي تتطلب موافقة جميع حكومات العالم تقريبًا…..!!
ما سبق من إلقاء الضوء على بعض جوانب مؤتمر المناخ الـ 26، ينقصه التطرق إلى النتائج الكارثية إذا استمرت الدول الكبرى في سياستها المناخية، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض، والذي سيصاحبه تغيرات لا حصر ستؤثر على البشر جميعًا؛ أبرزها:
– حالات الجفاف، والأعاصير، وارتفاع منسوب مياه البحر، وحرائق الغابات، وكلها أصبحت أحداثا منتظمة في عالم شهد ما يقرب من 40 مليار طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (CO2)، والتي انطلقت في الغلاف الجوي خلال عام 2018، الأمر الذي سيصاحبه تغير مناخي مؤكد، سيجعل العمل في الهواء الطلق أكثر خطورة؛ حيث يدرس الباحثون كيف يمكن أن تؤدي درجات الحرارة المرتفعة للغاية والناجمة عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى خسائر في إنتاجية العمالة، ووجدوا أن كل تريليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة يمكن أن تسبب خسائر في إجمالي الناتج المحلي العالمي بنحو نصف بالمائة، وأشاروا إلى أن العالم يشهد بالفعل خسائر اقتصادية تصل إلى %2 من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
هذا، وقد توافق الباحثون على أن قطاعات الزراعة، والتعدين، واستغلال المحاجر، والتصنيع، والبناء تُعدُّ القطاعات الاقتصادية الأكثر أصبحت معرضة هي الأخرى للحرارة، والتي تمثل 73% من ناتج الدول منخفضة الدخل، وبالتالي ستصبح الدول النامية الأكثر تضررًا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وليس هذا فحسب، حيث تشير العديد من الدراسات إلى أن ارتفاع درجة الحرارة نتيجة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون يمكن أن يسبب عددًا كبيرًا من الوفيات بشكل مباشر، حيث أن هناك 83 مليون حالة وفاة تراكمية متوقعة بين عامي 2020 و2100، أي بحلول نهاية القرن الحالي، وهذه الزيادة المتوقعة في الوفيات السنوية، والتي تبلغ 4.6 ملايين حالة، ستضع التغير المناخي في المرتبة السادسة في قائمة مخاطر العبء العالمي للأمراض لعام 2017 قبل تلوث الهواء الخارجي (3.4 ملايين حالة وفاة زائدة سنويا)، وأقل بقليل من السمنة (4.7 ملايين سنويا).
وهنا تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع درجة الحرارة يجعل من الصعب على البشر تنظيم درجة حرارة الجسد، فعندما تتجاوز درجة حرارة المصباح الرطب درجة حرارة الجلد (35 درجة مئوية)، لن يكون بإمكان البشر تبديد الحرارة في البيئة؛ مما سيتسبب في زيادة خطر الوفيات، ومن المتوقع أن يزداد تواتر الأيام الحارة بشكل كبير في متوسط درجات الحرارة العالمية في المرحلة القادمة، ومن المتوقع كذلك أن تتضرر الأماكن ذات المناخات الأكثر سخونة بالفعل بسبب التكرار المتزايد بشكل كبير للأيام شديدة الحرارة، بينما الأماكن ذات المناخ البارد من المحتمل أن تشهد نقصا في الوفيات الناجمة عن التغير المناخي، ومع ذلك ستشهد انخفاضا في وتيرة أيام البرد القارس.
هناك العديد من السياسات التي يمكن أن تحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتبطئ ظاهرة الاحتباس الحراري، ومن المتوقع أن يكلف بعضها تريليونات الدولارات للحكومات ودافعي الضرائب. ومع ذلك، فإن المجتمع سيدفع الثمن أيضًا إذا لم يفعل ما يكفي لمكافحة التغير المناخي، وقد كشف مسح جديد أنه إذا لم يتحرك العالم بسرعة، فقد يكلف التغير المناخي العالم نحو 1.7 تريليون دولار سنويا بحلول عام 2025، ويزيد إلى نحو 30 تريليون دولار سنويا بحلول عام 2075، وإذا ارتفعت درجات الحرارة العالمية بنحو 2.4 درجة مئوية، يمكن أن يؤدي هذا إلى خسارة ما يقرب من 0.5 إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي للويلات المتحدة الأمريكية بحلول عام 2090، وإذا وصل ارتفاع درجة الحرارة إلى 4.7درجات مئوية، فقد تصل خسارة الناتج المحلي الإجمالي إلى 6%.
إذا بدون مساعدة الطبيعة، لن نزدهر أو حتى نبقى على قيد الحياة، وهذا ما ستطرق إليه مصر العام القادم أثناء استضافتها لقمة المناخ الـ 27 بعد قمة “كوب 26” للمناخ، والتي ناقشت إمكانية الوصول إلى صفر انبعاثات كربونية، ولا شك أن مصر ستؤدي في هذا الجانب دورًا رائدًا على مدى عام كامل.
الحديث عن عدم وجود اتفاق ملزم من جانب الدول الكبرى للحد من الانبعاث الحراري، يجعلنا نتطرق في الكتابة إلى ما يسمى بـ “تخليق الفيروسات، أو أماكن وجودها واحتمالية استخدامها”، وهذا الأمر ينذر بخطر لا يحمد عقباه بحسب ما كشف عنه أحد الخبراء العالمين في الأمراض ويدعى البروفيسور دنيس كارول عندما حذر من أن “الميكروبات القديمة المجمدة ستشكل خطرًا على البشرية، مع ارتفاع درجات الحرارة التي تذيب القطب الشمالي”، وأضاف “كارول” – في فيلم وثائقي عن عرض على شبكة “نيتفليكس”، لصحيفة “ميترو” اللندنية – قائلا: يجب أن نكون حذرين للغاية بشأن التقليل من التهديدات المحتملة التي يمكن أن تشكلها الجراثيم التي ولدت من جديد، لأن الأمراض القادمة من الحياة البرية؛ يجب أن تكون مصدر قلق عالمي بعد جائحة فيروس كورونا.