انتشرت في الساعات الأولى من فاتح يونيو2013 أنباء تفيد أن المعتقلين الموريتانيين محمد ولد صلاحي وأحمد ولد عبد العزيز قد تم تسليمهم إلى موريتانيا.
هذه الأنباء لم تظهر فقط على المواقع الموريتانية ولم يتداولها نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي الموريتانيين لكن مؤسسة مثل الجزيرة نقلتها عن مصادر موريتانية رسمية وبثتها كذلك معظم وسائل الإعلام العربية والدولية .
كانت تلك الإخبار مصدر فرح لدى عائلات المعتقلين ولدي الشعب الموريتاني، لكن سرعان ما تبدل ذلك الشعور إلى حالة من الخيبة بعد ما نفت الولايات المتحدة الأمريكية رسميا،حيث نقلت وكالة ألأنباء الفرنسية عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون قوله إن أي سجين لم يتم تحريره أو نقله من سجن غوانتانامو في كوبا خلال الأيام الأخيرة، مؤكداً أن السجن ما يزال فيه 166 سجيناً.
بعد هذا النفى ظهرت منشورات على فيسبوك غاضبة من الأخبار الكاذبة والمروجين فقد كتبت صفحة الحرية لمعتقلي غونتانامو أحمد عبد العزيز ومحمدو صلاحي:
يوم و ليلة من التغريد في عالم الخيال حيث بطشت بنا يد الشائعات وتقاذفتنا أمواج الأكاذيب لنستيقظ فجأة ونحن ملقون على شواطئ بحر الواقع المظلم المرير المحزن … !!!المعتقلون مازلوا معتقلين هناك في غرب الغرب مكبلين بالأغلال كالحقيقة هنا في بلد لاحقيقة فيه غير الفقر والفقراء المرض والمرضى الفساد والمفسدون .!
وبدأ بعض النشطاء الموريتانيين يتهمون النظام ببث الشائعة من أجل لفت الانتباه عن حالة الاحتقان الحاصلة في موريتانيا والاحتجاجات المطلبية المنتشرة في كل بقاع الدولة وعن الاتهامات التي توجه للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز والتي تفيد ضلوعه في تجارة المخدرات وغسيل الأموال وكذلك غيابه لأكثر من ثلاثة أسابيع في فرنسا من دون أي توضيح من الحكومة الموريتانية.
الخبر أعاد قضية الموريتانيين المعتقلين في غوانتامو الى الواجهة والتي تشعر الموريتايين بالاهانة وسبق وخرجت مسيرات ونظمت وقفات أمام القصر الرئاسي والسفارةالأمريكية في العاصمة الموريتانية نواكشوط تطالب بإطلاق سراحهم،وأطلقت مبادرات من أجل إطلاق سراحهم وتحدث المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان عن تدهور صحتهم في معتقل غوانتنامو .
عن المعتقلين الموريتانيين في غوانتامو (محمد ولد صلاحي وأحمد ولد عبد العزيز ):
محمد ولد صلاحي :
هو مهندس موريتاني من مواليد 1970 معتقل في غوانتامو منذ 4أغسطس 2002. بدأت قصته في تاريخ 20 نوفمبر2001،حيث غادر في ذلك اليوم منزل اهله في مقاطعة بوحديدة شرق نواكشوط متوجها الي منزل أحد اقاربه في مقاطعة تفرغ زينة غرب العاصمة نواكشوط ،لكن بعد وصوله إلى وجهته بدقائق رن هاتفه وكان المتحدث المفوض دداهي،الذي استدعاه للحضور الى مكتبه بادارة أمن الدولة.
وقام ولد صلاحي بالذهاب إلى ادارة الأمن تنفذا للامر،واتصل ولد الصلاحي بأحد اقاربه ليبلغه بان لا ينتظرونه بالعشاء وانقطع الاتصال،وفقد أهله الاتصال به.
وبعد ذلك إتصل شقيق ولد صلاحي بالمفوض دداهي وأكد له أن أخاه غير معتقل وإنما هو في مكان آمن لحمايته من المخابرات الامريكية التي تلاحقه وحذره من علم الصحافة او منظمات حقوق الانسان بوجود ولد صلاحي لدى ادارة الامن لان ذلك سيعرضه للخطر وهو ما اقتنع به وطبقه واقنع به والدته وأفراد الأسرة .
