في تطور ذي مغزي ، انتقل نظام مرسي من مرحلة التجارة بالدين إلي التجارة بالوطن . فبعد أن كسدت تجارة الدين ، وأعرض الشعب عن بضاعتها المغشوشة وقد جرب زيفها ، لجأ النظام إلي التجارة بقضايا الوطن ، لعلها أن تجد سوقاً رائجة بين البسطاء ، ولو إلي حين . فنظم مرسي مؤتمراً لأهله وعشيرته بدعوي مواجهة سد النهضة ، ثم شفع بآخر لنصرة الشعب السوري ، وما ابتغي من وراء الإثنين إلا نصرة نفسه ونظامه الفاشل أمام ما سيحمله معه يوم الثلاثون من يونيو ، وإن نفسه لأحب إليه وأعز عليه من مصر ونيلها وملايين السوريين .
مشهد الصالة المغطاة باستاد القاهرة كان غريباً علي مصر ؛ ولولا سابق علمي أنه في مصر لظننت أنه في الجزيرة العربية أو باكستان أو أفغانستان . رجال دين في زي لا نألفه ، لا تعلو وجوههم من سماحة الإسلام ولا وسطيته شئ ، بالغوا في نصرة مرسي بالدين ومهاجمة معارضيه ، حتي وصفهم أحدهم بالكافرين والمنافقين ، فلم يبق إلا أن يدعو لقتالهم وقتلهم ! .
وأناس في المدرجات من فصيل واحد لا تري فيهم من سيماء الشعب المصري أثراً ولا من أي من أطيافه أحداً، ولا تحس فيهم من روحه ولا من سماحته شيئاً، ولا حتي في هتافهم ؛ حتي المرأة لم تبد كالمصرية التي نعرفها . وبدا علم مصر المرفوع وسط هذا المهرجان غريباً ليس في وطنه ولا في مكانه ، وكأنه من مغانم الحرب قد رفعوه ليشهدوا الدنيا علي الوطن الذي غنموه .