آل البيت يطلق علي كل من هم من نسل الحسن و الحسين سبطي رسول الله عليه الصلاة و السلام. و لقد تعرض آل البيت للمضايقات و في بعض الأحيان للاضطهاد في فترات متعددة زمن الخلافة الأموية و العباسية، فلجأوا إلي مصر و عاشوا فيها، و كرم الله ثراها بأن حوت أجسادهم الطاهرة.
و عرف عن أهل مصر حبهم لآل البيت و تبركهم بهم. فكثرت الأضرحة التي تحمل اسمائهم. بعض هذه الأضرحة أجمع المؤرخون أنها تحوي رفات أصحابها بالفعل، و أضرحة أخري يسميها المؤرخون مشاهد الرؤيا أي أنها لا تحوي رفات أصحابها، و إنما أُقيمت للتبرك بهم فقط.
فمن من آل البيت جاء إلي مصر ؟ و من منهم دُفن فيها ؟
أولهم الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما. و إليه ينسب المشهد الحسيني في الأزهر. و الحقيقة أن الإمام الحسين لم يزر مصر أبداً في حياته. و لكن رأسه وصلت إلي مصر وفقاً لبعض أقوال المؤرخين.
فبعد مقتل الإمام الحسين في موقعة كربلاء، قُطعت رأسه و فصلت عن جسده، و أُرسلت إلي يزيد بن معاوية في دمشق. و يقول المقريزي أن الرأس مكث مصلوباً بدمشق ثلاثة أيام، ثم أٌنزل في خزائن السلاح حتي تولي سليمان بن عبد الملك الخلافة، فبعث فجئ به و قد صار عظماً أبيضاً، فجعله في سفط و طيبة و جعل عليه ثوباً و دفنه في مقابر المسلمين.
و هناك قول كثير من المؤرخين أن الرأس دفنت في مواضع كثيرة قبل أن تستقر في مدينة عسقلان في فلسطين. و عندما جاءت الحملات الصليبية علي الشام ز فلسطين و حاصر بلدوين الثالث الصليبي مدينة عسقلان، خشي الفاطميين أن يصل الصليبيين إلي رأس الحسين، فقامت الحامية الفاطمية في عسقلان بأخذ الرأس الشريف و حملتها إلي مصر و ذلك قبل دخول الصليبيين و استيلائهم علي عسقلان عام 1153 م / 548 هج.
و لقد أمر الخليفة الفائز الفاطمي في مصر بحفظ رأس الإمام الحسين في علبة في أحد سراديب قصر الزمرد، إلي أن تم بناء مشهد لها بالقرب من الجامع الأزهر الشريف و ذلك في عام 1154 م / 549 هج ، و هو المشهد الحسيني الموجود حالياً مواجهاً لجامع الأزهر.
أما ثاني أهم شخصيات آل البيت التي حضرت إلي مصر فهي عقيلة بني عاشم السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب و أخت الحسين بن علي.
فبعد مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه في كربلاء، سيقت نساء أهل بيته إلي الخليفة الأموي يزيد بن معاوية الذي سأل السيدة زينب عن المكان الذي تختاره لإقامتها فاختارت المدينة المنورة. و لكن وجودها في المدينة أجج نيران الثورة ضد الخلافة الأموية، فأمرها والي المدينة بالرحيل عنها، فاختارت مصر لتقيم فيها.
وصلت السيدة زينب بنت علي إلي مصر في شعبان عام 61 هج، و خرج لاستقبالها جموع المسلمين و علي رأسهم والي مصر الأموي مسلمة بن مخلد الأنصاري. و أقامت السيدة زينب في بيت الوالي حتي وافتها المنية بعد عام واحد من قدومها إلي مصر يوم 14 رجب من عام 62 هج، و دفنت في بيت الوالي، الذي تحول إلي ضريح لها.
و يقع ضريح السيدة زينب في المسجد الذي سمي باسمها في الحي الذي سمي باسمها و هو حي السيدة زينب.
و الشخصية الثالثة هي السيدة نفيسة ابنة الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، فهي أبنة حفيد الحسن بن علي بن أبي طالب و صاحبة المقام الشهير باسمها في مصر القديمة.
