أعلن تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بـ”داعش” في بيان، سيطرته بالكامل على مدينة الرمادي (مدينة عراقية تبعد غرب بغداد حوالي 108 كيلومتر، وهي مركز محافظة الأنبار، وتقع جنوب غرب ما يسمى بالمثلث السني العراقي) فيما يعد أكبر تقدم ميداني له في العراق منذ نحو عام عندما سيطر على الموصل، ليكون بذلك قد استولى على أكبر محافظتين عراقيتين، الأمر الذي أكدته حكومة بغداد.
وقال البيان إنه تم “تطهير الرمادي كاملة من رجس الصفويين -وهي الكلمة التي يصف بها القوات العراقية- وأذنابهم بعد اقتحام اللواء الثامن أهم وأكبر معاقل الصفويين فيها، فسيطروا عليه وعلى كتبية الدبابات والراجمات فيه، بالإضافة الى مبنى قيادة عمليات الانبار”.
وتشير مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن منطقة الرمادي شهدت 165 ضربة جوية من طائرات داعمة للقوات العراقية في مواجهة تنظيم الدولة بالمدينة، وعلى الرغم من ذلك فإن القوات العراقية انسحبت تاركة الرمادي بغنائمها في يد رجال تنظيم الدولة.
وأكدت مجلة “ستارز أند سترايبس” التي تصدر عن البنتاجون أن هزيمة القوات العراقية في معركة الرمادي تعد الأسوأ منذ دخول داعش إلى العراق وسيطرتها على الموصل، وقد وصفت المجلة سقوط الرمادي بالكارثة العسكرية، بعدما وفرت الولايات المتحدة للجيش العراقي كافة المعدات العسكرية وغطاءا جويا للحرب، بينما تخلت الوحدات الخاصة العراقية عن هذه المعدات، وتركتها غنيمة لعناصر تنظيم الدولة مكررة نفس سيناريو الموصل.
وتقدر الولايات المتحدة أن ثمة أكثر من ٣٠ مدرعة هامفي أمريكية، أرسلت كتعزيزات للقوات الحكومية، هي الآن بيد داعش في الرمادي، بعدما فرت القوات الحكومية أمام مقاتلي داعش بصورة غريبة، وفق ما أوردت المجلة.
من جانبه قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مؤتمر صحفي عقده في سيول ، الاثنين 18 مايو، إن سقوط مدينة الرمادي بأيدي مسلحي “داعش” لن يؤثر على سير العملية العسكرية ضد التنظيم بشكل عام. وأضاف “أنا على يقين من أن هذا الوضع سيتغير مع إعادة انتشار القوات وبمرور الأيام في الأسابيع المقبلة.. أنا واثق تماما من أن هذا سيتغير في الأيام القادمة”.
وفي السياق ذاته قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية أليسا سميث إن التحالف بقيادة بلادها سيدعم القوات العراقية في حال سقطت مدينة الرمادي كاملة في يدي تنظيم “داعش” لاستردادها فيما بعد. مؤكدة أن خسارة الرمادي لا تعني تحول الكفة لصالح التنظيم في العراق لكن هذا على حد قولها سيمنحه “انتصارا دعائيا”، وإن الولايات المتحدة تواصل تزويد بغداد بالدعم الجوي والمشورة.
وتشير هذه التصريحات إلى ميل الولايات المتحدة إلى عدم التسليم بوقوع الرمادي كاملة في يد تنظيم داعش، أو أن الأمر قد خرج عن السيطرة بالفعل.
بينما على الجانب الحكومي العراقي .. أمر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قوات الحشد الشعبي( قوات شبه عسكرية تابعة للمؤسسة الأمنية العراقية، تكونت من شيعة العراق) بالاستعداد للمشاركة في عمليات تحرير المحافظة، فبينما تضغط الولايات المتحدة على العراق لتنحية الحشد الشعبي من الصورة، تسقط الرمادي ويكون أول استدعاء للحكومة العراقية هو استدعاء للحشد الشعبي للمشاركة في استعادة المدينة، وبهذا الأمر حافظ العبادي على تواجد الحشد الشعبي على الأرض، كما أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن حكومة العبادي في مسألة الدعم العسكري.
وأفادت المنظمة الدولية للهجرة بنزوح ما لا يقل عن 8000 شخص من مدينة الرمادي، جراء المعارك الدائرة، وأن أعداد النازحين في تزايد، وسجل نحو ألف و300 عائلة نزحوا على مدى يومين، منذ بدء تنظيم “داعش” هجوما واسعا على المدينة مساء الخميس، وتمكنه من السيطرة على مناطق إضافية وسط المدينة التي كانوا يسيطر على أجزاء منها منذ مطلع عام 2014.
وأشارت المنظمة إلى أن النازحين انتقلوا إلى بلدة عامرية الفلوجة شرق الرمادي، لكنهم منعوا من عبور جسرعلى نهر الفرات لدخول بغداد، وهي المرة الثانية خلال أسابيع تسجل فيها موجة نزوح واسعة من الرمادي، بعدما نزح قرابة 113 ألف شخص منها في النصف الأول من شهر أبريل، إثر هجوم سابق للتنظيم على أحياء في المدينة.
يذكر أن لمحافظة الأنبار وعاصمتها الرمادي أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لداعش وحكومة بغداد على حد سواء، فالأنبار التي تشكل نحو ثلث مساحة العراق، وتتاخم ثلاث دول عربية هي سوريا والأردن والسعودية، كانت أكثر المحافظات العراقية مقاومة للاحتلال الأمريكي قبل 12 عاما، والآن تعاني من ضعف في تسليح العشائر مما سهل اقتحامها والسيطرة عليها من قبل تنظيم الدولة.