نعم بعد خمسون يوماً من القصف والحرق والقتل والدمار, يحتفل هذا الكيان المجرم المحتل المختل وداعموه في هذا العالم المتحضر الذي لطالما تشدق بالدفاع عن الحرية والعدالة وحقوق الإنسان والأقليات، نعم يحتفلون بنصرهم الساحق علي النساء والأطفال والعجائز والمدنيين العزل، بل والأجنة التي تطايرت أشلاءً من أرحام الأمهات، خمسون يوماً من الإجرام والقصف والمجازر الوحشية والإبادة الجماعية والدمار المتعمد لكل مظاهر ومقومات الحياة بقطاع غزة، هذه المساحة الجغرافية الصغيرة التي تعد من المناطق الأكثر كثافة للسكان في العالم، إذ يعيش بها نحو 2.2 مليون نسمة في مساحة لا تزيد عن 365 كيلومتر مربع يتوزعون على 44 تجمعا سكنيا. فقد سخر الكيان الصهيوني ترسانته الحربية التي تعد أحد أقوى الترسانات الحربية في العالم لتدمير الأخضر واليابس بقطاع غزة وتحويلها الي أرض محروقة، فكما تنطق بياناتهم اليومية بنتائج الغارات الجوية والقصف المدفعي والصاروخي جواً وبراً وبحراً, التي دمرت المنازل والمدارس والمساجد والكنائس والمستشفيات ومحطات المياه والكهرباء وحتي ألواح الطاقة الشمسية بأطنان المتفجرات والأسلحة المحرمة دولياً, كل هذا الشطط والجنون العسكري للكبان بعد نكبة السابع من أكتوبر إلا أنه لم يحقق هدفاً واحداً من أهدافه في القضاء علي المقاومة الفلسطينية أو تحرير الرهائن بفوهات البنادق, لكنها حصدت ما يقارب الـ 15000شهيداً معظمهم من النساء والأطفال, وأكثر من 33ألف مصاب 75% منهم من الأطفال والنساء, الي جانب 7000 من المفقودين تحت الأنقاض معظمهم أيضاً من الأطفال والنساء.
وهنا يتسأل الجميع ما هي السيناريوهات المحتملة بعد إتفاق الهدنة الذي بدأ سريانه منذ صباج أمس الجمعة بوساطة مصرية قطرية أمريكية, والذي يستمر لأربعة أيام قابلة للتمديد, حيث يقضي باطلاق سراح 50 من النساء والأطفال المحتجزين لدي المقاومة الفلسطينية مقابل 150 من النساء والأطفال من سجون الإحتلال الصهيوني, فهل يتم تمديد الهدنة..؟؟ ومن الرابح بعد 48يوماً من القتل والدمار…؟؟!!
أما عن إحتمالية تمديد الهدنة فيرجح معظم الخبراء والمحللين السياسيين والعسكريين قبول الطرفان لتمديد الهدنة, وخاصة الجانب الإسرائيلي الذي أخفق في تحقيق أي هدف من أهدافه العسكرية وكبدته الحرب علي غزة خسائر فادحة علي المستويين السياسي والإقتصادي, وفشل فشلاً ذريعاً في حملته الدعائية المضللة التي شنتها وسائل الإعلام الإسرائيلية والأمريكية والغربية ووسائط التواصل الإجتماعي والسوشيال ميديا, حيث إنقلب السحر علي الساحر وتحولت تلك الوسائط التكنولوجية الي قنوات لنقل حقائق الميدان وما شهده قطاع غزة من دمار ومجازر وحرب إبادة جماعية لتتفاقم خسائر الكيان الصهيوني وأهمها ما يلي:
– كسر الهيبة والعنجهية الإسرائيلية سياسياً وعسكرياً وأمنياً بعد أحداث “طوفان الأقصي في السابع من أكتوبر.
