هل نحن في حاجة لخطاب ديني مختلف ؟
ماهي ملامح هذا الخطاب وما هي معاييرة وأسسه ؟ وما هي اشكاليات الخطاب الحالي ؟
من أهم دعائم الفكر السلفي هو عدم تقديم العقل علي النقل وكأن النقل يفهم من تلقاء نفسه ولا يجب إعمال العقل فيه ، ولو علموا ماهية العقل ومعاييرة ومكوناته من الناحية العلمية لما اتخذوا هذا المنحي وهذا الفكر ولما عادوا العقل ولما تجمد فكرهم ، فخطابهم الديني يعتمد علي علي فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وهذا هو الأساس الذي قامت عليه الدعوة السلفية ويعتقدوا أن هذا هو الاتباع وما سواه ابتداع بخلاف التطرف في فهم النصوص واعتبار ظاهرها فقط وهذا يؤدي الي الجمود الفكري وعدم مواكبته للعلم والعصر وبالتالي ظهور موجات النفور والإلحاد ولمقاومة الفكر الإلحادي والفكر المتطرف والجامد
يجب أن نهتم بقضايا الإعجاز العلمي الحقيقية وليست السطحية أو التي تغالي في الأمر وتلوي عنق الآ يات والأحاديث وكذلك فهم قضايا العقل من منظور الدين والعلم وفهم الدين بطريقة صحيحة وسليمة وادخال العقل في المعادلة فلا تعارض بين النصوص والعقل ومحاولة فهم القضايا المتشابهه كبداية الخلق والقضاء والقدر وماذا بعد بوابة الموت ( حياة البرزخ ) بفهم قضايا الميتافزيقا ومنها الرووووووح
كثيرا ما نسمع في الاعلام أننا نحتاج تجديد لغة الخطاب الديني ولا احد يتحدث عن ملامح هذه اللغة ومعايير هذا الخطاب ، الكل يركز علي الوسطية والبعد عن العنف والتشدد وهذا مهم جدا لكن يتناسون ان التجديد الحقيقي يجب ان يدخل العقل في المعادلة وان يرتبط العلم بالدين لأن القصور في هذا الأمر أدي الي فهم الدين بطريقة سطحية وزاد من موجات الإلحاد في المجتمع وكذلك فرق تنشر فكرها المتشدد والسطحي بين الشباب وتعتبر المشكلتين وجهين لعملة واحدة فالتشدد يهدد أمن واستقرار المجتمع وكذلك الإلحاد حيث لا ضابط اخلاقي او قيمي عند الملحدين فالدنيا عندهم هي الهدف وهي الغاية ولا يوجد وازع داخلي يحميهم من الفساد الأخلاقي اللهم إلا الضمير والوازع الإنساني ، وإن لم يكن الرافد الرئيسي للضمير هو الدين فسد وأخذ إجازة يمكن أن تكون مفتوحة وخاصة أمام الإغراءات والشهوات وكذلك التهديد والعنف ، فالرافد الحقيقي للأخلاق هو الدين وإن كنا نري ممن يتنسبون الي الدين ممارسات غير أخلاقية فلابد من مواجهتهم بالدين والفكر وهم ليسوا حجة علي الدين ولكن الدين حجة عليهم فمن أقول الإمام علي كرم الله وجهه ( يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال ) أي اعرف الحق أولاً تعرف الرجال ، فإن كنا نريد خطاب ديني صحيح يؤسس لفكر معتدل ويرسي عقيدة صحيحة يجب ان نظهر تناسق وتوافق الدين مع العلم الحديث وكذلك نفهم الدين بشكل وسطي لأن الدين نهي عن المغالاة والتطرف عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة).
