لم تكن تلك الليلة كغيرها على الأم الخمسينية، غاب عنها النوم وظلت مستيقظة طوال ساعات الليل تنتظر سماع صوت ابنها المجند عبر الهاتف ما بين النوم واليقظة تسترجع ذاكرتها صور الشهداء من رجال الشرطة والجيش، تستيقظ الأم على غصة في قلبها، وتمسك هاتفها المحمول يرن الهاتف دون مجيب، دقائق تسمع صوت ابنها الشاب ويرد عليها أحد زملائه الذي حاول طمأنتها على ابنها المصاب.
داخل قرية «عرب جين» بمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية اعتاد محمد عادل سليمان، الشاب العشريني، الخروج من منزله في الساعات الأولي من الصباح متجها إلى الورشة التي يشتغل بها لحاما على أطراف قريته، لم يتذمر يوما من صعوبة عمله أو دخله الذي لا يتعدي 500 جنيه، كان يشغل باله علاج أمه المريضة.
استقبل محمد خبر تجنيده في قوات الأمن المركزي العام الماضي بالفرحة، لم يخش استهداف الجماعات الارهابية رجال الجيش والشرطة فهو يرى أن هذا شرف لكل مصري، على حد تعبيره.
«حسبي الله ونعم الوكيل ابني طيب وغلبان عمره ما أذى حد ليه كانوا عاوزين يموتوه؟».. بهذه الكلمات تحدثت أم محمد لـ«المصري اليوم»، وقالت: «كنت حاسة إن اليوم ده محمد هيتصاب مقدرتش أنام لحظة واحدة وكان نفسي أكلمه علشان أطمن عليه بس ملحقتش وعرفت الإصابة من واحد زميله».
استهداف سيارة الشرطة من الجماعات الإرهابية بإلقاء قنبلة أثناء مرورها في منطقة «سوارس» بمدينة أبوكبير بمحافظة الشرقية تسببت في إصابة «محمد» بشظايا في منطقة البطن والظهر دخل على أثرها غرفة العمليات لمدة ساعة كاملة خرج بعدها لا يدري شيئا حوله على سرير تتشابك الأسلاك الدقيقة في أنفه متصلة بجهاز طبي داخل غلافة العناية المركزة.
خاله صلاح السيدعبده احتضن كفيه، وقال: «آخر مرة محمد كلم أمه كان قلقان من يوم 28 وقالها ادعيلي يا أمي، رغم إنه طول الأيام اللي فاتت كان بيحاول يطمننا، ولازم الداخلية تتعامل بقوة مع أي حد يحاول يخرب البلد لأنهم بالشكل ده بيولعوا البلد».