إن كان هدف الصوم هو تهذيب النفس وتربية الجسد، فإن صومكم عن الشرور بدل الطعام أفضل وأفيد. وإن كان صومكم عن المأكولات الشهيّة يوّلد عندكم الكبت الذي يليه الإنفجار الهيستيري على الفحش والقتل والخراب، فلا تصوموا..
فإنّه حريّ بكم أن تصوموا عن أكل لحم بعضكم البعض، على أن تصوموا عن أكل اللحم الحيوانيّ. وحريّ بكم أن تصوموا عن اللهو بأعراض الناس وعن النميمة والحقد والتفاخر على أن تصوموا عن المأكل والمشرب.
صوموا عن التلاعب بأمن المواطنين، عن التراخي والإهمال، عن الجرائم والتدمير، عن التسلّط على العباد. صوموا عن العثرات التي تسبّبونها للقريب والبعيد، عن العنف بحقّ الأهل والأغراب، عن الإنتقاد لمجرّد أنّكم على دراية أكثر من غيركم.
صوموا عن السكوت على الحقّ وتغييب الضمير، عن الإفتراء والكذب، عن تحطيم الأخر، عن الغرور الأعمى الذي يدفعكم لدفن شروركم في نفوس الأبرياء. صوموا عن التبعية التي تُقصيكم عن أحبائكم وإنسانيتكم، عن الأنانية التي تنأى بكم عن مصالح الآخرين، عن الوساخة بكلّ أنواعها.
صوموا عن تحطيم المبادئ والأخلاق، عن قتل النفس البشرية باسم الله وباسم الحريّة، عن الحطّ من كرامة الإنسان ودفعه للجنون أو للكفر. صوموا عن الإدانة لعيوب الغير ومُداراة عيوبكم تحت أجنحة الليل.
صوموا عن حجب أموالكم عن المعوزين، عن إذلال المحتاج من أجل خدمةٍ ضرورية، عن الكلام الرديء الذي يبعث رائحة نفوسكم الكريهة، عن الغباء المتمثّل بنصبكم لأيقوناتٍ وآلهةٍ بشرية.
وأخيراً وليس آخراً، صوموا عن الجهل تصحّوا..