كثرة الاعتذار يعني تكرار الخطأ ، ويعني مع حكومتنا غياب الرؤية وعدم فهم طبيعة المرحلة التي تعيشها مصر ، البعض من أعضاء الحكومة يتصورون أننا نعيش مرحلة طبيعية ومن ثم لا يرون ضرورة مراجعة ما يقولون قبل أن يقولوه ، ولا يرون أن أهم تحديات هذه المرحلة هو الوقت الذي لا يملكون رفاهية تضييعه وإهداره بلا عائد .
للأسف الشديد بعض الوزراء وضعوا الحكومة في مواقف لا تحسد عليها جعلت الناس تفقد كثير من الثقة التي أعطتها لها في السابق ، ودفعت بالناس للمطالبة بإجراء تغيير واسع في الحكومة بسبب الإفراط في التصريحات الخاطئة وضعف الأداء ، وهذا ما بفسر حالة عدم الرضا التي يشعر بها الرئيس تجاه أداء الحكومة والذي تمثل في عدد من اللقاءات المتتالية لوزراء بأعينهم خلال فترات قصيرة .
الرئيس من خلال رسائله المتعددة في كلماته في كل المناسبات الأخيرة تؤكد ذلك ، ولعل المتابع لكلماته الأخيرة يدرك مدي التغيير في تعبيرات الوجه ( وتون ) الصوت وحدته أحيانا وتكرار ما يقول أحيانا أخري ، ويبدو للمتابع أن الرئيس يغرد بنغمة غير تلك النغمة التي يغرد بها البعض في الحكومة ، وأن المسافة بين الرئيس وجهازه التنفيذي كبيرة !
في الفترة الأخيرة القصيرة اعتذر عدد غير قليل من أعضاء الحكومة عن تصريحات صدرت عنهم لا علاقة لها بالمسئولية الكبيرة في هذه المرحلة الصعبة التي يمر فيها الوطن خلقت حالة من الجدل واللغط وشغلت الناس عن متابعة انجازات كبيرة تحدث علي أرض الوطن فشلت الحكومة في تسويقها للناس ونجح الرئيس في لفت أنظار الشعب إليها برؤية قائد حدد هدفه بدقة ويعمل للوصول إليه في أسرع وقت وأعلي جودة .
الرئيس قال في كلمته خلال افتتاح مصانع للقوات المسلحة: ( نحن نعمل بالورقة والقلم والظروف صعبة وحصل حاجات كثيرة في مصر الفترة الماضية ومحتاجين خيال تاني لنحقق الكفاءة المطلوبة ومعدلات التنمية المطلوبة وهذا الخيال لابد أن يتوافر في كل المؤسسات. لافتاً إلي أن الأفكار الجديدة تشمل جهاز الشرطة والكلية الحربية والجامعات ومؤسسات مصر كلها تحتاج لخيال آخر لمواجهة التحديات الصعبة.. متسائلاً في حده: هو احنا مش هنقدر نواجه التحدي.. ثم أضاف سنستطيع.. وهذا هو معني الكفاح والنضال ) وما قصده الرئيس هو أننا يجب أن نفكر بشكل جديد وأن نخرج من الصندوق بأفكاره التقليدية النمطية التي نكرر فيها الحلول ونحصل علي نفس النتائج التي لا تصلح لحل مشاكلنا .. الرئيس يدعو أصحاب الخيال ليدلوا بدلوهم ويشاركون في حل مشاكل الوطن .. الرئيس قال بحدة واضحة ( محتاجين خيال تاني .. أيوه محتاجين خيال تاني ) يعني طرق وأساليب جديدة نقتحم بها مشاكلنا .. الرسالة واضحة وجلية .. والمرحلة لا تحتاج لوزير أو مسئول يمارس الاعتذار كفضيلة كلما أخطأ في تصريح أو بيان أو نقض عهدا أو أخلف وعدا .. المرحلة لا تحتاج لوزير يعتذر لأنه أخطأ في الصعايدة ، أو أخطأ في ( التخان ) أو أخطأ في حق أبناء الغلابة والطبقة الفقيرة أو أخطأ فانقطع بث التليفزيون الرسمي ولو دقيقة واحدة كما قال الرئيس ، أو بسبب خطأ صاحب مطعم سياحي منع دخول سائح عربي المطعم لأنه يلبس الجلباب فيعتذر الوزير للسائح ويستقبله في مكتبه .. !!
المرحلة تحتاج وزراء ومسئولون يغردون كما يغرد الرئيس، ويعزفون النوتة التي يعزفها الرئيس لأن الرئيس الذي أختاره الشعب هو من يتحمل المسئولية وهو من يحاسبه الشعب وهو من يطالبه الشعب بما يريد.. الخيال التاني الذي يبحث عنه الرئيس موجود ومطلوب فقط تقديم أصحابه للرئيس بشفافية وتجرد لله وللوطن .