محمد كامل عمرو: البنك الدولي لن يساهم في تمويل سدود أثيوبيا
د. مغاوري شحاتة: مسئولو ملف مفاوضات أثيوبيا اخطئوا في حق الشعب
د. سعيد اللاوندي: طموحات المصريين أصبحت ركن أساسي في السياسة الخارجية
أكد محمد كامل عمرو، وزير الخارجية الأسبق، إنه كان عضوا في مجلس إدارة البنك الدولي حينما تقدمت أثيوبيا بطلب للبنك الدولي للمساهمة في تمويل مشروعات سدود علي مجري النهر، وعندها استضافت أثيوبيا رئيس البنك الدولي في محاولة منها لإقناعه بمدي حاجتها إلي هذه المشروعات، وأن الزيارة ترتب عليها توصية من رئيس البنك لمجلس الإدارة بضرورة المساهمة في هذه المشروعات.
وقال عمرو، خلال جلسة ” إستراتيجية الأمن القومي ومقاومة التهميش”، التي عقدت في إطار مؤتمر جامعة أسوان الذي جاء بعنوان “رؤية إستراتيجية قومية لهندسة وبناء الاقتصاد المصري”، أن الفتوى القانونية التي صدرت عن الدكتور إبراهيم شحاتة، المستشار القانوني للبنك الدولي في حينها، أوقفت كل هذه التحركات لكونها أغلقت الطريق أمام المحاولات الأثيوبية لأنها دللت علي قانونية مساهمة البنك الدولي في تمويل مشروعات علي مجاري المياه الدولية مرهونة بموافقة كافة البلدان الموجود بها النهر.
وأوضح وزير الخارجية الأسبق أنه لا يوجد من يستطيع تهميش مصر، وأن مصر دولة محورية في المنطقة، وأنه بشكل عام لا أحد يستطيع أن يهمش غيره، وأن المشاكل التي تمر بها مصر هي مشاكل عارضة سوف تنتهي وتبقي مصر بتاريخها وحضارتها وقدرتها علي قيادة المنطقة، وإن كان تحقيق النهضة في مصر مرهون بالقدرة علي توظيف القدرات البشرية، وأن حرص مصر علي إتباع نظرية التوازن في العلاقات الدولية أمر ايجابي.
كما أكد د.منصور كباش رئيس المؤتمر ورئيس جامعة أسوان على أهمية تحديث العنصر البشرى وأكد على أننا دولة من دول العالم الثالث ولكن علينا أن نعمل من أجل أن نصبح دولة من دول العالم المتقدم لأنه بالعمل تبنى الأمم…
ومن جانبه أكد د. مغاوري شحاتة، رئيس جامعة المنوفية الأسبق والخبير الدولي في شئون المياه، أن قضية المياه تعد أخطر القضايا التي تولي لها الدولة المصرية أولوية خاصة، لذلك يجب عدم التعرض عن جهالة لهذه القضية، مشيرا إلي أن الفترة السابقة شهدت حالة من عدم الاستقرار تحدث خلالها د. فاروق الباز عن إمكانية استزراع نحو 2 مليون فدان في مشروع ممر التنمية ثم جاء خالد عودة ليتحدث عن 4 مليون فدان، وهذا الكلام غير صحيح، كونه لا يستند إلي أساس علمي، فلا مصادر مياه تكفي لزراعة هذه المساحات الشاسعة.
وقال د. شحاتة، إن مبادرة حوض النيل كانت بمثابة محاولة لاستدراج مصر للتوقيع علي معاهدة ناسخة لكل ما سبقها من معاهدات تضمن حقوق تاريخية لمصر في مياه النيل، حيث ضمنت هذه الاتفاقيات وآخرها اتفاقية 1959 لمصر حصة مياه سنوية قدرها 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل.
وأضاف أن اخطر ما في اتفاقية عنتيبي، التي رفضت مصر التوقيع عليها في إطار مبادرة حوض النيل، أنها تحاول إقرار مبدأ جديد لم يكن موجود من قبل في علاقات دول حوض النيل وهو مبدأ “محاصصة مياه النهر بين الدول كافة”، مما يمثل ضررا بالغا خاصة أنه لم يكن قبل ذلك وجود أيه اتفاقيات ثنائية بين بلدان النهر تقرر أي شكل من أشكال التقسيم أو المحاصصة، غير الاتفاقيات المبرمة بين مصر والسودان، وبالتالي السماح بوجود هذا التقسيم يضر بمصر ضررا بالعا.
وأشار د. شحاتة إلي أن دول منابع النيل لا تعترف لمصر بحصة من مياه النهر أكثر من 44 مليار متر مكعب، وأنها لا تمانع في إطار تفاوضها من أن تقوم مصر بشراء ما يزيد عن هذه الحصة مقابل دولارا للمتر المكعب (تكلفة تحلية المياه في مصر)، مؤكدا أن المصريين يجب أن يساءلوا كل من شارك في هذه الجريمة ، التي تتلخص في إيهام المفاوض الأثيوبي ومن يسانده من بلدان النهر أن مصر لديها قابلية للتفاوض.
وشدد علي أن ملف سد النهضة يحتاج اهتمام رسمي علي أعلي مستوي، لأنه إذا كانت أثيوبيا ترغب في تحقيق تنمية وهذا حق للشعب الأثيوبي فإن المصريين يرغبون في الحياة لأن الاضرار بحصة مصر في مياه النهر تعني تهديد لحياتهم، خاصة أن حصة الفرد في المياه الآن في مصر تدور حول 700 متر مكعب سنويا (تحت خط الفقر المائي).
أما د. سعيد اللاوندي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أوضح أن مصر تتبع سياسات خارجية متوازية، وأن مصر علي علاقة واحدة من 200 دولة أعضاء في الأمم المتحدة، فالرئيس السيسي زار الصين مرتين، ويرتب الآن لزيارة روسيا، ردا علي زيارة بوتين لمصر مؤخرا.
وأشار إلي أن طموحات ورغبات المواطن العادي أصبحت عنصرا من عناصر السياسة الخارجية المصرية، وأن المواطن أصبح أساس للسياسة الخارجية، وأن مصلحة المواطن العادي هي التي تحرك الدولة المصرية في الخارج، مؤكدا أن الاقتراب من روسيا دوما يعود علي مصر بالفائدة في مقابل الخسائر الفادحة التي تتعرض لها مصر من جراء علاقاتها بالولايات المتحدة الأمريكية.
أما د. علاء رزق، رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام الاجتماعى و أمين عام المؤتمر، فأكد أن حرب 1973 كانت نقطة فارقة في تاريخ مفهوم الأمن القومي، وأنه قبل هذا التاريخ كان المفهوم يرتكن إلي عنصر أساسي وهو القدرة علي شراء السلاح والعتاد لتكوين جيش قادر علي حماية حدود الدولة من المخاطر الخارجية.
وشدد علي أنه في الفترة اللاحقة علي حرب 1973 تحول المفهوم ليكون مرادفا لقدرة الدولة علي تحقيق التنمية الشاملة، وبالتالي تبدل المفهوم ليغلب عليه النزعة التنموية، ومن ثم فإن قدرة مصر علي تحقيق الأمن القومي مرهون بقدرتها علي تحقيق التنمية، وأن نجاح مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري يصب في مصلحة تحقيق الأمن القومي المصري.