جاءت السيدة نفيسة إلي مصر يوم السبت 26 رمضان 193 هج، ففرح المصريون فرحاً عظيماً و استقبلوها استقبالاً حافلاً من العريش حتي وصلت مدينة مصر ( الفسطاط).
سكنت السيدة نفيسة في بيت وهبه لها واحد من كبار التجار و يسمي جمال الدين عبد الله الجصاص. ثم انتقلت لتقيم في بيت أم هانئ و هي من العابدات. و أخيراً انتقلت لدار وهبها لها والي مصر السري بن الحكم و كان ذلك عام 201 هج. و هي الدار الذي دفنت فيها بعد ذلك.
تكاثر الناس علي زيارة السيدة نفيسة حتي أرادت الرحيل مرة أخري للحجاز و قالت ” أنا أمرأة ضعيفة و قد شغلوني عن جمع زادي لميعادي، و مكاني ضاق بهذا الجمع الكثيف”. فسألها والي مصر السري بن الحكم في البقاء في مصر ، و وهب لها داراً واسعة تتسع للوافدين، وهي الدار التي انتقلت لها عام 201هج. كما حدد للناس يومين فقط في الأسبوع لزيارة السيدة نفيسة حتي لا يشغلها الناس عن العبادة و الطاعات. فقبلت ذلك.
عاشت السيدة نفيسة في مصر حوالي 7 سنوات، حتي مرضت و ماتت عام 208 هج. و دفنت بنفس الدار التي كانت تقيم فيها.
و الشخصية الرابعة هي السيدة عائشة هي ابنة الإمام جعفر بن محمد باقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. فهي من آل البيت.
جاءت إلي مصر في عهد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور هرباً من بطشه بآل البيت. فأقامت في مصر مدة، و كثر مريدوها من أهل مصر، و توفيت سنة 145 هج، و دفنت في منزلها.
أجمع المؤرخون علي قدوم السيدة عائشة إلي مصر ووفاتها فيها. و يقول السخاوي في (تحفة الأحباب) أن السيدة عائشة مدفونة في مصر، و أنه عاين قبرها في تربة قديمة علي بابها لوح رخامي مدون عليه ” هذا قبر السيدة الشريفة عائشة من أولاد جعفر الصادق ابن الإمام محمد باقر ابن الإمام علي زين العابدين ابن الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه”.
هذه هي أهم أربع شخصيات من آل البيت أكد معظم المؤرخون علي قدومهم إلي مصر، و أنهم بالفعل أصحاب الأضرحة الموجودة باسمائهم الآن.
و هناك أربع شخصيات أخري من آل البيت اختلف المؤرخون علي قدومهم لمصر، و شككوا في أنهم بالفعل يسكنون برفاتهم الأضرحة الموجودة في القاهرة باسمهم، و هؤلاء هم : السيدة سكينة و السيدة فاطمة النبوية أبنتا الإمام الحسين بن علي بم أبي طالب. و الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، و الذي سميت باسمه منطقة زين العابدين في حي السيدة زينب.
و كان زيد بن علي قد نهج نفس نهج جده الحسين، فثار علي الخلافة الأموية أيام الخليفة هشام بن عبد الملك، و تقابل في نفر من أتباعه مع الجيش الذي بعث به هشام بن عبد الملك. فقُتل معظم أتباعه و قُتل هو في المعركة سنة 121 هج، و قطعت رأسه و أمر الخليفة أن يطاف بها في كل الأمصار. فجاءت إلي مصر أيام الوالي حنظلة بن صفوان.
و اختلفت الروايات هل دُفنت الرأس في مصر في موضع مشهد زين العابدين الموجود الآن، أم أنها خرجت من مصر و استقرت في دمشق حيث تقول الروايات أنها أُحرقت.
و الأخير هو ضريح الإمام محمد الجعفري بن جعفر الصادق بن محمد باقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب. فهو يعد من أضرحة الرؤيا أو مشاهد الرؤيا. فهو ضريح بلا رفات.