في المقال السابق . بامتناع البنك الدولي وأمريكا عن تمويل السدالعالي فَكَّر “عبدالناصر” في تأميم القناة مستنداً إلى شرعية التأميم كحق من حقوق الدولة .
في العواصم الغربية قطعت الإذاعات برامجها لتعلن ” إن الرئيس العربي أمم القناة ليبني السد ”
* بريطانيا قامت بتجميد الأرصدة المصرية لديها وتجميد ممتلكات شركة قناة السويس فيها ، ونصحت رعاياها في مصر بمغادرتها فورا كما استدعت ٢٠ الفا من الجنود الاحتياطيين وأعلنت حالة الطوارئ .
* و فرنسا أصدرت بياناً رسمياً بأن مصر اعتدت على امتيازات شركة القناة بينما أمسكت أمريكا العصا من طرفيها فهي لا تعترض على التأميم ولكن على توقيته . وفي روسيا أكد الرئيس الروسي” خروشوف ” أن التأميم حق مشروع لمصر وحَذَّرَ الغرب من استعمال القوة . كما أعلنت يوغسلافيا والهند والصين الشعبية تأييدهم المطلق ورفضهم لسياسة العنف .
أما الدول العربية والآسيوية والأفريقية فكانت مؤيدة للتأميم بالإجماع .
تقدم ” دالاس” وزير خارجية أمريكا بمشروع لحل أزمة القناة وإدارتها تحت إشراف هيئة دولية . وتقدمت مصر الي مجلس الأمن بشكوى من موقفي إنجلترا وفرنسا و إنها ترفض اقتراح “دالاس” وانها مستعدة لقبول أي حل لا يمس سيادتها وتوقيع معاهدة تضمن حرية الملاحة في القناة . فدُعِى ” محمود فوزي” وزير خارجيتها للمناقشات على ألاّٰ يكون له حق التصويت . وقدَّم” أبا إيبان”طلباً ليكون لإسرائيل صوتاً في مناقشات مشكلة القناة . كما اتفق العرب على تقديم طلب جماعي لرياسة مجلس الأمن بشأن اشتراكهم في مناقشة مشكلة القناة .
في ٨ أكتوبر١٩٥٦ عَقِبْ كلمة “محمود فوزي” في مجلس الأمن تَحدَّث “شبيلوف” وزير خارجية روسيا مؤيداً حق مصر وأشاد بإدارتها للقناة واختتم كلمته قائلا ” إن بريطانيا وفرنسا تلعبان بالنار”.
كانت إسرائيل تدفع فرنسا إلى محاربة العرب بسبب مساعدتهم للجزائر وبعد التأميم بدت الفرصة مواتية وحدث تقارب كبير بينهما باعتبار أن فرنسا ملزمة بالدفاع عن حدود اسرائيل .
وفي ١٠ اكتوبر١٩٥٦ عُقِدَت إتفاقية سِرَّية بباريس وقَّعها عن فرنسا مسيو” آيل توماس ” وعن إسرائيل المستر” بيريه ” بموجبها أَمدَّت فرنسا إسرائيل بمجموعات من الطائرات المقاتلة مع بعثة من الطَيَّارين الفرنسيين والخُبراء لتدريب القوات الإسرائيلية . وللعلم ( فرنسا بتسليحها إسرائيل تكون قد نقَضَت الميثاق الثلاثي الذي عقدته مع إنجلترا وأمريكا بحَظْر إرسال أسلحة إلى دول الشرق الأوسط )
في١٢ أكتوبر١٩٥٦ إتفق وزراء خارجية مصر وبريطانيا وفرنسا على بدء مفاوضات في”جنيف” تحدد لها يوم ٢٩ أكتوبر١٩٥٦ بينما كان “إيدن” في مؤتمر المحافظين يُلوِّحُ باستخدام القوة بهدف ١_ القضاء على حكومة الثورة ٢_ التخلص من عبدالناصر فهو يرى أن العالم لا يتسع لهما معا ٣_ إذلال مصر ٤_ القضاء على فكرة القومية العربية ٥_ تأمين الملاحة في القناة بإشراف دولي ٦_ إتاحة مرور سفن إسرائيل بها .
في ١٧ أكتوبر١٩٥٦ ألقى ” بن جوريون” خطاباً في الكنيست يقول ” إن القادة المصريين قد عقدوا العزم على إزالة إسرائيل وأن الصبر على أعمال الفدائيين المصريين الذين يتسلَّلون إلى قلب إسرائيل إنما يُنذِرُ بأخطارٍ كبيرة ” …
بذلك أصبحت الحرب قاب قوسين أو أدني . فبدلاً من ذهاب مصر وإنجلترا وفرنسا إلى”جنيف” لإجراء المفاوضات الثلاثية حدث العدوان الثلاثي علي مصر وكانت خطته كالآتي :
نكمل لاحقا