أخبار عاجلة

لوموند: فرنسا والمغرب تسعيان لطي خلافتهما بسبب ملف حقوق الإنسان

سلطت صحيفة “لوموند” الفرنسية فى تقريرا لها الضوء العلاقات الفرنسية المغربية لاسيما بعد قضية تعذيب بطل العالم السابق فى الملاكمة المغربى الأصل والفرنسى الجنسية، زكريا مومنى، على يد مدير المخابرات المغربي، عبد اللطيف الحموشى، خلال اعتقاله عام 2010 فى سجن جنوبى الرباط فى قضية احتيال لتلقيه 1200 يورو من مغربيين اثنين عام 2010 بحجة العثور لهما على عمل فى أوروبا.
وقالت الصحيفة ان عمليات التعذيب فى المغرب ليست مفاجئة بالنسبة لفرنسا الا ان الملاكم السابق زكريا مومنى هو من دق ناقوس الخطر عندما كشف عن عملية التعذيب التى تعرض لها اثناء احتجازه فى المغرب مشيرة الى ان هذه الواقعة ستؤثرعلى الارحج على العلاقات الفرنسية المغربية وعلى الاخص على الاتفاق القضائى الموقع بين فرنسا والمغرب.
وبموجب الاتفاقات القضائية الموقعة بين البلدين في السنوات الماضية يترتب على القضاء المغربي إطلاع نيابة باريس على الإجراءات التي يعتزم تنفيذها للتحقيق فى قضية التعذيب نظرا لتورط الرجل الاول فى المخابرات المغربية فى هذه القضية حيث حاولت السلطات الفرنسية استجوابه العام الماضي عندما كان في زيارة لباريس مما أدى لنشوب خلاف بين البلدين.
وتأتى هذه التحقيقات فى الوقت الذى يحاول فيه السياسيون الفرنسيون – من ناحية أخرى – إعادة المياه إلى مجاريها مع الحكومة المغربية؛ حيث يعمل البرلمان الفرنسي على وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية جديدة للتعاون القضائي بين البلدين أبرمت في أواخر يناير الماضى عززها لقاء جمع الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند بالملك المغربي محمد السادس في قصر الاليزيه، كما أعلن وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف خلال زيارته للمغرب في 14 فبراير 2015 أن الحموشي سيكرم قريبا بوسام الشرف، وهو أعلى تكريم يقدم في فرنسا.
من جانبها، نددت العديد من الجمعيات الإنسانية والحقوقيين المغاربة بالاتفاقية الجديدة لأنها سترمي إلى ضمان “استحالة اللجوء إلى قاض فرنسي في المستقبل”.
ومن جانبها، حثت منظمة العفو الدولية في تقرير جديد لها السلطات المغربية على وقف التعذيب في سجونها وورد في تقرير المنظمة الذي نشر الثلاثاء ورصد 173 حالة تعذيب مزعومة في أربع سنوات أن من “أشكال التعذيب المتبعة في المغرب إيهام الضحايا بالغرق والعنف الجنسي”.
واعترضت الحكومة المغربية على محتوى التقرير وكذلك على المنهج الذي اتبعته منظمة العفو الدولية في وضعه وقالت في بيان إن هناك تحيزا في وضع التقرير الذي اتضح منه وجود صلات بين بعض الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في التقرير وممثلي منظمة العفو الدولية.
ولم تنته الأزمة المغربية الفرنسية، ولم تهدأ خواطر البلدين، إلا بعد أن اعترفت باريس بقيادتها و بالدور الذي يلعبه الحموشي بصفته الرجل الاول فى جهاز الاستخبارات المغربية في مجال محاربة الإرهاب واستتباب الأمن في البلاد، وما يستتبعه من صون استقرار المنطقة برمتها.
ويحسب للحموشي أنه دفع بجزء أساسي من إدارته المتخصصة في المهام المخابراتية، للخروج إلى العلن، والاشتغال في الضوء، بعد إحداث مكتب الأبحاث القضائية الذي عرف بـ”إف بي آي” المغرب، قبل أن يخطف الأضواء من جديد بعد أن عينه ملك البلاد مديرا عاما للأمن الوطني، في أفق عصرنة هذه الإدارة الهامة، وتحسين أداء عملها.
