تسببت العاصفة الثلجية التي تضرب عدة دول بمنطقة الشرق الأوسط لليوم الثالث على التوالي في مصرع طفل فلسطيني، فضلاً عن 4 لاجئين سوريين بلبنان، وإصابة العشرات من الأشخاص واقتلاع الكثير من الأشجار والزراعات وقطع العديد من الطرق جراء تراكم الثلوج.
ومنذ مساء الثلاثاء الماضي، تضرب عاصفة ثلجية كلا من الأردن وفلسطين ولبنان ومصر، أطلقت عليها دوائر الأرصاد الجوية الأردنية والفلسطينية اسم “هدى” فيما أطلقت عليها الأرصاد الجوية في لبنان “زينة”.
وفي مخيم “طولكرم”، شمال الضفة الغربية، توفي طفل فلسطيني، في وقت متأخر من ليل أمس، وأصيب 36 آخرون منذ بدء العاصفة الثلجية ” هدى” على الضفة الغربية المحتلة، بحسب بيان للدفاع المدني الفلسطيني.
وقال الدفاع المدني الفلسطيني، في بيان له، وصل الأناضول نسخة منه، إن طواقمه تعاملت مع 1783 حادث إطفاء وإنقاذ منذ دخول المنخفض الثلاثاء وحتى صباح اليوم الخميس، نتج عنها وفاة طفل بحريق في منزل في مخيم طولكم، وإصابة 36 مواطنًا آخرين معظمهم بحوادث سير.
وأضاف البيان أن معظم الحوادث التي تعاملت معها الطواقم بالتزامن مع المنخفض الجوي العميق كانت سحب مركبات عالقة وإزالة أشجار ولوحات إعلانية آيلة للسقوط وتصريف مياه من منازل ومنشآت وفتح طرق مغلقة وتقديم المساعدة بإخلاء 149 مواطنًا من أماكن تواجدهم إلى أماكن آمنة.
أوضح أن محافظتي رام الله والبيرة “وسط” شهدتا النصيب الأوفر من حالات تقديم المساعدة وصلت 1105 حالات كان منها 905 حالات تقديم المساعدة بسحب مركبات عالقة.
ودعا الدفاع المدني المواطنين إلى التزام منازلهم والحد من الخروج إلى الشوارع بالمركبات إلا للضرورة القصوى خاصة بالمحافظات التي تشهد تساقط ثلوج، كما ناشد المواطنين بالاستخدام الآمن لوسائل التدفئة ومراقبة أطفالهم واستخدام وسائل الإنارة البديلة في حال انقطاع التيار الكهربائي .
وتوقعت دائرة الأرصاد الجوية أن يكون الجو، اليوم الخميس، غائماً جزئياً إلى غائم وشديد البرودة، وتسقط زخات من الأمطار فوق معظم المناطق، ويحتمل تساقط زخات خفيفة من الثلوج فوق المرتفعات الجبلية التي يزيد ارتفاعها على 900 متر فوق سطح البحر، والرياح غربية معتدلة السرعة تنشط أحيانا والبحر متوسط ارتفاع الموج إلى مائج.
وكانت الحكومة الفلسطينية أعلنت تعطل الدوام في المؤسسات والوزارات الحكومية اليوم الخميس.
وفي قطاع غزة، قال سعيد السعودي، مدير عام الدفاع المدني، لوكالة الأناضول، إنّ 10 فلسطينيين في قطاع غزة، أصيبوا فجر وصباح اليوم (الخميس) بسبب المنخفض العميق، الذي يضرب المنطقة.
وأضاف السعودي، أن الدفاع المدني تعامل مع 8 إصابات ميدانيا، وتم معالجتهم فيما تم نقل إصابتين إلى مشافي القطاع لتلقي العلاج.
ولفت السعودي إلى أن معظم الإصابات طفيفة، مشيرا إلى أن سبب الإصابات، ناجم عن تطاير ركام المنازل المدمرة بفعل الحرب الإسرائيلية الأخيرة، إضافة إلى تطاير “خزانات المياه” الفارغة، جراء عدم تعبئتها بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وضخ المياه إلى البنايات العالية.
ووفق السعودي، فإن الدفاع المدني تعامل مع أكثر من 70 حالة تضمنت إزالة المخاطر من حريق، وتطاير للأسقف (المصنوعة من الحديد أو الخشب).
وأعلنت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في قطاع غزة عن تعليق العمل بكافة مؤسسات التعليم العالي والمدارس الحكومية، اليوم الخميس، بسبب الأحوال الجوية السيئة.
كما أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عن تعليق العمل في مدارسها اليوم الخميس بسبب المنخفض الجوي.
