Breaking News

إبراهيم الصياد يكتب… ” الإعلام الآخر..!! “

إبراز السلبيات والتركيز عليها بشكل يبدو متعمدا سمة تميز آداء  بعض الاعلاميين لأنه يعتبر الإيجابيات القاعدة أما السلبيات الإستثناء ووفق هذه الرؤية يميل المتلقي الى متابعة هذا الاستثناء غير المعتاد فهو  ينجذب الى الجوانب السلبية أو كل ماهو خارج عن المألوف من شواذ الأمور لأنه غير عادي وأكثر إثارة . 
بل يمكن القول إن قنوات فضائية ليست بقليلة تقوم سياستها التحريرية على هذا الفهم لدور الإعلام ومن ثم إعتمدت افكارها البرامجية على تقديم كل ماهو غير عادي او مختلف ويستند أصحاب هذا الرأي على قاعدة مهنية يعلمها المتخصصون  في مجال الأخبار وهي أن الحدث  لابد ان يكون جديدا وغير عادي ومثيرا حتى يصبح خبرا  وهي مرتبطة بما يعرف معايير الخبر غير أن أصحاب هذا الرأي قد جانبهم الصواب ووقعوا في خطأين جسيمين نوضحهما فيمايلي :
الخطأ الاول أنهم فعلوا كمن قالوا ( ولا تقربوا الصلاة ) وكفى حيث معايير الخبر على النحو الذي يطبقونه ناقصة ولابد من إكمال القاعدة المذكورة بإن الخبر أيضا لابد أن يكون مستحوذا على الإهتمام ويتعلق بالناس .
الخطأ الثاني أن القاعدة المذكورة تطبق على الأخبار فقط  وليست شرطا أن تطبق على البرامج ومنها برامج العرض الكلامي المعروفة بالتوك شو وحتى لو تم تطبيقها على هذا البرنامج أو ذاك فلابد من الإلتزام بكل المعايير ومنها المعياران الأخيران وهما الأهمية وان يتعلق الموضوع  المثار في البرنامج بالمتلقي لأن كلاهما يقودان الى التمسك بالقيم المهنية وهي قيم أقرب ما تكون الى الأخلاق مثل النزاهة والدقة والموضوعية والمحاسبة والمصلحة العامة فاذا بحثنا عن موضوع برامجي جديد وغير عادي ويتسم بالإثارة لابد ان يكون أيضا على قدر عالي من الأهمية ويتعلق بإهتمامات المتلقي أو الناس ومن هنا لايقع منتج البرنامج في مأزق الخروج على النظام القيمي للمجتمع مثل كثير من البرامج الموجوده حاليا .
إن الإعلام الآخر هو الذي يلقي الضوء على النصف الفارغ من الكوب فقط وهو  بذلك يصبح إعلاما هادما ، والواقع إن الإعلام يمكن أن يكون آداة بناء عندما يتناول الجوانب السلبية للآداء المجتمعي لبحث اسبابها ورصد وسائل ازالتها من قبل افراد ومؤسسات المجتمع وفي الوقت نفسه تعلية الجوانب الإيجابية وإبراز النماذج الإنسانية والطاقات البشرية القادرة على الإنجاز بعبارة آخرى الاعلام هو الذي ينظر أيضا الى النصف المملوء من الكوب وينبذ البرامج التي تطيح بقيم المجتمع عند تناولها موضوعات متدنية أخلاقيا !!
وحتى ندرك ما تقدم يقوم الإعلام بتحقيق ثلاثة وظائف رئيسية التثقيف والإخبار والترفيه ومن المفترض خلق حالة من التوازن الموضوعي بين الوظائف الثلاث خاصة في القنوات العامة التي تقدم الاشكال البرامجية المتعلقة بآداء دور ثقافي تعليمي يقدم المعلومة للمتلقي في كل مجالات العلوم والثقافة وتقدم خدمة إخبارية على مدار الساعة تلاحق الأخبار في كل مكان وتنقل الأحداث لحظة وقوعها وفي الوقت نفسه تقدم ترفيها راقيا غير مبتذل و يعلي من قيم الفنون والجمال والذوق الرفيع .
لو طبقنا ما ذكرناه على مايقدم اليوم في الإعلام المصري سوف نكتشف أن ما اسميناه الإعلام الآخر هو السائد حاليا وفي إعتقادي انه لابد من وجود إعلام متوازن لاينظر فقط للنصف الفارغ  من الكوب !! 
من هنا كان يجب عدم  المساس بإعلام الشعب الذي تكفله الدولة  على إعتبار انه الاعلام الذي يقدم خدمة للمتلقي وغير هادف للربح و يتمثل عائده الأكبر في بناء وجدان الأمة بل دعونا القول يساهم هذا النوع من الإعلام  في الخروج من عنق الزجاجة وبناء وتنمية المجتمع ونؤكد على أن المتلقي قد ينجذب لغير المألوف أحيانا لكنه دائما يريد ان يرى حياته وهمومه وتطلعاته في مرآة الإعلام وهو النموذج الأرسخ والأبقى اما الإعلام الآخر هو كموج البحر يأتي آداؤه عاليا هائجا ثم سرعان ما يهدأ ويتلاشى !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *