دعونا نفتح عقولنا قبل قلوبنا ونتحدث بصراحة من أجل مستقبل هذا الوطن فقد لاحظت أن كثيرا من الأقلام تتبارى في توصيف وتشخيص أزمة الإقتصاد المصري وتوزع الاتهامات هنا او هناك وتُحمل مسئولية ماحدث لهذا أو ذاك ! وسواء اتفقت أو اختلفت مع طرحهم وتشخيصهم للحالة فأنا أرى أنه ليس جديدا اعترافهم بأن الأمور خرجت عن السيطرة وان الأمر بات كارثيا بصورة أو باخرى وان دورهم في هذه اللحظات الصعبة مختلف وهذا ليس وقت الحساب إنما هو وقت الحل والانقاذ ! ! اعتقد أن أهل الخبرة والحكمة والرأي في المجتمع – إذا جاز التعبير – يتحملون مسؤولية تتعدى مسألة التشخيص إلى اقتراح العلاج حيث من الضروري تقديم الحلول المناسبة لما تعانيه مصر ووضع خارطة طريق للخروج من النفق المظلم ! هذا هو الكلام المفيد والمجدي اليوم عدا ذلك هو نوع من (التعديد ) أو دعوني اقول البكاء على الحليب المسكوب ! وليس معنى ما أقوله إنني أدعو إلى الدخول في حوارات مجتمعية فليس لدينا ترف الوقت لتضييعه في سفسطائية غير مجدية وكفى ما ضيعناه من قبل ولم نجد إصلاحا ملموسا ينقذ الاقتصاد من السقوط في الهاوية ! ولست مع هؤلاء الذين يستغلون وسائل الإعلام للترويج لفكرة التسول الاقتصادي ! إن مصر حتى في هذه الظروف القاسية أكبر من أن تمد يدها لمن وقفت إلى جانبهم وأخذت بيدهم عندما كانوا يسكنون الصحراء الجرداء هناك فرق بين التسول والتعاون ! من الضروري بل الحتمي توحيد الصفوف وان يتحمل ( الجميع ) تبعات الأزمة والاهتمام بفقه الأولويات في التعاطي مع المشكلات بعبارة أخرى اننا في حاجة إلى كل ماهو اساسي والبعد عن كل ماهو ترفي أو كمالي وأن التقشف اضحى ضرورة حياة ونبدأ بمن لديهم سعة وفضل ومازلت انادي بضرورة الاعتماد على النفس فلن يحك ظهرك مثل ظفرك ! إن فقراء شعبنا يمكن أن يتحملوا أكثر عندما يدركون أن الأعباء تتوزع بين القادرين وغير القادرين بعدالة ! إن من يهمه مستقبل هذا البلد عليه طرح أن الحل كذا وكذا دون أن نتنازل عن قيد أنملة من أرضنا أو نفرط في سيادتنا التي هي شرفنا وعرضنا ! … وان كنت اتصور أنه حتى يستمع أهل الحل والعقد إلى الحلول وتقبلها أو الأخذ بها ستظل فقط تبرئة لذمة من يقدمها ! إن مصر تحتاج إلى إرادة الفعل أكثر من إرادة القول ويجب أن تترجم إلى قرارات على الأرض بإرجاع الاشياء الى طبيعتها إن الاقتصاد قيمة وليس أرقاما مجردة ارتفاعها أو انخفاضها لاتدل على شيء إنما الذي يقدم دلالة القوة أو الضعف هو القيمة فهل يمكن أن نبحث في القيمة قبل الانشغال بالارقام ؟ ورفع القيمة يمكن أن تتحقق بالتكافل والتراضي بين فئات المجتمع ! على رجال الأعمال وأصحاب المليارات وكل قادرد أن يتحملوا جزءً من العبء وان تكون الحكومة عين المواطن في الأسواق وليس معنى تخارجها من النشاط الاقتصادي أن تنسحب تماما وتترك المشهد بلا أي ضوابط تكبح جماح آليات السوق ويجب أن تفتح الصناديق الخاصة لإنقاذ الموقف فإذا لم تساهم اليوم في حل الأزمة متى يأتي دورها ؟ لابد من إعادة النظر في السياسة النقدية خاصة أن العملة هي رمز من رموز سيادة الدولة وهناك خبراء وكفاءات في وطننا لديهم الخبرة والفكر خارج الصندوق لحل أزمة العملة الأجنبية وأولها التحرر من أسر الدولار الأمريكي يجب الاستعانة بهم فورا وبلا تردد نحن في ظروف الكفاءة اهم من الثقة ! في تصوري أن كلمة السر للخروج من الأزمة كلمة واحدة هي (الإنتاج ) أن يتحول المجتمع إلى منتجين وليس مستهلكين فقط بالانتاج سينصلح حال الاقتصاد وتتوازن كفتا الميزان في كل شيء ويرتفع الدخل الحقيقي للفرد وتزيد قدرته الشرائية هذا هو فصل الخطاب في أشد اللحظات صعوبة تشهدها اي أمة !