“عمال النظافة ” أشخاص لجأوا إلى عمل يدير عليهم جنيهات معدودة تحت ذل ومهانة المسئولين الذين سخروهم لنظافة الشوارع والميادين والمنشئات ، مما جعلهم يتسولون فى الشوارع ويمدون أيديهم لطلب المال ، ورغم ذلك يتحملون على طاقتهم مالا يطيقون من أجل الحصول على دخل يوفر لهم حياة شبة كريمة لهم ولأولادهم .
إلتقت ” أحوال مصر” مع هذه الفئة من عمال النظافة و في البداية يقول فرج سمير ” عامل نظافة بمجلس محلى ” نعمل ليل نهار من أجل الحصول على جنيهات معدودة شهرياً “ثمن كيلو لحم ” على حد قولة ، و أن المسئولين يرفضون تثبيتنا في هذا المجال مهما طالت فترات العمل.
وأضاف سمير ، أعول أسرة من 7 أفراد وليس لنا دخل إلا هذا لأنه لا يكون هناك وقت أقوم به بعمل آخر حيث أعمل من الساعة السابعة صباحاً حتى العاشرة مساءً فأين الوقت الذي أعمل فيه عمل آخر يساعدني في مصاريف المنزل التي أصبحت غير قادراً عليها بسبب غلاء الأسعار .
ويقول ناصر برهام “عامل نظافة في إحدى الشركات الخاصة” أعمل هنا منذ 7 سنوات وراتبي لا يتعدى 460 جنيهاً ولم يتم تثبيتي حتى الآن طول هذه السنوات” أكنس وأمسح و أنظف حمامات ” من أجل الحصول على الراتب لسداد ديوني وحوائج المنزل .
وأضاف برهام ، لماذا يثبتونني ويلزمون أنفسهم بالعقد والضمان والتأمين الصحي والتأمين ضد العجز والحوادث “وهما يقدرو يجيبوا 100 واحد غيري لو مش عاجبني طبعاً” فضلاً عن الحوافز والبدلات والراحة الأسبوعية الإجبارية مدفوعة الأجر والإلتزام بألا يزيد دوام العمل بأي حال عن ثماني ساعات في كل أربع وعشرين ساعة وهذا لم أراه منذ عملي هنا طوال تلك السنوات.
ذهبنا نتفقد بعدساتنا في شوارع محافظة سوهاج لنرصد مأساة عمال النظافة الذين يمارسون عملهم تحت حرارة الشمس والتقينا مع حارس مجاهد “عامل نظافة ” والذي حدثنا قائلاً :أعمل 10 ساعات يومياً و مرتبي جنيهات معدودة و “لكن أكل العيش مر ” فلا أجد مهنة تدير لي دخلاً ثابتاً لانني تقريباً عملت بجميع المهن الصعبة والغير مربحة والخطيرة و لكن بحكم سني الذي تعدى الـ60 عاماً أعمل في النظافة .
وأضاف مجاهد أن الذي أتقاضاه من هذه المهنة لا يكفيني أنا و أسرتي ” عيش حاف ” و عمري تعدى سن المعاش و لا يتم تعييني في أي مصلحة حكومية ولا يوجد معاشاً لأولادي بعد وفاتي ، كما أصبحت غير قادر على العمل فمن يعولني أنا وأسرتي ؟ .
وبينما كنت أتحدث معه فاجئني منظر غريب جعلني أذهب نحوه مسرعاً و هو عامل نظافة يستوقف السيارات ليتقاضى أموال من قائديها مما جعله يتحول من عامل نظافة إلى ” متسول ” فتحدثت معه وهو يدعى فارس .ق فقال: أتقاضى 280 جنية شهرياً وأعمل بعقد ولم يتم تثبيتي حتى الآن وهذا ما دفع المارة إلى العطف عليا بأموال تساعدني في متطلبات المنزل والأسرة التي أصبحت أسعارها مرتفعة جداً .
تركنا الشارع وذهبنا إلى الشركات والمصالح التي يعمل بها عمال النظافة وتحدثنا مع المسئولين فمنهم من رفض الكلام ومنهم من رفض ذكر إسمه ومنهم من إكتفى بجملة ” لو مش عاجبهم الباب يفوت جمل ” .
حيث أكد مدير شئون العاملين بأحد الشركات أنه توجد لدينا عمالة زائدة ولم نزعم في يوم من الأيام على رحيلها نظراً لحالتهم الإجتماعية السيئة مما يعرض الشركة للمسائلة القانونية ، مضيفاً أنه يتم صرف بدلات ووجبات و بدل أجازات لهؤلاء العمال و لكن عندما تكون هناك أرباح في الشركة .
و أوضح أنهم بجانب رواتبهم يتقاضون “بقشيش” من العاملين بالشركة عند القيام بعمل المشروبات لهم أو قضاء مطالبهم ، مما يزيد من دخلهم فالعامل يتقاضى أكثر من عشرة جنيهات يومياً من الـ”بقشيش”.
كما اهتم علماء الاجتماع بمناقشة هذه المهنة ، حيث أوضح الدكتور عبد المنعم جحا “مدرس علم الإجتماع” أن هذه الفئة من العاملين في النظافة أشخاص دفعتهم الحياة الاقتصادية الصعبة إلى ممارسة تلك الأعمال التي لا تدير عليهم جنيهات معدودة ، مما يعرضهم إلى ذُل المارة وسط أعمالهم الشاقة التي يقيمون بها .
وأضاف أنه لابد من توفير حياة كريمة لهؤلاء الأشخاص من خلال زيادة مرتباتهم و توفير معدات حديثة يعملون بها وتحديد ساعات العمل لهم حتى يشعرون بشخصيتهم وهيبتهم التي تزول عقب نزولهم الشارع”بالمكانس والمقشات”.
حياة إقتصادية صعبة يعيشها تلك الأشخاص و مطالب أسرية لا تتوقف و دخل لا يتعدى جنيهات معدودة إلى جانب الذُل للحصول على لقمة العيش الذي وصل بهم إلى التسول في الشوارع و طلب الأموال من المارة ، فمتى ينظر المسئولين إلى هؤلاء بعين الرحمة والشفقة ؟ .