في عام 1989، وبعد انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية بشهور قليلة زرت العراق لحضور فعاليات معرض بغداد الدولي للكتاب، وكان قد توقف طوال الحرب التي بدأت فى سبتمبر 1980 حتي أغسطس 1988، وكانت مصر تقريبا هي الدولة العربية الوحيدة التي شاركت في هذا المعرض.
كانت العراق تعاني آثار الحرب الطويلة التي وصلت قبل نهايتها إلى القصف المتبادل في العمق العراقي والإيراني حتي وصل القصف إلى المنشآت الحيوية والمباني الكبيرة في بغداد العاصمة، وبينما كنت أتابع التليفزيون العراقي من غرفتي بفندق بغداد الدولي شاهدت بثا مباشرا لأحد المواقع التي يعاد بناؤها بعد هدمها من القصف من أشهر قليلة قبل أن تتوقف الحرب..
أخذني الفضول إلى مغادرة الفندق لمشاهدة ما يجري علي الطبيعة خصوصا أن مكان التصوير قريب من شارع السعدون الذي فيه الفندق الذي أنزل فيه.. وهناك سألت: لماذا المتابعة على الهواء مباشرة.. وهل هذا يحدث دائما أم لأن الموقع قريبا من شارع السعدون الرئيسي والحيوي والذي يمر منه غالبا مسئولون حكوميون؟
الإجابة كانت قاطعة وحاسمة.. كلما حدث قصف لمنشأة أو مبني.. كان يجري على الفور- وبعد تأمين المكان – إزالة كل الركام وآثار الهدم، ويبدأ بعده مباشرة إعادة البناء ومعه عداد يحدد وقت الانتهاء من البناء، وهذا هو حال العمل سواء في ذلك أو في أي مشروع ونحن في حالة حرب.. ولأن الإعلام شريك لنا في الحرب، وسلاح مهم لتنبيه الرأي العام وتذكيره بما يحدث فإنه يتواجد علي مدار الساعة في مواقع العمل والبناء، لأن نقل الصورة الحية والمتابعة اليومية تعزز ثقة المواطن في حكومته ودولته، وتزيل أولا بأول ما قد يلتبس على المواطن من أخبار ومعلومات مضللة، والأهم أن الصورة الحية والمتابعة الدائمة حتي يكتمل العمل تجعل دائما المواطن شريكا فيما يحدث ومستعدا للتضحية من أجل بلده.
تلك هي الدروس المستفادة من سرد الحكاية.. ولعلي أقول هذا الكلام بمناسبة دور الإعلام في بلدنا الذي لديه من الإمكانات المادية واللوجستية وأيضا الطلب المتكرر من الرئيس السيسي لأن يؤدي دورا واضحا في نقل الصورة ومتابعة ما يتم علي أرض الوطن من مشروعات كبيرة وعظيمة علي مدار الساعة واليوم، ولا يكتفي فقط بمتابعة يوم افتتاح مشروع أو أكثر وينتهي الأمر عند هذا الحد مع بعض الحوارات والتعليقات غير المتخصصة في الغالب.
في الإعلام.. الصورة بألف كلمة، واللقطة الحية المباشرة بألف ألف كلمة، ونحن نحتاج إلي متابعة ما يجري على أرض مصر في كل معاركها الوطنية والتنموية خصوصا تلك المشروعات التي تصيغ معالم الجمهورية الجديدة.
صحيح الرئيس عبد الفتاح السيسي يقوم دائما بهذا الجانب في لفت الانتباه ووضع الحقائق في سياقها والرد على كثير من المغالطات التي يستغلها الكارهون والحاقدون بسبب غياب إعلام ناضج وواعي يفهم جيدا قضايانا الوطنية.
أعتقد جازما أن الإعلام لو انتبه لما يقوله الرئيس من أهمية المتابعة للمشروعات والأعمال التي تنفذها الدولة بالشرح والتحليل مع الصور الحية – بدلا من تضييع الوقت في برامج وحكايات تافهة – لأجاب عن الكثير من علامات الاستفهام الحائرة عند الناس بسبب غياب تلك الصورة، وأزال الفجوة المزمنة من عدم الثقة، وعزز الانتماء الوطني بما يكفل حماية دائمة للوطن من أعدائه في الداخل والخارج.