المرأة هى نصف المجتمع ، وهي بذلك الأم والأخت والزوجة والأبنة وزميلة العمل أو الدراسة فقد تتعرض أحياناً إلى العنف ؛ سواء كان هذا العنف مادى أو معنوى ، ويتخذ العنف أشكالاً مختلفة من التمييز والاضطهاد والقهر والعدوانية، ناجم عن علاقات القوة غير المتكافئة بين الرجل والمرأة في الأسرة والمجتمع ، والذي يؤدي إلى أضراراً نفسية وجسدية متنوعة .
العنف ضد المرأة لا يقتصر على ثقافة معينة أو إقليم معين أو بلد بعينه، فالعنف ضد المرأة موجود في كل مكان تقريباً، لكن درجة شدته، ومدى قبوله، يختلف من مجتمع لآخر ومن سياق اجتماعي لآخر. والعنف ضد المرأة لايكون على نوع واحد أو شكل واحد بل له أشكال وأنواع متعددة مثل العنف النفسي والعنف الجسمي والعنف الاقتصادي والعنف الجنسي ؛ ولكل واحد منها مظهر مختلف ولكن النتيجة فى جميع أنواع العنف هذه لها آثار نفسية واضحة المعالم على المرأة والأسرة والمجتمع .
إن العنف ضد المرأة أمر مستمر وسيستمر مع الأسف ما لم نتصدى له بالحزم اللازم وما دامت أطراف المجتمع تخفيه وتتستر عليه وما دام الجناة لا يلقون العقاب عما اقترفوه.
فعلى المرأة أن تتعلم أولاً معنى مبدأ المساواة بالرجل لا مبدأ التعامل الند بالند فالمساواة شيء والتعامل بالندية شيء آخر فنحن كما ندعو الرجل إلى تفهم حقوق المرأة وإعطائها كل ما تستحق من تقدير واحترام هي جديرة به ؛ في الوقت نفسه على المرأة أن تفهم معنى مبدأ المساواة والحقوق والواجبات فالمرأة تستحق كل التقدير والاحترام.
فقد أوصى الإسلام وهو دين عزه ورفعه ورحمة وأمان وعلم وتشريع بأن يُحسن الزوج خُلقه مع زوجته والرفق بها ، وتقديم ما يمكن تقديمه إليها مما يؤلف قلبها ، لقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} سورة النساء جزء من الآية 19 ، وقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} سورة البقرة جزء من الآية 228.
وقد حرص الإسلام على المحافظة على المرأة وعلى مكانتها وعلى شرفها وعفتها وإنسانيتها وكيفية التعامل معها مع بيان حساسية طبيعتها بما فيها من رقة وضعف وحياء وأعوجاج ، وأنها لا تحتمل الظلم والقسوة والقوة ؛ ولمكانتها السامية فإن الله عز وجل يغضب لظلمها كما يغضب لليتيم. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: }استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج , فاستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان (أسيرات) عندكم لستم تملكون منهن غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبيّنه فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن غير مبرّح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً} رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {حبب إليّ من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة} (رواه الإمام أحمد والنسائي والحاكم والبيهقي عن أنس بن مالك) ؛ كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام: {الدنيا كلها متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة} ( رواه الإمام أحمد ومسلم والنسائي)
وقالت عائشة رضي الله عنها: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة له قط” (رواه النسائي).
لذلك ندعو المجتمعات النسوية والمنظمات التربوية والإرشادية وجميع وسائل الإعلام سواء المرئية منها أو المسموعة أو المقروءة إلى إعطاء الإرشادات اللازمة لكلا الجانبين (الرجل والمرأة) كي لا نعطي فرصة للمتصيدين أن يقولوا بأن النساء لم يفهمن طريقة التعامل أو كيفيته وأن يفهم كلا الجانبين حقوقهم وواجباتهم.
وأخيرا.. لابد أن تتغير العقلية والرؤية العامة تجاه المرأة، وتصبح المرأة إنساناً ذو كيان، وذو اعتبار ثابت لايمكن في أي وقت التنازل عن حقوقه والتضحية عن مكتسباته.
وإن أهم ما يواجه المرأة من عنف هو الفرق بين ما يقال وبين ما يمارس، فهناك كلام كثير يقال عن المرأة، لكن ما يمارس يختلف ويناقض ما يقال، فمن المهم إذن أن يتطابق القول والممارسة فى معاملة المرأة. وعلينا أن نقتدى بكتاب الله عز وجل وبسنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام.
ولا نعنى بذلك أنه ليس هناك عنف موجه ضد الرجل أو الطفل ، فكما تتعرض المرأة إلى العنف فأيضاً يتعرض الرجل إلى العنف ولذلك سنستكمل حديثنا فيما بعد إن شاء الله.