الدكتور أحمد عثمان - أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب - جامعة المنصورة

د.أحمد عثمان يكتب… “أشوف وشكم بخير”

في حياة كل منا أيام مشهودة تبقى في الذاكرة لا يمحوها الزمن، ويأتي يوم التخرج الأسعد بـين تلك الأيام، تظل ذكراه مصاحبة لرحلة الحياة، ونقطة انطلاق نحو آفاقها وآمالها العريضة، فالحياة أيام تمضي وأوقات تتجلى، والعمر يمر، ومع التخرج تنطوي صفحة من صفحات الحياة، صفحة كان فيها الجد والاجتهاد رفيقاً على الدوام، لحظة نودع فيها الدراسة والتعب ليأتي وقت الحصاد، نحصد فيه ثمرة اجتهادنا، مودعين ضحكات الرفاق، رافعين فيها قبعات الاحترام للأساتذة، وداعاً لكل لحظة حملنا فيها حلمنا ومضينا في سبيل تحقيقه. والتخرّج علامة فارقة بين ما كان وما سيكون، بين درب قطعناه ودرب سنبدأ السير فيه، بين ما أصبح ماضيا وبين حاضر ومستقبل، ومن هنا في حياتي الجامعية على مدى أعوام عدة ومعايشتي لأيام التخرّج في كل سنة أودع فوجًا وأستقبل آخر، وكل عام تأخذ كل دفعة تتخرج جزءا من قلبي وجانبا من ذكرياتي، فكم جمعتنا مدرجات الكلية والقاعات لنتعلم، وكم قضينا وقتا في مكتبي بالكلية في إطار الساعات المكتبية نتجاذب أطراف الحديث ونتناقش في شئون الحياة، وكم جمعتنا أسفارنا في الرحلات والزيارات الميدانية تاركة بيننا مواقف وأحاديث وذكريات لا يمكن نسيانها. كنت أحاول دائمًا أن أكون الأب الروحي والرفيق والأخ الأكبر لطلابي، لقد تعودت أن أكون عونا لهم وأذنا صاغية لقضايا ومشاكل تعترضهم، لقد علّقت طيلة عملي على باب غرفتي عبارة: “أهلا بكم طلابي الأعزاء في كل وقت”، وكان بابي دائمًا مفتوحًا بما يعني أنني موجود، والطالب الذي يريدني لأمر ما لا يفكر مرّتين في أن يدق الباب ويدخل ليجدني مرحبًا به، وكنت بهذا أستحوذ على رضا طلابي ومحبتهم دائمًا، الأمر الذي تؤكده لي السنين بعد أن تتخرج كل دفعة حين ألتقي بطلابي الذين علمتهم وأحببتهم واحترمتهم أبًا وأخًا ومعلمًا لأكتشف أنهم تحولوا إلى أصدقاء لي. وفي المقابل على مدار سنوات دراستهم بالجامعة كان طلابي لي نعم الأصدقاء، لم تكن علاقتهم بي تقليدية مبنية على الخوف بين أستاذ وطالب، لكنها مبنية على الحب والتقدير، كانوا خير جلساء وخير مستمعين، كانوا أيضا خير رفقاء للطريق، ففي كل زيارة أو رحلة علمية كانوا جميعا مسئولين حريصين على الالتزام كي يكونوا واجهة مشرفة لأستاذهم في المقام الأول وصديقهم وأخيهم الأكبر في المقام الثاني، كانوا وقت المناسبات السعيدة أول المتواجدين، وفي أوقات الحزن أصدق المشاركين، لم أشعر يوما أنني وحيد بينهم أو غريب عنهم، بل كنا أسرة كبيرة واحدة تربطنا كثير من المشاعر الطيبة. وفي النهاية طلابي الأعزاء بقسم الإعلام بكلية الآداب بجامعة المنصورة دفعة ٢٠٢٤، سوف أفتقدكم كثيرا بعد تخرجكم، ولن أنساكم وستظل ذكراكم بقلبي، و”أشوف وشكم بخير”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *