هناك رؤية واضحة مشتركة في ضرورة البحث عن حلول سياسية تعالج الازمات الاقليمية وتكون قائمة على الاجماع العربي والدولي المشترك تمنع احتكار دولة واحدة او طرف واحد او مصلحة واحدة لهذه الحلول ، وهذه النظرة العميقة الواقعية التي جاءت في كل من الخطابين المصري والاردني خلال الجلسة العامة للدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للامم المتحدة ليست الا تأكيدا على الرؤية الواحدة المشتركة في السياسة المطلوبة في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها العالم العربي ومنطقة الشرق الاوسط . وربما كان لقاء ملك الاردن مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو في بداية هذا الشهر اكتوبر تشرين اول هو تجسيدا واضحا لهذه الرؤية السياسية المشتركة .
رفض تقسيم الدول العربية وتفكيكها جاء واضحا في خطاب الملك عبد الله الثاني ، يقول الملك : ” يجب معالجة الوضع الامني في سورية والعراق من خلال منهج شمولي ، فالاردن يدعم عراقا موحدا ومستقرا وعملية سياسية وطنية شاملة هناك . وفي سورية يجب ان يكون هناك حل سياسي قائم على اصلاحات تكفل لكل من مكونات المجتمع دورا في اعادة بناء بلدهم ” . ومن جهته يؤكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي : ” اود ان اؤكد دعم مصر لتطلعات الشعب السوري في حياة آمنة تضمن استقرار سورية وتصون سلامتها ووحدة شعبها واراضيها ” . ويشير الرئيس المصري في خطابه الى ضرورة تحسين الاوضاع في العراق من خلال المساعي الداخلية والخارجية وضرورة تحقيق استقراره واستعادة ما وقع تحت سيطرة تنظيم داعش الارهابي بهدف الحفاظ على وحدة الاراضي العراقية .
كما اتفق كل من الخطابين المصري والاردني على ضرورة التصدي للتطرف والارهاب الذي يهدد امن واستقرار المنطقة ، يقول الرئيس المصري السيسي في خطابه الشامل والواضح امام الجمعية العامة للامم المتحدة : ” ان ما تعانيه منطقتنا من مشكلات ناجمة عن افساح المجال لقوى التطرف المحلية والاقليمية وحالة الاستقطاب الى حد الانقسام والاقتتال اضحى خطرا جسيما يهدد بقاء الدول ويبدد هويتها ” . واتفق كل من الخطابين على ضرورة التقدم نحو السلام وانشاء دولة فلسطينية مستقلة . يؤكد الرئيس المصري : ” على الرغم من تعدد الازمات التي تهدد منطقتنا تبقى القضية الفلسطينية على رأس اهتمامات الدولة المصرية ، فما زال الفلسطينيون يطمعون لاقامة دولتهم المستقلة على الاراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية تجسيدا لذات المبادىء التي بنيت عليها مسيرة السلام بمبادرة مصرية . اما ملك الاردن فيقول فيما يخص القضية الفلسطينية :” علينا ان نحشد الاستجابة الدولية الضرورية للتوصل الى تسوية نهائية دائمة ” .
ان الرؤية القومية التي تقودها مصر اليوم بكل قوة وثقة وتبنّي هذه الرؤية قد اصبح ضرورة عربية ملحّة لا مجال للشك او الطعن بها لانها تفرض نفسها في ظل الظروف والاحداث المتلاحقة والمتسارعة في المنطقة ، وتعيد التأكيد على انها الرؤية الاكثر فعالية في التصدي للتحديات والمطامع الخارجية التي يواجهها العالم العربي والدول العربية . ” تحيا مصر وتحيا شعوب الارض المحبة للسلام وتحيا مبادىء الانسانية وقيم التسامح والتعايش المشترك ” . بهذه التحية العظيمة ينهي الرئيس المصري خطابه التاريخي .