وقال تعالي ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا )
ويجب أن نفهم أنه ليست العبرة بالشكل ولا بكثرة العبادات انما المهم أن يترجم ذلك الي سلوك يرضاه الله ورسوله ويكون خير رسالة للعالم علي سمو الإسلام ورحمته لا الي الصورة التي نراها ونشاهدها كل يوم ، فعن رسول الله صلي الله عليه وسلم والحديث عند البخاري ومسلم ومسند أحمد بن حنبل وفي السنن الكبري للبيهقي والنسائي وسنن أبي داوود وفي كتاب الأحكام الشرعية الكبري أنه قال ( يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان – أي صغار السن – سفهاء الأحلام – أي حمقي – يقولون من خير قول البرية ، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ، كث اللحية ، مقصرين الثياب ، محلقين الرؤوس ، يحسنون القيل ويسيئون الفعل ، يدعون الي كتاب الله وليسوا منه في شيئ )
وروي عن ابن عباس والحديث في البخاري أنه كانت غنائم هوازن يوم حنين إذ جاء النبي صلي الله عليه وسلم رجل من تميم مقلص الثياب – اي مقصر الثياب – ذو شيماء بين عينيه أثر السجود فقال اعدل يا رسول الله ، فقال الرسول ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل ثم قال يوشك أن يأتي قوم مثل هذا يحسنون القيل ويسيئون الفعل هم أشرار الخلق والخليقة يدعون الي كتاب الله وليسوا منه في شيئ ، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم – اي لا يفهمون القرآن ولا يصل الي قلوبهم إنما هو قول اللسان – يحسبونه لهم وهو عليهم ، ليست قراءتكم الي قراءتهم بشيئ – اي يقرأون القرآن أكثر منكم ، ولا صلاتكم الي صلاتهم بشيئ – أي يصلون أكثر منكم ويمكن ألا يتركوا فرضاً إلا صلوه في جماعة وفي المسجد ، ولا صيامكم الي صيامهم بشيئ – اي اكثر صوماً ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، محلقين رؤوسهم وشواربهم وإزرهم الي أنصاف سوقهم ، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان )
فالناس يقتلون باسم الإسلام ممن ينتسبون الي الإسلام والإسلام منهم براء
فالواقع يظهر عدم اهتمام الإعلام بتطوير الخطاب وربطه بالعلم ويكتفوا بالكلام والحاجة للتغيير وتطوير لغة واسلوب الخطاب وهذا للاستهلاك وليس هناك جدية فلكي تقدم هذا النوع لابد من وجود راعي واعلانات فمن يرعي مثل هذه البرامج فللطبخ رعاة واعلانات من شركات الزيوت والسمن والمنظفات وللرياضة رعاة من شركات العصائر والمشروبات الغازية
فمن للبرامج الثقافية والدينية الهادفة والمتطورة ، هل لو وجد برنامج مثل العلم والإيمان كان يمكن أن يدعم ويكون له رعاة واعلانات ، المشكلة أن القائمين علي الإعلام في زمننا يعتقدوا ان مثل هذه البرامج ليس لها جمهور ولا مشاهدين وهذا غير صحيح لكن لا يريدوا المجازفة فرأس المال جبان والإعلام الحكومي في حجرة الأنعاش لذلك لن يكتب للبرامج الهادفة الظهور الي النور في المدي المنظور
من الآخر الخطاب الديني الوسطي الأزهري بالشكل التقليدي المعرووف ليس كافياً ولا يستطيع مواجة التطرف الديني والتطرف الفكري الإلحادي ولا يمكن أن تحل المشكلات الفكرية بالطرق الأمنية فقط ، يجب تحديث منظومة الفكر والفقة الإسلامي وعدم قصره علي فهم سلف الأمة فالفهم عمل عقلي ولو قصرنا الفهم علي فهمهم تجمد الفكر وانفصل الأئمة والدعاة والعلماء عن الواقع ، كذلك يجب الاهتمام بقضايا الإعجاز العلمي ففيها رد علي الملحدين والمتشددين الذين في غالبهم ينكروا فهم الكتاب والسنة بآليات العلم وبخلاف ما اعتادوا عليه من كتب التراث فقط ويعتبروا الفهم العلمي هو من البدع ويهتموا بالظاهر فقط حتي في الألفاظ ولا يعيروا المضمون عناية
الإسلام بحاجة الي مفكرين ومجددين وليس بحاجة الي جماعات دينية تعلي شعارات اصولية ولا تقدم شيئ من فكر معاصر وترفض الحاثة وتعتبرها بدع وضلالات وتدخل الي العمل السياسي باعتبار ان الدين لم يهمل كل مناحي الحياة وينظمها وهذه حقيقة لكن بلا فهم معاصر لقضايا الاقتصاد والسياسة بما فيها المفهوم الحديث للأمة وهي الدولة ويعتبروا أن الخلافة بمفهومها القديم والخلافة الحقيقية لم تدم إلا حوالي اربعين سنة هي عمر الخلافة الرشيدة للأئمة الأربعة تحولت بعدها لملك عضود ثم جبريات ، ومفهوم الخلافة الرشيدة لا يتعارض مع مفهوم الدول واستقلاليتها في العصر الحديث حيث تعقدت وتشعبت سبل الحياة ولا يكفي الوالي لتصريف امور البلاد والعباد ، الخلافة الإسلامية الرشيدة حققتها اوروبا بالعقل والعلم ونحن نتحدث عن عودة دولة الخلافة دون ان نعرض للتصور والمأمول والامكانية