يسأل البعض بعد ان دعونا الله أن يعيننا على البلاء والغلاء :
هل يرفع الله البلاء والغلاء بالدعاء فقط . ام ان هناك ما يجب عمله ؟
و إجابتي – على قدر علمي – أن الدعاء وحده لا يكفي لعلاج ما يُصيبُ الانسان من مرض او فقر او فشل ، بل على الانسان أن يُقرِن دعاءه لله عملاً ، وعلى مستوى المجتمع يجب على العلماء في كل المجالات العمل لإيجاد الحلول المناسبة للخلاص والنجاة مما يُبتَلى به المجتمع أو تخفيف ( على الأقل ) الأثار الناتجة عن الابتلاءات التي أضرت بالأفراد …
ففي حالة البلاء بتفشي الأمراض والأوبئة يتحتم ان يعمل العلماء والباحثون بكل ما لديهم من خبرات وتجارب على اكتشاف الأمصال واللقاحات والادوية اللازمة للوقاية من العدوى بالوباء وآخرى للعلاج منه .
نعم . ليس بالدعاء وحده ولا بالعلم وحده نواجه الأوبئة والأمراض وكافة أنواع الكوارث طبيعية كانت او مفتعلة ولكن مع العمل . وما يجب الإيمان به والوثوق فيه أنه لن يتم للعلماء إكتشاف دواء بغير إرادة الله خالق الداء ومعه الدواء ، وبعد تناول الدواء لن يتم الشفاء بغير إرادة الله لذلك وجب الدعاء . وليس شرطا من الذي إكتشف الدواء ( مؤمنا كان أو غير مؤمن ) فلله حكمته في ذلك .. ولكن إرادته سبحانه هي التي ستتحقق وتنفذ لينجو بها من ينجو ويهلك بها من يهلك . فالأخذ بالأسباب يتقدم الدعاء ويقترن به .
وإذا كان البلاء ضِيِقاً في الرزق أو نقصاً من الاموال وكانت الحالة عامة ألمَّت ببلد ما وصَحِبها ارتفاع في الأسعار نتيجة جشع التجار واحتكار بعضهم لأصناف بعينها هنا يجب على الدولة ان تعمل على محاربة هذا الفساد بالقانون و توفير السلع الضرورية التي لا حياة بدونها وهي الغذاء ( غالبا ) فيكون التحرك بمضاعفة الانتاج الزراعي والحيواني بانواعه وضبط الأسواق بتسعيرة جبرية ( إن أمكن ) ومحاكمة المتلاعبين بالأسعار ، كما يقوم الاعلام بدور كبير في توجيه الناس وحثَّهم على ترشيدِ الاستهلاك والتكافل والتراحم فيما بينهم مع الدعاء .
ولنا في التاريخ عِبَرٌ تؤكد أن ما يصيب الانسان يرفعه الله بالدعاء المقرون بالعمل كأخذ بالأسباب .
فكانت قصة” سيدنا نوح ” وابنه مثالا لبيان تصرف إنسان عند الأزمات بإلإيمان والدعاء مع أخذ بالأسباب وتصرف إنسان آخرآخذا بالأسباب فقط ، فكان الفرق بينهما هو الإيمان والدعاء .
الأب والإبن كلاهما أخذ بالأسباب التي يثق بها
فكانت أسباب الأب المؤمن للنجاة من الطوفان هي ركوب السفينة والدعاء إلى الله وطلب النجاة ، وكانت أسباب الابن الغير مؤمن هي اللجوء الى الجبل ..
قال تعالى عن ابن نوح :
” قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ”
_ القرآن يصف حال من يعتقد أن قوته ، وعلمه ، وماله . هم أسباب نجاته من الأخطار والأمراض وسبب متعته في الدنيا …
يقول المولى عز وجل :
” قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي ۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ۚ ” …
وأتعجب ممن يُنكَر الدعاء لرفع البلاء ساخراً ويزعُم مؤكدا انه بالعلم فقط تكون المواجهة لكنه عندما يصاب بصداع يسأل الناس راجياً :
” إدعولي ياجماعة ربنا يشفيني “..
ألا يعلم هذا الغافل ان الله يحب ان يتوجه العبد إليه بالدعاء دون وسيط .
قال تعالى :
” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ” . ( البقرة ١٨٦ )
اللهم ارفع عنها البلاء والغلاء وانعم علينا بالرخاء …