اقام عمرو بن العاص مدينة الفسطاط فى السنة التالية للفتح الاسلامى لمصر ،، 21 هجرية / 642 ميلادية ،، لتكون مقرا للحكم العربى فى مصر ، و بدات الفسطاط من اقصى جنوب الضفة الشرقية للقاهرة شمال مدينة ، بابليون ، قاعدة الحكم العسكرى البطلمى و الرومانى و البيزنطى ، و لقد ساعد على اختيار هذا المكان لاقامة مدينة الفسطاط وجود بركة ، الحبش ، فى جنوب حصن بابليون ، و الفسطاط لفظ عربى يطلق على المدينة و اهل المدينة
و قد روى البلاذرى ان الزبير هو الذى اختط المدينة الجديدة ، و اتخذ فيها لنفسة دارا ، و جعل فيها السلم الذى صعد علية الى سور الحصن و اقتحمة بواسطته ، و لاشك فى ان الذين خططوا المدينة و بنوها كانوا مهندسى القبط ، اذا لم يكن عند ذلك فى العرب من له علم انشاء المدن ولا دراية به
و بذلك يمكن القول بانه قد نشات المدينة الاسلامية بدخول العرب لمصر ، فتضمنت المدينة خططا عدة ، و تقطن كل خطة قبيلة او عشيرة تقسمها وفقا لظروفها ، و مع استمرار الفتوحات و دعم المدن بالجيوش شغلت المساحة كلها ، و امتدت المبانى لتشكل تلك الطرق الضيقة التى اتسمت بها القاهرة ، و لقد بنى عمرو بن العاص مدينة الفسطاط لتكون مقرا للجند فى مصر ، و معسكرا لجيشة
و قد كشف العالم الاثرى على بهجت عن اطلال مدينة الفسطاط ، و حدد موقعها سنة 1914م ، و الذى ورد فى كتب المؤرخين و على راسهم المقريزى عام 1417م ، و هى بالحد الشمالى يقع كوم الجارح ، و قنطرة السد ظظن و بالحد الجنوبى يمتد ما بين الرصد و شاطىء النيل غربا ، حصن بابليون ، تلال اسطبل عنتر ،، و بالحد الغربى الشاطىء الايمن للنيل و كان الى الشرق من موقعه الحالى ، و يمر امام جامع عمروبن العاص ، و الحد الشرقى من قلعه الجبل الى حدود القرافة حتى الرصد فى الجنوب
و قد اثبتت الحفريات ان المدينة اقيمت على كتلة عظيمة من الصخر ، و كان وجودها على تلك الربوة يمنع فيضان النهر عليها ، و قد كانت تبدو حين ينظر اليها من بعيد كانها جبل
و فى خلافة المستنصر بالله الفاطمى من سنة ،، 1150م 1159 م ،، حينما ساد الاضطرابات و حلت المجاعة بالبلاد نتيجة لانخفاض معدل الفيضان و اضمحلال الانتاج الزراعى ، و قد تبع الغلاء انتشار الاوبئة بسبب انخفاض مستوى معيشة الكثير من السكان ، و كان لهذة المحنة اثر كبيرا فى اضمحلال مدينة الفسطاط خاصة لوضع العسكر و القطائع حيث تحولت هذة المنطقة الى كيمان ، و خرائب ، فلما قدم امير الجيوش بدر الجمالى الذى استغاث به المنتصر حاول اصلاح شئونها ، و لكنه اهتم بتحسين القاهرة ، و اباح البناء بالقاهرة ، و اهمل الفسطاط و العسكر و القطائع ، و كان لحريق المدينة اكبر الاثر فى خرابها ، و ذلك حينما امر شاور ، اخر وزراء الدولة الفاطمية باخلائها و اشعال النار فيها تفاديا لسقوطها فى يد الصليبين لانه راى انه من الصعب الدفاع عنها ، و لم يتخلف من اطلال تلك المدينة سوى جامع عمروبن العاص ، و ابراج قصر الشمع ، و اطلال بعض الدور
و قد اجريت العديد من الحفائر فى ارض مدينة الفسطاط ، و قد كشفت ملامح المدينة و امدتنا بالعديد من القطع الهامة التى اظهرت الحضارة الاسلامية فى تلك الفترة ، و قد استغلت مساحات من ارض المدينة فى انشاء متحف الحضارة ، و حديقة الفسطاط و مبنى دار الوثائق القومية
و مؤخرا قامت محافظة القاهرة بالتعدى على الارض الاثرية بالفسطاط ، و هو ما يتعارض مع ما نصت علية المادة رقم 3 من قانون حماية الاثار رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 3 لسنة 201 و التى نصت على ما يلى ،، تعتبر ارضا اثريا الاراضى المملوكة للدولة و التى اعتبرت اثرية بمقتضى قرارات و اوامر سابقة على العمل بهذا القانون ، او التى يصدر باعتبارها كذلك قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة ،، الاثار ،، و يوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص لشئون الثقافة ،، الاثار ،، اخراج اية ارض من عداد الاراضى الاثرية او اراضى المنافع العامة للاثار اذا ثبت للمجلس خلوها من الاثار ، او اصبحت خارج اراضى خط التجميل المعتمد للاثر
و فى حالة رغبة جهة حكومية فى استرداد اراضى من عداد المنافع العامة للاثار ، فانة يستلزم التقدم بطلب الى وزارة الدولة لشئون الاثار ، و تقوم الوزارة بدراسة هذة الطلبات عن طريق اللجان سواء من اللجنة الدائمة او لجان من المناطق التابع لها قطعه الارض المطلوبة ، على ان يكون الطلب مصحوبا باهمية هذة الارض ، و يتم عرض الامر على اللجنة الدائمة للاثار الاسلامية و القبطية ، و يلى عرض الموضوع و الموافقة علية اجراء حفائر فى هذة الارض ، و لكن فى حالة ارض الفسطاط فان الوضع مختلف تماما ، لان المساحة المتبقية ليست فقط ارض اثرية او ارضى حفائر او ارض واقعة فى نطاق خطوط التجميل للمنطقة الاثرية ،، مسجد عمروبن العاص ، و الكنيسة المعلقة ، و المعهد اليهودى و المتحف القبطى ،، بل انها ارض اول عاصمة اسلامية فى مصر و هو ما يستدعى ضرورة الحفاظ على ما تبقى من هذة القطعه الغالية من ارض مصر
ان السيد محافظ القاهرة قد ارتكب ،، جريمة العصر ،، عندما اصدر اوامر بردم ارض الفسطاط الاثرية ، وقد خالف الدستور و القانون ، و هو المنوط به تطبيق القانون و المحافظة على المال العام ، و هى جريمة لن تسقط بالتقادم