ظلت عائلة ولد صلاحي طوال 15 شهرا تظن أن ابنها موجود في موريتانيا الى أن أتاهم الخبر اليقين من طرف الصليب الأحمر وأكد لهم أنه،قد تم اختطافه وتسليمه إلى قاعدة غونتنامو الأمريكية،فنالنظام الموريتاني قام بتسليم ولد صلاحي بعد أيام قليلة من إعتقاله إلى المخابرات الأمريكية ،وقد حطت طائر أمريكية في مطار نواكشوط وأدخل إليها ولد صلاحي معصوب العينين ووضعت له حفاظة وخدر ليجد نفسه في اليوم الثاني بمركز أمني بضواحي العاصمة الأردنية عمان تديره الأجهزة الأمريكية وتم التحقيق معه هناك ونقل إلى سجن باغرام لينقل لاحقا إلى غوانتنامو.
ولد صلاحي كتب بخط يده مذكراته في 466 صفحة تحدث فيها عن فترة التحقيق الممتدة من 2005 إلي 2006 ونشر موقع Slate ملخصات لها.وقام موقع الرأي المستنير بترجمة فقرات تحدث فيها ولد صلاحي عن أيامه في سجن باغرام:
كان يمنع علينا التحدث بعضنا إلي بعض وكنا نكتفي بتبادل النظرات وكانت الأيدي والأرجل موثقة والبراقع الحمراء جاهزة لسدل عتمة الظلم على رؤوسنا، وشاهدت عديد السجناء يغيبون عن الوعي بعد حلقات تعليق بالأيدي والأرجل في قضبان حديدية… وكان السجناء يهذون في حلقات التعذيب المعلق قبل الغيبوبة مما يدفع الجلادين إلى مضاعفة التعذيب املا في الحصول على اعترافات.كان السجناء يجمعون في سبع عنابر مسيجة تحمل اسماء العمليات الجهادية ضد الأمريكيين مثل “نيروبي” “USS Cole” “دار السلام” ومن كل عنبر كان هنالك سجين يطلق عليه “الإنجليزي” وتوكل إليه ترجمة الأوامر لباقي السجناء. وكان “إنجليزي عنبري” سوداني يتحدث إنجليزية بسيطة وطلب مني سرا المساعدة يقول ولد صلاحي ولكني رفضت رغم أني بالنسبة له كنت شكسبير… وفي يوم من الأيام نزع الغطاء فوجدتني أمام مجموعة من الأمريكيين يأكلون ويمضغون باستمرار كانت أجسامهم قوية بعضهم اتسم باللطف ومنهم من كان العنف سمة معاملاته… بادرني أحدهم هل تعرف الإنجليزية فأجبت نافيا بعبارات مترهلة فعلق… نحن لا رغبة لدينا في ان تتكلم الإنجليزية… نريدك أن تموت ببطء… لم أعطه أي انطباع بأني فهمت لكن ذلك كان بداية ايام العذاب الذي لا يطاق… كانوا يعذبون السجناء نهارا ويمنعونهم من النوم لمدة 3 أيام أو تزيد وعندما يحتج أحدهم يقولون بأن الإرهابين لا يستحقون النوم
أحمد ولد عبد العزيز :
هو تاجر موريتاني يعمل بين دبي وباكستان وينشط في مجال التجارة الألكترونية، لكن المخابرات الأمريكية بدأت تترصده بمساعدة المخابرات الموريتانية واعتقلته في مدينة كراتشي الباكستانية عام 2001 .فالمخابرات الموريتانية كانت تداهم منازل أقاربه ومعارفه في موريتانيا بحثا عن أي معلومات تخصه ومنذ اعتقاله انقطع اتصاله بأهله ولم يصلهم منه سوى رسالة خطية واحدة حذف أغلبها،رزق أحمد ولد عبد العزيز بولد بعد اعتقاله من زوجته الباكستانية .
لمحة عن معتقل غوانتنامو :
هو سجن سيء السمعة، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بانشاءه في في خليج جوانتانامو شرق كوبا، وهو عبارة عن قاعدة أمريكية أجرتها الولايات المتحدة الأمريكية من كوبا في 23 فبراير 1903 مقابل 2000 دولار، وبدأت السلطات الأمريكية استعماله سنة 2002 من أجل سجن من تعتبرهم إرهابيين. ويعتبر السجن سلطة مطلقة لوجوده خارج الحدود الأمريكية، ، ولا ينطبق عليه أي من قوانين حقوق الإنسان، وقد وصفته منظمة العفو الدولية بانه يمثل همجية هذا العصر.
بدأ جلب المعقلين إليه في 11/1/2002 ووصل عدد نزلائه إلى 775 أطلق سراح أغلبهم وتبقى فيه إلى يومنا هذا 166 سجينا لم يقدم أي منهم للمحاكمة طوال فترة اعتقالهم تعرضوا خلالها لشتى أنواع التعذيب والمعاملة اللا إنسانية .
