عمار يا مصر
منذ أن دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي لإجراء حوار وطني تشارك فيه كل فئات المجتمع ، وكل ألوان الطيف السياسي إيذانا بميلاد تجربة سياسية وديموقراطية تدعم ركائز الجمهورية الجديدة التي بدأ بناؤها منذ عام 2014 ، والمجتمع في حالة مخاض انتظارا لنتائج هذا الحوار
والحقيقة أنه منذ أطلق الرئيس الدعوة وقال أن الوطن يتسع للجميع ، ويستوعب كل الآراء تصورت جماعة الإخوان الإرهابية أن الفرصة حانت للدخول إلي المشهد السياسي من جديد ، وأنه قد “عفا الله عما سلف ” ، وبدأت أدوات الشر في العمل ، وأبواق العمالة تصيغ خطابا ناعما أحيانا ، ومشروطا أحيانا أخري !
وبدأنا نسمع ونقرأ ونتابع دعوات بالتصريح والتلميح عن وساطات يقوم بها البعض ليشارك الإخوان في الحوار الوطني ، وتابعنا أخبارا تتحدث عن ضغوط خارجية مباشرة وغير مباشرة للسماح للجماعة بالولوج إلي الحوار حتي وإن كان من وراء ستار ، أو عن طريق وسيط يمكن قبوله للمشاركة في الحوار علي طريقة ” محلل الزوجة البائن ” لتعود لزوجها من جديد !
البعض ممن يميلون إلي الجماعة وكانوا في وقت سابق يتحالفون معها استراتيجيا وتكتيكيا – وفقا لحسابات المصالح – يضغطون في اتجاه السماح للجماعة بالمشاركة ويقولون : طالما أن الوطن يتسع للجميع ، وطالما أن منهم من لم تلوث إيديه بالدماء فلماذا لا يدعون إلي الحوار ويشاركون فيه ؟
عبارة ” أيديهم غير ملوثة بالدماء ” هي قولة حق يراد بها باطل .. إذ ليس هناك في كل من ينتمون للجماعة بصورة عضوية أو بأي صورة أخري – منتسب أو متعاطف – لم تلوث يده بدماء الشعب المصري
جميعهم بلا استثناء أياديهم ملوثة بالدماء سواء كان بفعل القتل المباشر أو غير المباشر بالتحريض علي القتل ، وبالدعم والمساندة ومباركة ما تفعله الجماعة بالوطن في الداخل وفي الخارج !
كيف يمكن أن يجلس هؤلاء علي طاولة واحدة للحوار ؟ كيف يتحاور القاتل مع ضحاياه ؟! كيف ينتظم حوار علي أرضيتين مختلفتين ؟! كيف يصل المتحاورون إلي رؤية مشتركة لقضايا الوطن الوجودية وفيهم من يري أن الوطن حفنة من تراب عفن ؟ !
كيف يصل المتحاورون إلي نقاط اتفاق ومنهم من لا يؤمن بالدولة الوطنية ذات السيادة والحدود الثابتة ؟! هؤلاء يختلفون علي الوطن إما يحكمونه أويسعون إلي زواله !
من الطبيعي حتي تقوم حياة سياسية حقيقية أن يفتح المجال لكل القوي الوطنية والأحزاب السياسية حتي وإن كانت بلا تأثير منذ إنشائها ، فربما تستفيد من حالة الحوار لتصبح جزءا من الحياة السياسية في المستقبل
لكن ليس من الطبيعي أن يسمح لمن يتمني زوال الوطن وتخريبه وتدميره أن يشارك في حوار وطن هو لا يراه وطن بالمفهوم الصحيح للوطن ، وليس من الطبيعي أن يتم السماح لمن قالوا ” طظ في مصر ” ، ولمن قالوا ” اللهم أمتنا علي دين الإخوان ” ، ولمن قالوا ” يحكمنا ماليزي ، ولا يحكمنا مصري مسيحي ”
ليس من الطبيعي أو من المنطق أو من المقبول شعبيا أن يعود للمشهد السياسي من يفرحون عندما تحل بالوطن كارثة – حتي وإن كانت كارثة طبيعية – أو من يستقوون بالخارج علي الوطن ، أو من يتربصون بمصر حتي اللحظة ، أو من يطلقون الشائعات ويروجون للأكاذيب علي مدار الساعة !
كل محاولات الاختراق التي تحاولها جماعة الإخوان الإرهابية ومن يلفون لفهم للمشاركة في حوار الوطن سوف تفشل ، وأعتقد جازما أن القيادة السياسية وكل شركاء الحوار الذين يتحاورون ويختلفون في الوطن ومن أجل الوطن والشعب المصري لن يقبلوا أن يكون بينهم من قتل وأفسد وخرب ودمر وما زال
اللهم هييء لمصر من الأقدار أحسنها ، وهييء لنا من أمرنا رشدا