تعد الدراما مصدرا فعالا مؤثرا على المشاهد؛ وذلك من خلال ما تقدمه من نماذج وصور جديدة ومتنوعة للحياة اليومية، عامة، والعلاقات الإنسانية، خاصة، وبما تقدمه من عالم رمزي لعديد من الأشخاص والأماكن وعادات الشعوب الأخرى وتقاليدها. وتؤثر الدراما أيضا في تشكيل إدراك الأفراد واتجاهاتهم المستقبلية وعلاقاتهم بالآخرين؛ حيث تقدم تجارب إنسانية مشتركة بين البشر على اختلاف مستوياتهم التعليمية والثقافية، فضلا عن انتماءاتهم وأيديولوجياتهم الفكرية، وبذلك تعد الدراما قوة حقيقية يمكن أن تعمل على تعزيز نظام القيم في المجتمع.
وفي هذا الإطار،إذا كان الشباب يمثلون قطاعاً سكانياً من أهم قطاعات المجتمع، إذ يشكلون الجانب الأكبر من طاقات المجتمع وقدراته الإنتاجية والفكرية؛ فإن ما يمكن أن يتعرض له هؤلاء الشباب من زعزعة في استقرار القيم لديهم بما قد يؤثر علي اتجاهاتهم نحو المفاهيم المتنوعة في المجتمع، والفهم الخاطئ لها بما لا يتفق مع ظروف المجتمع المصري والقيم والمبادئ الراسخة لديه، بما قد يؤثر علي تقبلهم لهذا المجتمع وإرثه الثقافي، أقول : إذا كان الأمر كذلك فإنه يمثل مشكلة مهمة يجب تضافر الجهود كافة للتصدي لها.
فالإنسان مخلوق اجتماعي، وشخصية الفرد تصوغها البيئة الاجتماعية والتفاعلات الاجتماعية المرتبطة بها، ويمثل الرضا الاجتماعي للإنسان عن هذه البيئة والتفاعلات المرتبطة بها سمة إيجابية تساعد على تقبل الآخر، والإحساس بالطمأنينة وبناء جسور الثقة في التعامل مع الآخرين.
ويرتبط مفهوم الرضا الاجتماعي بمفهوم المجتمعات الإنسانية التي تنشأ متى يتجمع عدد من الأفراد لهم تاريخ مشترك، وقيم وعادات وتقاليد وسلوكيات خاصة، وخبرات واهتمامات وطموحات مشتركة، ومشكلات عامة يعانون منها، ويشعرون بأنهم ينتمون إلى بعضهم البعض، ويتفاعلون فيما بينهم بشكل مستمر.
والرضا الاجتماعي هو عملية يقوم فيها الفرد بتقييم حياته الاجتماعية وفقا لجانبين رئيسيْن؛ الأول: الجانب المعرفي الذي يتمثل في تقييم الفرد لحياته في ضوء إدراك طبيعة مجتمعه، والآخر: يتمثل في الجانب الانفعالي، والذي ينتج عن تفاعل الفرد مع مواقف حياته المتكررة.
ونظرا لما تحظى به الدراما التليفزيونية من إقبال كبير لدى الجمهور المصري، بوجه عام، ولدى الشباب، بوجه خاص، وفي ضوء ما تقدمه هذه الدراما من تجارب إنسانية مشتركة بين البشر، من شأنها أن تقدم صورا إعلامية للبيئات الاجتماعية المتنوعة في المجتمع المصري، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع مستوى التطلعات لدى المستويات الاجتماعية المتنوعة، والذي قد يؤثر بدوره على مستوى الرضا الاجتماعي لديهم.
ويؤكد ذلك ضرورة الاهتمام بتقديم مضامين هادفة بدراما التليفزيون المتنوعة؛ والعمل على تطوير محتوى هذه الدراما، وترشيدها؛ حتى تكون قادرة على القيام بدورها في محاكاة قضايا المجتمع ومشكلاته؛ وذلك في ظل ارتفاع مستوى إدراك الشباب المصري لواقعية المضمون المقدم بهذه الدراما، وبما يتلائم مع طبيعة مرحلة الشباب التي يتعامل فيها الفرد مع هذه القضايا وتلك المشكلات، متحررا من القيود الاجتماعية المفروضة عليه، وبما قد يسهم في زيادة تقبله لواقعه الاجتماعي.