الرأى العام له عذره لأنه لا اختصاص له فى الأبحاث الدقيقة للحكم على أداء قادته، بل هو له النتائج، وهى التى يريد أن يراها ويعيشها، ولا وقت عنده لإدامة التفكير، فإن أخطأ فمعظم المسئولية راجعة إلى من يقدمون له المقدمات غير الصحيحة أو غير النافعة (النخبة من قادة الفكر السياسى) لأن قواد الرأى العام كأنهم لم يهتدوا بعد إلى تحديد مطالب الأمة بصورة واضحة (بعد أكثر من عام على قيام الثورة، إلا الصراع على السلطة منفردين لجنى غنائم شخصية)، ولئن اهتدوا إلى بعض المطالب الموحدة فى صالح الوطن قبل صالحهم الذاتي، فإنهم لم يهيئوا لها شعور الناس بطريقة بينة خالية للأسف من التناقض الواضح فى مجالسهم. وأخيراً الرأى العام يحكم بشعوره دائماً وفى كل أمة على السواء، لذلك كانت وظيفة خدام الرأى العام أو قادته، تنحصر دائماً فى تهيئة الشعور القومى إلى قبول المبادئ العامة الصالحة للأمة وتوجيه الشعب إلى الوحدة والتماسك لا الفرقة والانحسار.