– تنامي حالة الغضب الشعبي العالمي بفعل الإنتهاكات والمجازر اليومية.
– تحول المواقف الدولية وفقدان حالة الدعم الغربي المطلق.
– تكبد الإقتصاد الإسرائيلي خسائر بمليارات الدولارات بسبب التكلفة الباهظة للحرب وتوقف حركة السياحة والتباطؤ الكبير في عجلة الإنتاج بسبب استدعاء عدد هائل من قوات الإحتياط.
– تنامي حالة الفضب في الشارع الإسرائيلي ضد رئيس الوزراء ومجلس الحرب الدموي بعد الفشل الذريع في تأمين الجبهة الداخلية وتحرير الأسري.
أما عن مكاسب طوفان الأقصي والحرب الصيونية علي غزة فلا تعد ولا تحصي بعد أن كبدت المقاومة الفلسطينية العدو المتغطرس خسائر بشرية ومادية فادحة وبعد أن أذهل هذا الشعب الجبار العالم كله بصموده وإيمانه بقضيته العادلة ودفاعه عن أرضه وجعل هذا المحتل الجبان يرتعد حتي من أطفاله فاستهدفهم بقذائفه وقنابله, ولكن يأتي في مقدمة هذه المكاسب وأهمها من وجهة نظري ما يلي:
– عودة القضية الفلسطينية لبؤرة الضوء والإهتمام الدولي بفعل المظاهرات الحاشدة في جميع عواصم العالم وخاصة في الولايات المتحدة وعواصم الدول الغربية المؤيدة للإحتلال.
– كسب جيل جديد من الشباب والأطفال في العالم العربي وحول العالم لم يكونوا يعرفوا شيئاً عن القضية الفلسطينية, لكنها صارت قضيتهم الأولي بعد حالة الإهتمام والتفاعل والتعاطف مع أحداث الحرب علي غزة
– تحول المواقف الغربية وحالة التأييد الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وكان أخر هذه المواقف ما أعلنه رئيسا وزراء أسبانيا وبلجيكا خلال زيارتهما الأخيرة لمصر ولقاء الرئيس السيسي.
-تحول الموقف الأمريكي عن حالة الدعم المطلق للكيان الصهيوني بفعل تنامي الغضب الشعبي وإستطلاعات الرأي التي أظهرت تراجعاً كبيراً في شعبية بايدن.
– الهزيمة النفسية التي ألحقتها المقاومة بجيش الاحتلال و تراجع ثقته بقدراته وانهيار معنوياته.
– خسائر بالملايين بسبب حملة المقاطعه العالمية لاكثر من 3 مليارات شخص للشركات العالمية وبخاصة الداعمه للكيان الصهيوني.
– حدوث انشقاقات نفسيه واجتماعيه وعسكريه وسياسيه داخل اسرائيل ستظهر نتائجها المباشرة عقب توقف الحرب.
-توحد الوجدان الفلسطيني بجميع أطيافه وتوحده خلف أهداف المقاومة الفلسطينية.
– كشف عورات النظام الدولي وعنصريته ومعاييره المزدوجة.
– توثيق المنظمات الدوليه التي شهدت إنتهاكات وجرائم الحرب والإبادة الجماعية.
وفي الختام تحية إجلال وتقدير وإحترام لـ”شعب الجبارين” الشعب الفلسطيني الذي ضرب المثل في التضحية والفداء, وقدم صوراً مذهلة للصبر والإيمان والإحتساب والبطولة التي أذهلت الجميع حول العالم وجعلت العدو الجبان يرتعد ويغير من خططه واستراتيجياته, كما أن التحية واجبة لفصائل المقاومة الفلسطينية التي ضربت الغرور والغطرسة الإسرائيلية في مقتل بعد زلزال السابع من أكتوبر.
فاللهم سدد رميهم ووحد صفوفهم وأكتب لفلسطين والأمة النصر والأمن والأمان ووحدة الصف.