سؤال طرحه أحد البرامج في قناة خاصة لفت نظري وجاءت اجابات المختصين الذين تم استضافتهم ومعظمهم من الشباب خريجي الجامعة الأمريكية تؤكد أن معظم المتلقين دون الثلاثين عاما لا يرون التليفزيون مطلقا وان المتابعة الإعلامية تتم من خلال الإنترنت عبر وسائطه الذكية ! وبحكم أنني عاصرت مرحلة ازدهار الإعلام التقليدي خاصة التليفزيون ومرحلة بدء انتشار الإعلام الرقمي وتراجع الإعلام التقليدي خاصة التليفزيون احاول في السطور القادمة إلقاء الضوء بشكل استشرافي على مستقبل وسائل الاتصال الجماهيري التقليدية مثل الصحافة الورقية والراديو والتليفزيون ! بداية نقول يجب التفرقة بين الإعلام كرسالة بين مرسل ومستقبل والإعلام كوسيلة تنقل الرسالة بين المرسل والمستقبل لأن الحكم على المشهد يكون أساسه نسب المشاهدة والوسيلة الأكثر انتشارا ونوعية الجمهور المتلقي ! إن مضمون الرسالة الإعلامية مرتبط بالمحتوى وهو بطبيعة الحال متغير بتغير أذواق وثقافة الجمهور المستهدف ويجب أن يتطور المحتوى بشكل مستمر ! أما الوسيلة الناقلة للرسالة الإعلامية تختلف من عصر إلى عصر دعوني أذكركم بأن البث الأرضي للتليفزيون بتقنية التماثلية أو الانالوج كانت سيدة الموقف منذ أن عرفنا التليفزيون الابيض والاسود في مصر في بداية الستينيات من القرن الماضي واكيد كانت هناك دول أخرى قد سبقتنا في هذا المجال بسنوات طويله في ذلك الوقت كنا نشاهد ( الارسال) التقليدي حتى بعد أن أصبح ملونا بانتشار الاريال فوق أسطح المنازل التي تعمل بنظام يو اتش اف و ڤي اتش اف وكانت أجهزة الارسال والاستقبال لديها خاصية ال ار إف! وفي التسعينيات تطور البث إلى نظام SD ثم HD وصولا إلى 4 K اختفت معها الاريال وتحولت إلى الطبق أو الدش الذي تراجع هو أيضا مع انتشار شاشات التلفزيون الذكية أو سمارت التي تعمل بالانترنت ورغم هذه التطورات التي تمت في الاربعين عاما الأخيرة في مجال الاتصال الجماهيري نجد أن الإعلام الاجتماعي أو السوشال ميديا كان هو بطل المشهد ولم تجذب التطورات المذكورة في مجال بث واستقبال التليفزيون التقليدي سوى قطاعات محدوده من الجمهور ما يعني بوضوح أن الإعلام كأحد ادوات القوى الناعمة ستظل لكن من خلال وسائط جديدة مختلفة عن الوسائط التقليدية مثل الجريدة الورقية و الراديو والتليفزيون وتحولت الوسائل الثلاث إلى نظام الرقمنه لندخل عصر الإعلام الرقمي Digital Media! واذا حاولنا تطبيق هذا التطور على أحد مجالات الإعلام وهو الاخبار سوف نجد أن التغطيات الخبرية للأحداث قد تطورت في الوسيلة رغم ثبات معايير الخبر والقيم المهنية الحاكمة له بعبارة أخرى تعددت مصادر الاخبار وانتقلت التغطية من فور وقوع الخبر إلى لحظة وقوعه والعبارة الأخيرة تطلبت تغييرا نوعيا في تقنية جمع الاخبار من التليكس ومافيولا المونتاج والكاميرا ريفليكس إلى نظم انتاج الاخبار الحديثة مثل ENPS وتطور صناعة الكاميرات الوزن الخفيف والكفاءة العالية واختفت الشرائط إلى الاقراص المدمجة وكروت الذاكرة ومن تقنية النقل بالاقمار الصناعية إلى الاستفادة من خدمات شبكة المعلومات الدولية ( الانترنت ) في نقل الصورة! ومن عربات النقل الخارجي العملاقة إلى الاجهزة النقالة ال tvu المحمولة مع المراسل أو المصور والاكثر من هذا استخدام الهاتف المحمول في نقل الأحداث وظهور ما يسمى بالمواطن المراسل ! لم تكن هذه التطورات في جانب الإنتاج الاخباري فقط بل اثر ذلك على طبيعة المادة الإعلامية التي أصبحت ملتزمة أكثر بقيم تحريرية فرضتها التعددية والمنافسة وأصبحت صياغة الخبر اسرع واقصر وبدون إسهاب! في المقال القادم نوضح الفارق بين نشرة الأخبار التقليدية والنشرة الرقمية وملاءمة ذلك لوسائل الاستقبال الحديثة ودرجة استجابةالجمهور