– ارتباط الإعلام الجديد بتعدد العلاقات العاطفية للمراهقات وميلهن للحياة الافتراضية
– الإعلام يستغل سمات المراهقة في أغراضه التجارية على حساب رسالته الاجتماعية
نظمت مديرية الثقافة بسوهاج اليوم محاضرة عن دور الإعلام في حياة المراهقات للمدارس الثانوية تحدث فيها الدكتور صابر حارص أستاذ الإعلام ورئيس وحدة بحوث الرأي العام بجامعة سوهاج، وأوضح فيها أن مرحلة المراهقة في حياة الفتيات تبدأ من سن 13 أو مع بداية الحيض وتنتهي في سن 19 وقد تزيد عامين حسبما تحددها البحوث العلمية، وانها أشبه بالمرحلة الانتقالية في حياة المجتمعات لأنها تتسم بالاضطرابات والتحولات الجسدية والعضوية والنفسية والاجتماعية والانفعالية والعاطفية والوجدانية التي تنعكس في سلوكيات وافكار وأحلام وقناعات وميول المراهقات لانتقالهن من الطفولة إلى الشباب.
وأكد حارص أن ثمة مشكلات نفسية وانفعالية واجتماعية تعاني منها المراهقات ويلزم على الأسرة والمدرسة والإعلام مراعاتها في التعامل معهن كالتطرف في المشاعر والانفعال الحاد والحساسية المفرطة من النقد والصدام مع الأسرة والرغبة في الاستقلال عنها وتفضيل الصديقات والأصدقاء عليها والمعاناة من التوتر والقلق والاحباط نتيجة الفشل في إثبات الذات وإحساسها بالكبت والقيود الأسرية والاجتماعية وعدم مساواتها مع الذكور في الحرية والتحرر.
وأشار حارص إلى نتائج دراسات علمية كشفت عن تعدد العلاقات العاطفية في مرحلة المراهقة وعدم اقتصارها على تجربة واحدة، وان الإعلام الجديد ساهم في ذلك بنسبة كبيرة وجعل المراهقات يتباهين بتعدد التجارب العاطفية وتنوعها مع شباب في مراحل عمرية مختلفة، كما خلق عند قلة منهن الاعتقاد بزيف هذه العلاقات. وقال حارص أن الإعلام يتعامل مع المراهقات مرة بتخطيط علمي مدروس لتحقيق أهدافه التجارية وخاصة عبر الإعلانات والأفلام بغض النظر عن الآثار الجانبية التي تلحق بهن، ومرة ثانية يتجاهل هذا التخطيط العلمي في برامجه.
واستعرض حارص صوراً مغلوطة يقدمها الإعلام وخاصة في الأفلام الجديدة والدراما عامة التي يُخصص لها قنوات طوال اليوم، فتُظهر دخول الأم على المراهقة وصديقاتها أمراً غير مرغوب فيه لأنها تقطع عليهن متعتهن وربما تصفها على سبيل الكومديا (بهادم اللذات) فضلاً عن صورة الزواج الحالمة التي تطير بالمراهقات في السماء بعيداً عن حقائق الزواج في الواقع ومسئولياته العديدة، وكذلك مداعبة الازواج لبعضهم البعض بطرقة تخدش الحياء العام في اماكن عامة، والشتائم والألفاظ النابية التي يتبادلها الابناء مع الأباء في الأفلام وتنال إعجاب الجمهور مما يخلق ميولاً لتقليدها في الواقع.
وقدم حارص نتائج بحوث ودراسات علمية تظهر دور الإعلام في طمس هوية الشباب وتغريبها لصالح النمط الأمريكي والأوربي وتحويلهم إلى كائنات استهلاكية حتى في تقليد مساكنهم ومنازلهم على الطراز الأوربي، واهتمام المراهقات بشراء المكياج والموديلات والماركات والأكلات العالمية، وصناعة جيل من الذكور يهتم بمستحضرات العناية بالبشرة والشعر والمساحيق كرمز للوسامة والتألق دون وعي بأضرارها الصحية والجلدية، وأبرزت المحاضرة أيضاً صوراً عديدة لعلاقة الإعلام التقليدي والجديد بأشكال الانحرافات والفشل الدراسي والاحساس بالاغتراب الذاتي والصراع الثقافي والاخلاقي بين قيم وثقافة جديدة يقدمها الإعلام وقيم وثقافة أصيلة وقديمة يقدمها الوالدين ودور العبادة. وتحدث حارص عن نتائج دراسات علمية أبرزت ضعف الاهتمام بمناقشة الإعلام لمشكلات المراهقات وغياب الدراية والمعرفة العلمية لدى الإعلاميين بهذه المشكلات، وغياب النظرة والرؤية التربوية في نشر وبث ومعالجة قضايا المراهقات، والحاجة الماسة لوسائل الإعلام وخاصة الجديد لمصفاة من الجراثيم التي تسمم فكر المراهقات.
وفي ختام المحاضرة طالبت مسئولات المدارس الثانوية بنقل هذه المحاضرات من قصر الثقافة الى المدارس الثانوية ذاتها لتعميم الإفادة على الجميع.
وركز حارص على الأضرار النفسية والعقلية التي تتركها مواقع التواصل الاجتماعي خاصة على المراهقات في ضوء هذه السيولة المتدفقة من الروابط والفيديوهات والصور والبرامج والدردشة والتحدث بالعامية والخلط بين الانجليزية والارقام وظهور شخصيات جديدة للمراهقات تعيش معظم حياتها في العالم الافتراضي الموسوم بالكذب والخداع في كثير من حالاته للبحث عن إشباع الذات وحب الإطراء واكتشاف الجنس الآخر والتسلية والترفيه. وقال حارص إن نوعية استخدام المراهقات للإعلام الجديد يمثل مشكلة كبيرة تحتاج الى توجيه وتوعية بأن هذه الوسائل تحمل أيضا كثيرا من المنافع التي يمكن للمراهقات الإفادة منها سواء في التثقيف الديني وبناء الشخصية وغيرها. واقترح حارص في ضوء تراجع ادوار الإعلام والمؤسسات التربوية في زمن الاضطرابات والتحولات السريعة أن تعتمد المراهقات على أنفسهن وذواتهن بدرجة كبيرة وتقوم هي بزمام المبادرة لتوظيف المؤسسات ووسائل الإعلام الجديد في معرفة مشكلاتها وسبل حلولها وعبورها مرحلة المراهقة بأمان.