ورغم أن الرجل يشغل منصبا حساسا، بصفته الاستخباراتي الأول بالمملكة، ورغم العديد من الاعتقالات التي طالت مئات السلفيين في سياق قانون محاربة الإرهاب، لكن الحموشي نال إشادة الكثيرين، سياسيين ومسؤولين، وحتى معتقلين سابقين، فرئيس الحكومة الشيخ الفزازي تمنى لو كان مثله 5 أو 10 نسخ في البلاد، لكفاءته وجهوده.
تعود بداية تدهور العلاقات المغربية الفرنسية إلى شهر فبراير 2014 ، عندما قرر القضاء الفرنسي إرسال قوات شرطة لاستدعاء سفير المغرب في باريس شكيب بن موسى للاستماع إلى أقوال رئيس الاستخبارات المغربية “عبد اللطيف الحموشي” بعد أن رفعت جمعية مسيحية دعوة ضده بممارسة التعذيب على مغاربة تم احتجازهم بالسجون، ما جعل الرباط تستدعي السفير الفرنسي لديها احتجاجا على القرار.
ووضعت هذه القضية العلاقات المغربية الفرنسية في امتحان صعب وغير مسبوق في تاريخ العلاقات بين البلدين تسبب في أزمة دبلوماسية أدت إلى تجميد التعاون القضائي بين البلدين، حيث جمد المغرب التعاون القضائي والأمني مع فرنسا منذ 20 فبراير 2014.
وارتفعت وتيرة الخلاف بين باريس والرباط بعد تصريحات السفير الفرنسي في الأمم المتحدة عندما شبه المغرب بـ”العشيقة” خلال حديثه عن علاقات فرنسا والمغرب، ورغم المحاولات الدبلوماسية العديدة لإنقاذ العلاقات التي بدأت تنهار بين البلدين في ذلك الوقت، إلا أن الوقائع التي حدثت بعد ذلك وإن كانت صغيرة إلا أنها مثلت “القشة التي قسمت ظهر البعير”، حيث وقعت أزمة جديدة بين البلدين بعد شهر واحد فقط من الأزمة الأولى، إثر تعرض وزير الخارجية المغربي “صلاح الدين مزوار” إلى تفتيش وصفته الرباط بـ”المهين” في مطار شارل ديجول الدولي خلال شهر مارس 2014 حينما طلب شرطي الحدود من الوزير خلع حذاءه وحزامه بالرغم من أنه قدم لشرطة الحدود جوازا دبلوماسيا.
منذ تولي الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند الحكم وجعل الجزائر أول محطة لزيارته في المغرب العربي بدلا من المغرب، حينها استشعرت الرباط ببدء تحول غير معلن في دبلوماسية باريس، لاسيما وأن الرئيس الفرنسي الأسبق الاشتراكى فرانسوا ميتران كان قد قاوم ضغوطا عند وصوله إلى السلطة ولم يزر الجزائر كأول دولة بل زار المغرب.
وخلال الفترة الماضية وقعت لحظات تقارب كثيرة بين مسئولي البلدين لكنها لم تؤد إلى أي نتيجة، وأبرز هذه اللحظات كانت الزيارة التي قام بها وزير الزراعة والناطق باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لوفول إلى معرض الفلاحة في مكناس خلال أبريل 2014.
ثم تواجد الملك “محمد السادس” خلال إحدى العطلات فى فرنسا إذ لم يحدث أي لقاء بين الملك والرئيس أولاند في باريس خلال تواجد الأول في مقر إقامته شمال باريس، كما زار وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار قصر الأليزيه لتقديم واجب العزاء في ضحايا باريس الذين سقطوا في الهجمة الإرهابية على صحيفة “شارلي إيبدو”، لكنه لم يشارك في المسيرة التي قادها الرئيس الفرنسي وإلى جانبه عدد كبير من قادة العالم، مما أثار سيلا من ردود الفعل المتراوحة بين مؤيد ومعارض للموقف المغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *