سبيل معالجة قضية عدالة توزيع الدخل القومي يجب على الدولة أن تتدخل في أمرين:
مرة أولى في تحديد دخول عوامل الإنتاج ابتداءً ، بحيث يأخذ كل من العمل ورأس المال بمختلف مكوناته نصيبه العادل من الناتج القومي. ذلك أن قوى السوق ، وإن كانت تعكس بكفاءة المراكز النسبية لمختلف الأطراف ، إلا أنها لا تضمن للعمل نصيبه العادل من الناتج القومي. ومع هذا الوضع يكون على الدولة ، وفاءً بالتزاماتها تجاه العاملين والمستهلكين وتجاه السلام الاجتماعي ، أن تفرض حداً أدنى مقبولاً للأجور يتناسب مع مستويات المعيشة الحالية ، وحداً أعلى محتمل لأثمان السلع والخدمات الضرورية من خلال منع الممارسات الاحتكارية ، لتحقيق لنا الأجر العادل والثمن العادل والربح العادل.
وإذا كان هذا القدر من التفاعل بين قوى السوق وتدخل الدولة في تحديد مختلف الدخول يحقق قدراً من العدالة الاجتماعية ، لا يصح التقليل من شأنه ويلزم الحرص عليه ، إلا أنه ليس كافياً لتحقيق القدر المطلوب من هذه العدالة المنشودة. ولذلك يجب على الدولة أن تتدخل مرة ثانية لإعادة توزيع الدخل القومي بما يحقق المزيد من العدالة الاجتماعية بين مختلف الفئات الاجتماعية ، وبين مختلف أقاليم الدولة ، ويكون ذلك عن طريق توزيع الأعباء الضريبية وتوجيه النفقات العامة والاستثمارات الجديدة ، بما يدعم مستوى معيشة القاعدة العريضة ، وبما لا يضر بالتنمية الاقتصادية الواجبة أو بفرص العمل المطلوبة.
ومن هنا يتضح الدور الاجتماعي للبرنامج القومي والاستثمارات الجديدة ، وللسياسة المالية والموازنة العامة ، ولقطاع الأعمال العام ، التي يجب جميعاً أن تتجه أساساً لتلبية الحاجات الضرورية للجماهير العريضة.