وفي الأردن، توقعت مراكز الرصد أن يستمر تأثير العاصفة هدى على الأردن خلال اليوم الخميس، وأبقت أجهزة الدولة على حالة الطوارئ القصوى تحسبًا لانقطاع التيار الكهربائي وإغلاق الطرق في وسط وشمال وجنوب المملكة، والتي واصلت قوى الجيش والدفاع المدني فتحها تباعا، وإخلاء العالقين فيها.
ففي العاصمة عمان، قال مدير المدينة في أمانة العاصمة، فوزي مسعد، للأناضول، إن كوادر الأمانة التي تتعامل مع العاصفة الثلجية تقدر أعدادهم بآلاف الموظفين ذوي الكفاءة، وهم يتلقون بلاغات المواطنين ويتعاملون معها على وجه السرعة.
أما مدينة السلط (شمال غرب العاصمة) فتشهد انقطاعات مستمرة في التيار الكهربائي لساعات طويلة، جراء سقوط الأشجار على كابلات الكهرباء، بحسب مسؤولين محليين.
وأمس، أعلنت السلطات الأردنية توقف حركة النقل البحري بين خليجي العقبة ونويبع وتأجيل بعض الرحلات الجوية.
كما أخلت السلطات المحلية عددًا من اللاجئين السوريين في بعض المخيمات لاسيما من الذين يقطنون الخيام إلى بيوت تقيهم برد العاصفة “هدى”، إثر اقتلاع عدد من خيام اللاجئين وغرق البعض الآخر، فيما لم تسجل أية حالة وفاة حتى الساعة 12 ت.غ.
وفي لبنان، لقي 4 لاجئين سوريين بينهم طفلان مصرعهم منذ بدء العاصفة الثلجية “زينة” مساء الثلاثاء جراء البرد القارس المرافق للعاصفة.
واليوم الخميس، تساقطت الثلوج على مناطق ترتفع عن مستوى سطح البحر قرابة 400 متر فقط، بعد أن كانت تتساقط على الأماكن التي ترتفع 800 متر.
وفي مدينة صور (جنوب)، ازدادت الأضرار بالزراعات من شدة سرعة الرياح حيث تطايرت أغطية الخيم البلاستيكية وأدت إلى تضرر أشجار الحمضيات والموز، بحسب مراسل الأناضول.
كما أغرقت الأمطار الحقول الزراعية ملحقة أضرارًا بها فيما لا تزال غالبية الطرقات الجبلية مقطوعة تعمل الجرافات على فتح الطرقات المقطوعة بالثلوج.
أما بالنسبة للصيادين في البحر فقد تعطلت أعمالهم وتعرض عدد من المراكب لإضرار داخل ميناء صور بسبب ارتفاع الأمواج.
كما أطلقت صيحات وصرخات الاستغاثة من النازحين السوريين القاطنين في الخيم في المناطق الجبلية وخاصة في البقاع شرق لبنان والشمال.
بدوره، أعلن وزير التربية والتعليم العالي، الياس بو صعب، إغلاق المدارس والثانويات ومعاهد ومدارس التعليم المهني والتقني الرسمية والخاصة من كل المستويات وعلى الأراضي اللبنانية كافة، اليوم الخميس فقط، داعيًا المدارس كافة إلى التزام قرارالإغلاق.
ومساء الثلاثاء، قال مصدر طبي إن أول حالة وفاة لطفلة سورية لاجئة في لبنان سجلت جراء البرد القارس المرافق للعاصفة “زينة”.
وأمس الأربعاء، لقي 3 سوريين مصرعهم بينهم طفل بعمر 6 سنوات، نتيجة البرد القارس، بينما كانوا يحاولون العبور من سوريا الى منطقة شبعا اللبنانية الحدودية جنوب شرق البلاد، للقاء عائلاتهم اللاجئة في المنطقة.
وقال الناشط في المجال الإغاثي في المنطقة، طارق أبو صالح، لـ “الأناضول”، إن “السوريين الثلاثة كانوا يحاولون العبور إلى الأراضي اللبنانية قادمين من منطقة جبل الشيخ السورية الحدودية”.
وأوضح أبو صالح أن “الأشخاص الثلاثة توفوا نتيحة البرد القارس الذي يرافق العاصفة زينة وهم كل من الطفل ماجد البدوي (6 سنوات) ومحمد إبراهيم أبوضاهر (27 سنة) وعمار كمال (30 سنة)”.
وهذه من المرات النادرة في لبنان التي تتساقط فيها الثلوج على ارتفاع 400 متر من سطح البحر، حيث عادة ما تغطي الثلوج المرتفعات ابتداء من 800 متر و1000 متر فما فوق.
وتتأثر سوريا أيضًا منذ يومين بمنخفض جوي قطبي المنشأ مترافق مع جبهة هوائية شديدة البرودة، أدت إلى تساقط الثلوج والأمطار في معظم المحافظات.
