لا أدرى من أين أبدأ، هل أبدأ من ازدواجية المعايير الواضحة التى تتجلى يوماً بعد يوم بتلك الأحداث الأخيرة التى نشهدها بفلسطين، أم من حيث التبجح وانكشاف الوجه بصفاقة غير مسبوقة لهؤلاء الذين يحرفون الكلم عن مواضعه، والذين يدعون المساواة واحترام حقوق الإنسان؟
فما علينا من المعايير المزدوجة التى تأكدت لنا بالفترة القليلة الماضية، من حيث الانحياز الأعمى للصهاينة من قبل دول الحريات وحقوق الإنسان، بغض النظر عمّا يرتكبون من جرائم موثقة بالصوت والصورة على مسمع ومرأى من العالم أجمع.
ولكن.. هل تكون هناك مفردات ومصطلحات لغوية تنطبق على أناس وتتغير لأخرى عندما يخص المسمى أناساً آخرين؟
فقد تأذيت بالأيام الماضية من تلك التناقضات والعبث بالكلمات لإظهار معان بعينها تخص طرف محظى وإخفائها وتزييفها بأخرى لإظهار معان أخرى عندما يكون الحديث عن طرف آخر من غير المحظيين.
فعلى سبيل المثال: (إرهابى / مختل عقلياً):
فكلمة إرهابي عندما يكون المقصود رجلا مسلم، قد ارتكب أى فعلة لا يرضونها، كالذى تقوم به قوات المقاومة الفلسطينية ضد العدو الصهيونى المغتصب المحتل.
ومختل عقلياً، عندما يرتكب رجل أبيض غربى فعلة مشينة، كهذا الذى أطلق النار مؤخراً على ثلاثة شباب من طلاب الجامعة الفلسطينيين بأمريكا.
ففى أحيان يكون المصطلح إرهابيا وفى أحيان أخرى يكون مختل عقلياً لا يعاقبه القانون، وفقاً للهوى.
– (طفل / شاب أو مراهق):
فقد لاحظنا بشكل فج، أثناء عملية تبادل الأسرى فى أيام الهدنة بين إسرائيل وحماس، أنه عندما يكون الحديث عن أسير إسرائيلى يبلغ قرابة الثمانية عشر عاما، يسمونه طفلاً.
وفى الوقت نفسه عندما يكون الحديث عن أسير فلسطينى بنفس العمر يسمونه شاباً أو مراهق.
– (أسير/ سجين):
فكلمة أسير يطلقونها على المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة.
أما كلمة (سجين) فتطلق فقط على الأسرى المحتجزين من الفلسطينيين بسجون العدو الصهيوني.
نهاية.. فلم نعد ننتظر منهم أى عدل وأية منطقية لأى شىء، فهم حقاً لا يستطيعون إخفاء الانحياز ولا الكيل بمكيالين وإن حاولوا.
ولنا بعمليات تبادل الأسرى منذ بدء الهدنة أدلة قاطعة، فلم يستطع هؤلاء القتلة إخفاء تلك المشاهد لأسراهم العائدين، والتى أغضبتهم كثيراً وفضحت أكاذيبهم، فجميعهم أشادوا بالرحمة والإنسانية وحسن المعاملة من قبل قوات المقاومة الفلسطينية، فى حين عاد الأسرى الفلسطينيين بألوان من العذاب والترويع لا يستطيعون أيضاً إخفاءها.
قاتل الله الخبثاء المجرمين بكل ملة وكل دين.