كثيراً ما أستمع الي سورة يوسف و لكني توقفت كثيراً أمام تلك الآية التي يخاطب إخوة يوسف بعضهم البعض و هي
(اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعدها قوماً صالحين
هنا ذكر الله في كتابه الحكيم حديثاً بين إخوة نبي و هنا أيضاً توثيقاً حتي تحدث معجزته و يلتقي بأبيه بعد سنوات و تتحقق رؤياه و لكن هل كان الله يرسل لنا أيضاً معني آخر للإنسان و تحليل شخصيته مهما تباعدت الأزمنة و تغيرت طباع البشر ؟
لم أدعي يوماً أنني فقيه بل ما أريده من تفسير أو إستفسار أجدني عند باب الأزهر الشريف حامي الرسالة و المرجع الديني الذي يرتاح له قلبي و يستصيغه عقلي .
أخذني عقلي لهذا الزمن الذي نحياه و حاولت المقارنة بين تلك الآية كقصة و الصفة المشتركة للإنسان التي لم تختلف و هي مسألة أتوب أولاً قبل أن أفعل ما أتوب من أجله ؟ أم أرتكب المعاصي حتي أتوب و أستغفر ؟ وجدت أن لغة الزمان هي ربط المعاصي بالتقوي أسرق أولاً ثم أتوب أرتشي و بعدها أبني مسجداً و أقتل ثم أبحث عن تقديم الفدية و أن ألحد حتي أعود الي إيماني كل تلك المبررات وجدتها في كلمة إخوة يوسف بعد إتفاقهم علي قتل أخيهم أن يكونو بعدها قوماً صالحين كيف ؟ و من يضمن أن الإنسان بعد الشرك سيبقي و أن بعد إجرامه سيكون صالحاً لقد وجدنا في أفلامنا تاجر المخدرات الذي ينوي التوبة بعد أكبر صفقة في حياته ثم يتوب و نسي و تناسي أن تلك الصفقة تقتل الآلاف من البشر ثم ينام قرير العين بتوبته و كأن الله غافلاً عنه !!!!!!!!
ثم وجدنا في أفلامنا المقاول الجشع الذي يغش في مواد البناء ثم يهدم علي أهله و بعد جمع الأموال يتصدق ببعضها لبناء مستشفي عجباً و كأنه كان ينتظر موت ذويه ليتصدق من المال الحرام !!!!!!!
ثم شاهدنا في مجتمعاتنا و سمعنا جملة إن شاء الله آخر عملية و أتوب و هنا يجعلني أجزم أن الله كان يرسل لنا رسائل لا تنتهي عند نزول السور و الآيات بل كان يخاطبنا الآن و ينذرنا و يعطينا من الدروس السابقة وجبة دسمة متكاملة عن طبيعة البشر و أهواء النفس و ملذات الحياة التي تعمي أبصارنا عن الطريق المستقيم
نحن رأينا الأهل ينصحون الأبناء بعدم الكذب مرة أخري و كل يوم يرانا الأبناء نكذب آخر كذبة و سمعنا و سمعنا و سمعنا كلها تنتهي بكلمة آخر مرة أسرق و اكذب و اقتل و ارتشي و أنم وأغوص في أعراض الناس و أتلصص
كل تلك الأفكار التي راودتني هي نتاج تركيزي في تلك الآية العجيبة التي من الممكن أن تمر كقراءة سورة و لكني وجدتها رسالة أن لا تربطوا العدل بالظلم أولاً و لا تربطوا الحرام و كأنه طريق الحلال و لا تربطوا الحقد أولاً و بعدها تلين القلوب
إقرأ سورة يوسف فهي ليست قصة بل هي ما نحياه الآن