وتوقع زكريا العيسى، المتنبئ الجوي في مركز التنبؤ بمديرية الأرصاد الجوية السورية (حكومية) أن يضعف تأثير المنخفض الجوي خلال ساعات النهار يوم غد الجمعة ولكنه يبقى مستمرا على المرتفعات الجبلية مع هطولات مطرية ممزوجة بالثلوج فوق المناطق الشمالية والساحلية(غرب)، بحسب تصريح له لوكالة أنباء النظام(سانا).
وأوضح العيسى أنه من المتوقع تجدد فعالية الجمعة نتيجة تدفق كتلة هوائية شديدة البرودة قطبية المنشأ ما يؤدي إلى تساقط الثلوج والأمطار فوق أغلب المناطق في المحافظات حيث تكون سرعة الرياح معتدلة مع هبات نشطة مشيرا إلى أن درجات الحرارة تبقى أدنى من معدلاتها بنحو 7 إلى 9 درجات.
وذكرت سانا أن سماكة الثلوج في منطقة جبل الشيخ بمحافظة القنيطرة جنوبي سوريا وصلت إلى ما بين متر ومتر ونصف المتر.
ولم تشر الوكالة الرسمية التي نشرت صوراً للثلوج المتراكمة في شوارع عدد من المدن السورية، إلى وقوع وفيات بسبب المنخفض الجوي الذي يصيب البلاد، كما لم تشر أيضاً إلى اسم محلي له على غرار البلدان المجاورة لبنان والأردن وفلسطين.
وفي مصر، تواصل الطقس السيئ غير المستقر وشديد البرودة على كافة الأنحاء، بحسب بيان الهيئة العامة للأرصاد الجوية.
وقال البيان: “تتكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة شمالا يصاحبها سقوط الأمطار الغزيرة على السواحل الشمالية وعلى سيناء (شمال شرق)، وسلاسل جبال البحر الأحمر (شرق)، وعلى الوجه البحري (شمال)، والقاهرة حتى شمال الصعيد (وسط).
وبحسب مراسل الأناضول، شهدت شوارع مصر، عزوفا شعبيا، حيث فضّل أغلب المصريين البقاء في منازلهم، خاصة مع الطقس السيئ، نتيجة الأمطار المتواصلة المصحوبة ببرق ورعد، ما أدى إلى تكدس المياه في بعض الشوارع الرئيسية.
في الوقت الذي نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية، إعلان هيئة ميناء دمياط (شمال) استمرار غلق الميناء أمام الملاحة البحرية لليوم الثالث على التوالي، وهو ما تم في بوغازي الإسكندرية والدخيلة (شمال) أمام حركة الملاحة نظرا لسوء الأحوال الجوية وزيادة سرعة الرياح وارتفاعات الأمواج.
وفي تصريحات صحفية، قال وحيد سعودي، المتحدث باسم هيئة الأرصاد الجوية، إن “سبب التقلبات المناخية هو وجود منخفض جوى شرق حوض البحر المتوسط مصحوب بالرياح، بجانب منخفض جوى آخر فى طبقات الجو العليا مصحوب بتيار نفاث شديد البرودة يؤدى لتكاثر السحب الممطرة”.
وبدأت فعليًا الأربعاء، عاصفة ثلجية قطبية المنشأ، نتيجة لمنخفض جوي لبلاد الشام (فلسطين، الأردن، لبنان، سوريا)، وتأثر بها (مصر، تركيا، السعودية)، إلا أن بوادرها ضربت تلك البلدان منذ مساء الثلاثاء.
وأطلقت دوائر الأرصاد الجوية الأردنية والفلسطينية، وبعض الشخصيات العربية العاملة في مجال المناخ على العاصفة الثلجية اسم “هدى”، فيما أطلقت عليها لبنان اسم “زينة”.
وبحسب الراصد الجوي الفلسطيني، قُصي الحلايقة، في بيان له، “بدأ المنخفض الجوي المسؤول عن تشكيل العاصفة “هُدى” إلى الشمال من جزيرة قبرص”.
وأضاف: “مع ساعات صباح الخميس، تضعف الفعالية الجوية المرافقة للمنخفض الجوي، ويكون الطقس نهاراً شديد البرودة وغائماً جزئياً إلى غائم، وتسقط ثلوج متقطعة بحدة خفيفة وأحياناً متوسطة فوق الجبال التي تزيد على 700-800 متر فوق مستوى سطح البحر، فيما تهطل زخات متفرقة من الأمطار في بقية المناطق”.
وتابع: “في ساعات ليل الخميس/ الجمعة، وبسبب استمرار تدفق الرياح شديدة البرودة والقطبية المنشأ، يُتوقع تشكل منخفض جوي الى الجنوب الشرقي من جزيرة قبرص ليتمركز لاحقاً في شمال الأراضي الفلسطينية”.