في المقال السابق . في يوليو ١٩٥٦ قَصَفت اسرائيل ” خان يونس ” بالطيران فقام ٣٠٠ مقاتل من أبطال ك١٤١ بهجومٍ عنيف علي المواقع الإسرائيلية فقتلوا (١١٦٠) وجُرِح المئات مقابل استُشهِاد ٤٦ فدائياً وحاصر الفدائيون” تل أبيب”وأغلقوا الشوارع لمدة أسبوعين حتى أُصِيبَت إسرائيل بالذُعر فأضطر الرئيس الأمريكي ” أيزنهاور” إلى الاتصال بالرئيس “جمال عبدالناصر” لِفَك حِصار “تل أبيب” وسحب القوات منها ووَعَدَهُ بعدم تِكرار اعتداء اسرائيل على “غزة ” مجدداً .
و في ١١يوليو ١٩٥٦ تمكنت إسرائيل من إغتيال البطل “مصطفى حافظ” قائد ك١٤١ بطردٍ مُفَخَّخ حَمَلَهُ إليه مُساعِده الفلسطيني” سليمان طلاقة “وأوْهَمهُ أن بِداخلهِ وثائق تُدِين مسؤولاً كبيراً في “غزة ” بالتجَسُّسِ لحساب إسرائيل .
في ذلك الوقت كان الرائد ” صلاح مصطفى” ( أحد الضبَّاط الأحرار ) ملحقاً عسكرياً بالأردن واستطاع بالتنسيق مع السلطات الأردنية أن يسَهل عودة أبطال ك١٤١ من مطار ” عَمَّان” إلى القاهرة . واغتالته إسرائيل أيضا في نفس الشهر .
حاولَت أمريكا إرغام العرب على الصلح مع إسرائيل وتعيين الحدود القائمة بينهما كي يلتزم بها الفريقين ورفَضَت مصر والدول العربية أي حلٍ لقضية فلسطين لا يكون أساسه عودة اللاجئين إلى أراضيهم التي احتلتها اسرائيل . إذ كان تلك المحاولة مؤامرة لتصفية قضية فلسطين وإعطاء الفرصة لليهود لتنفيذ حلمهم بمد دولتهم من النيل إلى الفرات .
بعد حصول مصر علي السلاح من تشيكوسلوفاكيا كانت بريطانيا تشتاط غيظاً منذ جَلائها عن مصر و كانت فرنسا غاضبةً من مساندة عبدالناصر للجزائر . ورفْضُهِ الانضمام لحلف بغداد الذي تتزعمه أمريكا ولم تنضم اليه من الدول العربية سوى العراق .
في هذه الفترة بَلغَت مصر مكانة تجعلها دولة محورية ومؤثرة في المنطقة العربية وهي مؤشرات تُهَدِّد مصالح الاستعمار في الشرق الأوسط وتُمثِّل تغييراً في ميزان القوي مع إسرائيل عسكرياً واقتصادياً لاسِيَّما بعد قرار مصر بناء السدالعالي واتصالها بالبنك الدولي بحثاً عن قرض وكانت أمريكا قد شَجَّعَت البنك هي وبريطانيا وعَرَضَت تقديم مبلغ ٧٠ مليون دولار مع البنك ( ٥٦ مليون دولار من أمريكا + ١٤ مليون دولار من انجلترا )
لكن في اليوم التالي لجلاء القوات البريطانية من القناة في ١٨يونية١٩٥٦ تقدم ” يوجين بلاك” رئيس البنك الدولي إلى الحكومة الَمصرية بطلب توقيع عقد القرض بشروط رأتها مصر أنها خدعة لتتقديم معلومات عن أوضاعها الاقتصادية العامة فرفضت تلك الشروط . وفي ١٩يولية ١٩٥٦ بينما كان “عبدالناصر” مجتمعاً مع ” تيتو” و ” نهرو” في جزيرة ( بريوني بيوغسلافيا ) جاء رد واشنطن بعدم رغبتها في تمويل السدالعالي وكذلك رفَضَتْ بريطانيا ورفض البنك الدولي .
وفي ٢٦ يوليو ١٩٥٦ أعلن عبد الناصر قراره بتأميم قناة السويس . فكان الخبر مفاجأةً للجميع ولطمةً قوية للغرب نسفت أطماع الدول الاستعمارية .
في لندن كان” انطونيو إيدن” يقيم مأدُبَة عشاء للملك “فيصل بن الحسن” ملك العراق و ” نوري السعيد” رئيس وزرائه وعندما عرفوا الخبر إنفجر “إيدن” يتوعد وقِيلَ أن “نوري السعيد” قال له : ” إضرِبه ( يقصد عبدالناصر) . إضرِبهُ الآن وبشده” .
نكمل لاحقا .