عمار يا مصر
حرية.. تعبير.. حقوق إنسان.. ديمقراطية.. طابور طويل من الكلمات البراقة اللامعة تأخذ بعقول البسطاء وبألباب العامة من الناس عندما يسمعونها من هؤلاء الذين يجيدون اللعب علي أوتار القلوب المتعبة !! ومن لا يحب الحرية والتعبير عن الرأي, ومن لا يحب احترام حق الإنسان في الملبس الآدمي والطعام الآمن والصحة الجيدة والمسكن الإنساني والدخل الكافي لحياة آدمية طبيعية.. كلنا نحب ذلك ونبتغيه ونسعى لتحقيقه ونحن نحافظ علي الدولة بعناصرها .. الأرض والشعب والسلطة وأن ندرك أن غياب عنصر من هذه العناصر يهدم فكرة الدولة من الأصل.
المشكلة لا تكمن في الكلمات ولا في معانيها الراقية.. المشكلة تتركز في تطبيق هذه الكلمات وفي تحقيق الهدف منها فإن كان الهدف والمقصود هو صيانة الوطن ورفاهية الشعب وتقدمه ونقل المواطن من مراحل الفقر والبؤس والإحباط إلي الغني والرفاهية والأمل في غد أفضل فنعم الكلمات ونعم الهدف النبيل والمقصد الجميل , وإن لم يكن كذلك فلا خير في الكلمة ولا أمل في هدف يرجي !
ما رأيناه وما زلنا نراه من حرية تعبير وحقوق إنسان أنهم حولوا عن قصد وسوء نية الثوابت الوطنية إلي وجهات نظر فلا الدولة دولة , ولا الحدود ذات قيمة , وأصبحت الدولة هي السلطة , والسلطة هي الدولة في عملية خلط مقصودة فيصبح إسقاط النظام هو بالضرورة إسقاط للدولة ولا فرق !!
وحولوا الحديث عن الأمن القومي للبلاد إلي حاجة ( عيب وقلة أدب ) ورددوا دائما – وما زالوا – يعني إيه أمن قومي, وليه تخوفونا بالأمن القومي !! , وحولوا العملاء والخونة إلي قديسين ومصلحين اجتماعيين فبرزت وجوه شائنة حولها بعض كهنة الإعلام إلي نجوم من ورق سرعان ما حرقتها ضوء الحقيقة.
لم يعجبهم حال البلد وتقاليد وثوابت الشعب المصري فقرروا الانفتاح وفتح الأبواب علي آخرها وقرروا اعتبار زواج المثليين حق يجب الدفاع عنه , وأن رفضه هو اعتداء علي حق من حقوق الإنسان المعاصر المتحضر الذي يدعو إليه فريق في السجن وفريق ينتظر ومن حولهم من يناشدون بخروجهم من السجن لينعموا بالحرية ( وطظ ) في الوطن !!
اعتبروا الدعارة وتحويل الوطن إلي خمارة كبيرة وسوق نخاسة نوع من حرية الإبداع , فأسقطوا الأخلاق وجعلوا كل شيء مباح من أصغر الذنوب حتى أكبر الكبائر !!
ضاقوا ذرعا بالدولة فقرروا تفكيك عناصرها فهتفوا بسقوط الجيش والشرطة وشوهوا القضاء وركبوا الإعلام بمساعدة بعض القوادين من الإعلاميين يعرفون أنفسهم ولا تخطئهم العيون .. قسموا الشعب وضللوا أفكاره واعتبروا الوطن مساحة من الأرض البور يقضون فيها حاجتهم أملا في بناء وطن جديد يشيدونه علي أنقاض الوطن الأصلي !!
حولوا حقوق الإنسان إلي سبوبة يدافعون بها عن البلطجة والخارجين عن القانون وحملة السلاح وعشاق المولوتوف بكل طاقتهم وقوتهم ونزعوا عن باقي الشعب حقه في الحياة الآمنة ووصفوه بالتخلف والرجعية وأنه يستمتع بالذل والقهر والهوان !!
يقولون عكس ما يفعلون, ويفعلون غير ما يقولون.. يرتادون أسواق النخاسة يبيعون فيها الضمائر والأخلاق والتاريخ ويشترون بثمنها الخمر والكافيار والبارفانات ويقضون صيفنا الملتهب في أوروبا وسواحل الغرب الباردة ثم يخرجون أمام الكاميرات يتباكون علي الوطن الذي ضيعوه , وبعد توقف الكاميرات عن الدوران وانطفاء أضواء الكشافات يتحولون إلي مسوخ في ملابس آدمية يضحكون ويمرحون ويتعانقون ويتلاصقون فرحا ونشوة فقد حققوا لأسيادهم ما يريدون !!
الست ( حرية ) والبرنس ( تعبير ) وأخواتهم يدفعون بالوطن إلي الهاوية وينسون أنهم في أول طابور السقوط وسيسقطون لا محالة وسينجو الوطن بإذن الله , وعلي الباغي تدور الدوائر .