وقد قام 43 من المعتقلين في سجن غوانتامو بالدخول في إضراب عن الطعام وتحدث أحدهم يدعى سمير ناجي الحسن مقبل لمحاميه عن طريق مترجم وقال :
“إني مضرب عن الطعام منذ 10 شباط/فبراير، وخسرت حوالي 15 كيلوغراماً من وزني، إلا اني لن اتذوق الطعام قبل استعادة كرامتي”
وأضاف قائلا :
إنني أتعرض لإذلال مهين ومؤلم وإجبار غير ضروري على تناول الغذاء والقسطرة على يد القيادة العسكرية في معسكر غوانتانامو وأتهم بتهمة زائفة وهي أنني كنت سائقاً لأسامة بن لادن إلا ان هذا التهمة عارية من الصحة”. ولم أقدم لأي محاكمة حتى الاَن
إضراب سجناء غونتامو جعل الرئيس الأمريكي باراك أوباك يجدد وعده بإغلاق سجن غوانتنامو وقال في مؤتمر صحفي :
إنه ينبغي إغلاق سجن غوانتانامو، وإنه ببذل جهدا جديدا لإغلاق السجن، موضحا أن إدارته ستتواصل مع الكونغرس مجددا في محاولة لتذليل العقبات التي تعترض إغلاق المنشأة، وأضاف :
“ليست مفاجأة بالنسبة لي أن نواجه مشاكل في غوانتانامو. ما زلت مقتنعا بأن علينا إغلاقه. ومن المهم أن ندرك أن غوانتانامو ليس ضروريا لسلامة الأميركيين. إنه يكلف غاليا، وليس فاعلا”.
وكان أوباما سبق ووعد أثناء حملته الرئاسي الأولى لكن فشل إلى حد الآن في تحقيق ذلك الوعد .
وبدوره أدلى المعتقل السابق في سجن غوانتنامو الجزائري مصطفى آيت إيدير،بشاهدة لقناة فرانس 24 تحدث فيها عن سنوات إعتقاله، قال فيها :
عندما تعود من غوانتانامو، فكأنك وصلت لتوك من زحل، ووجدت نفسك على الأرض. لا أفهم ما يحدث لي، لا أعرف أين أنا. لم أعد أعرف حتى من أنا. معتقل “أكس- راي” في غوانتانامو هو المكان الأسوأ في العالم، لقد عددت المرات التي تعرضت فيها للضرب أو التعذيب: قرابة 500 مرة في سبع سنوات. لقد كسروا لي أصبعا. أحيانا، كانوا يلقون علينا غازات مسيلة للدموع قبل أن ينهالوا علينا بالضرب
وسبق وسرب موقع ويكيليكس 779 وثيقة تتعلق بسجن غوانتانامو والمعتقلين فيه تغطي الفترة ما بين 2002 و2008.
نشرتها صحيفة نيويورك تايمز و لخصت نتائج التحقيقات التي قامت بها اللجنة المشتركة وتحدثت عن خرق حقوق الانسان ومعلومات دقيقة عن المعتقلين في سجن غوانتامو .ونصائح حول بقاء المعتقلين أو ترحيلهم وتقييمات للحالة الصحية للمعتلقين وصور منهم ومحاضر التحقيق معهم .
معتقل غوانتنامو هو رمز للطغيان والظلم والقهر والخيانة واحتقار البشر فالحكومات العربية قامت بتسليم مواطنيها للمخابرات الامريكية وتقديمهم قرابين تلمق، ورميهم في سجن خارج نطاق الانسانية والقانون لسنوات طويلة من دون أي محاكمة،والحكومة الامريكية لاتستطيع أن تأتي بنزلائه الى أراضيها فذلك يحتم عليها أن تخضعهم للمسطرة القانونية .
وهو مايعني أن تتوفر لهم محاكمة عادلة ويطلق من تتم تبرأتهم منهم و تنتهي حالة إختطافهم .لذلك أظن أنه على المتضامنيين معهم أن يزيدوا من ضغطهم والاحتجاج أمام مؤسسات الدولة الموريتانية لكي تطالب بهم، وأمام سفارة أمريكا في نواكشوط حتى يغلق سجن غوانتنامو ويطلق سراحهم أو يحاكموا محاكمة عادلة ومن يتم تبرأته يعوض عن سنواته التي ضاعت والعذاب الذي ذاق.كذلك المطالبة بمحاكمة من قام باختطافهم وعذبهم في رحلتهم من أوطانهم إلى المعتقل البغيض.