قالت صحيفة الحياة اللندنية إن الجدل بشأن تشكيل القوى السياسية المصرية قوائم انتخابية موحدة لن ينتهي حتى انطلاق الانتخابات النيابية المرتقبة قبل نهاية العام، فمع كل اجتماع يعقده الرئيس عبدالفتاح السيسي مع رؤساء أحزاب لحثهم على التوحد قبل التشريعيات، تسارع الأحزاب إلى إعلان مبادرات لتشكيل قوائم انتخابية موحدة، لكن كل تلك المبادرات تبوء بالفشل مرة تلو الأخرى.
وأثارت تلك المحاولات -وفقاً للصحيفة- تساؤلات عن قوة تلك الأحزاب وحضورها في الشارع، في ظل محاولاتها استغلال شعبية الرئيس في المعركة الانتخابية، كما أثارت جدلاً في شأن العلاقة المستقبلية بين السلطة التنفيذية والبرلمان المقبل الذي يمنحه الدستور اليد العليا في تشكيل الحكومة، إضافة إلى سلطتي الرقابة والتشريع.
وكان السيسي أكد مجدداً في اجتماع عقده أول من أمس مع رؤساء أحزاب، أنه سيدعم تشكيل قوائم انتخابية موحدة لخوض الانتخابات التشريعية، لافتاً -وفق بيان رئاسي- إلى «أهمية التكاتف الوطني في المرحلة المقبلة، لانتخاب مجلس نواب قادر على الاضطلاع بمهمتي الرقابة والتشريع على الوجه الأكمل، أخذاً بعين الاعتبار أن دقة المرحلة الراهنة تستلزم أن تُنحي الأحزاب السياسية خلافاتها جانباً وأن تُعلي المصلحة الوطنية».
وشدد على أن الرئاسة «تقف على مسافات متساوية من جميع القوى السياسية من دون انحياز» إلى طرف، لكنه أبدى «استعداده التام لمساندة ودعم قائمة موحدة لكل الأحزاب والقوى السياسية التي ستشارك في الانتخابات التي ستجرى قبل نهاية العام».
وسارع حزب «المحافظينإلى إصدار بيان أعلن فيه «استجابته لدعوة السيسي التي طالب من خلالها بتدشين قائمة انتخابية تضم كل الأحزاب المصرية لتعبر عن نموذج أصيل للاصطفاف الوطني». لكن يبدو أن تلك المبادرة ستلحق بالمبادرات السابقة في ظل تعدد الدعوات التي أطلقتها الأحزاب أمس إلى تشكيل قوائم موحدة، وهو ما كان يحدث في المرات الماضية.
ودعا «المحافظين» في بيانه أمس جميع الأحزاب إلى «المشاركة في المبادرة الثانية لتدشين القائمة الوطنية الموحدة، سواء الأحزاب التي شاركت أو التي لم تشارك في المبادرة الأولى، من أجل أن تصطف الأحزاب اصطفافاً وطنياً يعلي المصلحة العليا للوطن».
وأضاف الحزب: «ندعو كل من بادروا إلى عمل قوائم وطنية مخلصة إلى المشاركة معنا في هذا الدور الوطني العظيم تعظيماً وإنجاحاً لهذا الدور من جميع أبناء الوطن المخلصين… استنادا إلى نجاح مبادرة الأحزاب السياسية في الخروج بالمشروع الموحد لقوانين الانتخابات، وتأكيداً على دور الجمعية العمومية للأحزاب التي تسعى إلى إعادة تأسيس الحياة الحزبية وفقاً لأسس دستورية وقانونية سلمية».
وبالمثل، قال حزب «الحركة الوطنية» الذي يقوده المرشح الرئاسي السابق الفريق أحمد شفيق، إنه سيدعو الأحزاب إلى اجتماع عاجل الأسبوع المقبل لدرس الاستجابة إلى دعوة السيسي بتوحد الأحزاب وتدشين قائمة انتخابية موحدة.
وأشار إلى أن «تحالف الجبهة المصرية» الذي يقوده الحزب «يهمه في هذه المرحلة نجاح المبادرة وتوحيد الأحزاب في تحالف انتخابي يغلّب المصلحة الوطنية في ظل الظرف السياسي الراهن الذي تعيشه مصر»، مؤكداً أن «هذا الائتلاف لن يكون سياسياً، وإنما ائتلاف انتخابي».
أما تحالف «في حب مصر»، ففتح الباب هو الآخر أمام زيادة المنخرطين فيه، مشيراً إلى أنه «رغم أن قوائمه الانتخابية جاهزة، لكنه يرحب بانضمام مزيد من الأحزاب والشخصيات العامة».
في المقابل، تستبعد رئيسة حزب «الدستور» هالة شكر الله، توحد القوى السياسية في قوائم موحدة، لكنها فتحت الباب أمام تعديل موقف حزبها الذي كان قرر مقاطعة التشريعيات قبل إرجائها فيالماضي.
وأوضحت شكر الله لـ «الحياة»، أن «الموقف السابق للحزب كان مرتبطاً بمحددات عدة، في مقدمها التحقيق في مقتل الناشطة السياسية شيماء الصباغ وتغيير وزير الداخلية السابق، إضافة إلى تعديل قانون التظاهر وإجراء تعديلات جوهرية على قانون تنظيم التشريعيات. بعض تلك المطالب تحقق بالفعل، وبالتالي سيكون هناك موقف مختلف من الحزب، لكنه سيترك للقيادة الجديدة للحزب التي سيتم انتخابها هذا الشهر».
وأشارت إلى أن «مسألة تشكيل القائمة الموحدة لم تطرح خلال لقاء الرئيس إلا مروراً ومن بعض الأطراف، والسيسي أكد في غير مرة أنه سيدعم توافق الأحزاب».
وقالت: «هناك استحالة في أن تجتمع الأحزاب التي على النقيض. التحالف في قوائم انتخابية موحدة معناه توافق في الفكر والرؤية، وهذا غير متحقق في ظل التنوع الشديد لمواقف الأحزاب، فبعضهم يرى أن كل شيء جيد وليس في الإمكان أفضل مما كان، فيما يتحفظ آخرون عن سياسات الحكم.”.