عمار يا مصر
م حمد يوسف العزيزي يكتب… “سيناريوهات ما بعد انتخاب الرئيس !”
انتخاب الرئيس هو الخطوة الثانية في خارطة المستقبل , وإنجاز هذا الاستحقاق المهم يعني أننا قطعنا ثلثي المسافة نحو تأسيس شرعية جديدة لحكم البلاد بدأت منذ إعلان قرارات 3 يوليو الشهيرة التي أزاحت جماعة الإخوان عن حكم مصر بعد عام واحد بإرادة شعبية كاسحة ساندها الجيش وحقق لها النجاح , ولعل ما حدث بعد 3 يوليو وحتى الآن يؤكد بكل المعاني علي دور الجيش كشريك أساسي وفاعل في ثورة 30 يونيو ولولا تدخله ومشاركته كانت الصورة ستكون غير الصورة الآن بسبب حجم المخاطر والتحديات التي واجهت الشعب المصري وما تزال من إرهاب أسود بكل أشكاله وتنويعاته , ومن ينكر ذلك فهو جاحد أو متآمر علي هذا الوطن العزيز .
ساعات ويكون لدينا رئيس منتخب بإرادة شعبية كاسحة من ناحية المشاركة ومن ناحية الاختيار.. أي أن الرئيس القادم سيدخل القصر الجمهوري محاطا بنسبة تأييد واسعة من المصريين تكفل له شرعية طاغية تمكنه من الانطلاق بالوطن في قوة وسط كل هذه التحديات الصعبة .
ولذلك فإن السؤال الذي يقفز علي الخاطر ويجب علينا توقع إجابة له هو : ماهي السيناريوهات المتوقعة بعد إعلان فوز الرئيس ( أي رئيس ) .. وإلي أي مدي سوف تؤثر هذه السيناريوهات علي استقرار الوطن وانطلاقته نحو البناء والتنمية لتحقيق أهداف الثورة وتأمينه ضد عملية اختطاف جديدة له ؟
في تقديري أن هناك سيناريوهين لا ثالث لهما.. السيناريو الأول هو اعتراف المرشح الخاسر بفوز المرشح المنافس الفائز وتقديم التهنئة له ودعمه ودعوة أنصاره ومؤيديه للالتفاف حول الوطن والمساهمة في البناء من موقع المعارضة الحقيقية التي هي جزء مهم من العملية السياسية والنظام الديمقراطي , والبدء في العمل الجاد لتحقيق أهداف الثورة التي يطالب بها الجميع كما يحدث في كل بلاد العالم الديمقراطية أو التي تسعي نحو ديمقراطية وليدة ولادة طبيعية وليست قيصرية !! , والسيناريو الثاني أن يخرج المرشح الخاسر بعد إعلان النتيجة إلي الشارع ويعلن عدم قبوله بالنتيجة ويدعو أنصاره ومؤيديه للنزول في الميادين وتثوير الشارع لتبدأ مرحلة جديدة من الفوضى بزعم أنها ثورة شعبية جديدة ضاربا عرض الحائط بالإرادة الشعبية التي تغني بها كثيرا في دعايته ومتخليا عن تصريحاته التي كانت تتحدث عن احترام الإرادة الشعبية !
ولأن أمامنا مرشحين اثنين فقط يخوضا السباق , فإنني أتمني أن يكون السيناريو الأول هو الغالب علي المشهد والحاضر في ذهنية كل أنصار فرسي السباق الرئاسي حتى يلتقط الوطن أنفاسه ويبدأ حالة العلاج ثم التأهيل ثم الانطلاق لآفاق جديدة , غير أن أكثر ما يخيفني هو هاجس السيناريو الثاني الذي أري له مقدمات تمر علي الجميع مرور الكرام لكنها تشكل ركائز لخطوة قد تلوح في الأفق إذا لم يسيطر العقل علي الرغبة الشديدة في الوصول لكرسي الرئاسة تحت أي ظروف ومقابل أي ثمن يدفعه المصريون , وإذا لم ننتبه إلي ضرورة التفكير في هذا السيناريو المحتمل وإجهاضه من المهد .
في يقيني وحسب قراءة واعية تستند إلي صفات وسمات وتصريحات وسلوك السيسي أنه لو خسر الانتخابات فلن يقدم علي أي خطوة قد يبدو منها أنها تعرض الوطن للخطر نظرا لعقيدته العسكرية وتربيته في القوات المسلحة بيت الوطنية المصرية , وأنه سيقدم التهنئة فور إعلان النتيجة للفائز دون ضغينة أو حقد أو غصة في الحلق لأنه لم يسع إلي السلطة وكلنا نعرف يقينا أن الشعب المصري هو من استدعاه للمهمة , وأن السيسي يدرك جيدا معني الوطن , وأنه لن يدخر جهدا في العمل من أجل مصر .
وفي يقيني أيضا – وأدعو الله أن أكون مخطئا – أن حمدين لو خسر الانتخابات ولم يفز بحكم مصر سيعترض بداية علي النتيجة ثم ينزل الشارع مع أنصاره أيا كان عددهم ويبدأ عملية تثوير جديدة تحت زعم أن الثورة لم تصل للسلطة , وكأن السيسي لم يكن فاعلا في ثورتي يناير ويونيو بشكل كبير , ولذلك معظم الرسائل التي تأتي من حمدين وحملته تمهد الطريق إلي ذلك فحملته وهو يتحدثان عن انحياز الدولة للسيسي , والإعلام للسيسي , والدول الداعمة لمصر للسيسي , ويتناسي أو يغفل أو يستهين بالإرادة الشعبية للمصريين وكأنه لا يراها وهو يتحدث عنها وعن انحيازها له بزعم أنه المرشح الأوحد للثورة ,وأنه الوكيل الحصري لها كمرشح رئاسي , أضف إلي ذلك عمليات المكر والخداع التي تمارسها حملته ويمارسها مع الإعلام عندما يتحدث عن انسحابه من السباق في حالة تزوير الانتخابات !!
وربما ما يضاعف هذا الإحساس بالقلق تجربته في الخروج للميدان عقب انتخابات الرئاسة السابقة رغم أنه لم يكن في السباق النهائي فيها ولعل أخطر ما سمعت منه هو رده علي سؤال ماذا لو خرج الشعب عليك.. قال سأترك السلطة بشرط أن يكون الخروج بأعداد تساوي من خرجوا في يناير ويونيو , أعتقد أن الإجابة تكفي للتعبير عن منهج وإستراتيجية الرغبة في الحكم تحت شعار الثورة تحكم !
في كل الأحوال أدعو لمصر بالسلامة وأن يكفيها الله شر حماقات الحمقى حتى نجتاز هذه المرحلة بسلام , وأن تتحول شعارات الوطنية إلي واقع يتجاوز الحسابات الشخصية والمصالح الخاصة وتضخم الذات .. اللهم آمين