أودعت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بأكاديمية الشرطة، اليوم السبت، حيثيات حكمها بالسجن المشدد لمدة 15 عاما على الضابط ياسين حاتم، المتهم بقتل الناشطة السياسية، شيماء الصباغ، وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة.
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها الصادر برئاسة المستشار مصطفى حسن عبدالله، وبعضوية المستشارين أحمد الدهشان وعمرو فوزى، وبسكرتارية أيمن عبداللطيف وأحمد فهمى: “حيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت فى يقين المحكمة، واطمأن إليها وجدانها المستقاة من سائر أوراقها، وما تم فيها من تحقيقات، وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة، قد تحصل فى أنه بتاريخ 24 يناير 2015، الساعة الـ3 خرجت مسيرة من أعضاء حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، لا يتجاوز عددها 30 شخصا تقريبا، لميدان طلعت حرب، وضمت تلك المسيرة المجنى عليهم شيماء صبرى الصباغ، أحمد أحمد محمد الشريف، وأحمد فتحى نصر، حاملين أكاليل الزهور، ولافتة تحمل اسم الحزب سالف الذكر، ويرددون عبارات “عيش.. حرية.. كرامة إنسانية”، فتصدت لهم قوات الأمن المركزى، المتواجدة بالميدان سالف البيان، التى ضم تشكيلها المتهم ياسين محمد حاتم صلاح الدين، الضابط بقطاع ناصر للأمن المركزى، الذى بيت النية، وعقد العزم على إيذاء المتظاهرين بأن أعد البندقية الخرطوش، التى يحرزها بطلقات نارية خرطوش عن طيش واستخفافا بأرواح الآخرين، وما أن ظفر بالمتظاهرين فأطلق عيارا ناريا “خرطوش” من السلاح النارى، صوب المجنى عليهم سالفى البيان من مسافة 8 أمتار، فأحدث إصابة المجنى عليها شيماء الصباغ، بالإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، وهى: إصابات “نارية رشية حيوية حديثة”، حدثت من عيار نارى يحمل مقذوفات رشية “خرطوش خفيف”، فاحدثت تهتكا بالرئتين والقلب ونزيف بالتجويف الصدرى، والتى أدت لوفاتها، ولم يقصد من ذلك قتلها، ولكن تلك الإصابة أدت إلى وفاتها فى الحال”.
وأضافت المحكمة أن المتهم أحدث بالمجنى عليه محمد الشريف إصابة نارية رشية بالرأس والعنق والكتف الأيسر، واليد اليسرى، وأحدث بالمجنى عليه أحمد نصر، إصابة نارية رشية بالوجه والعنق والكتف والظهر.
وأوضحت المحكمة أنه حيث إن الواقعة على تلك الصورة قام الدليل على صحتها، وفقا لما شهد به الشهود، حيث شهد محمد أحمد محمد الشريف أنه بتاريخ 24 يناير 2015 حال تواجده بجوار المجنى عليها شيماء الصباغ فى مظاهرة حزب التحالف الشعبى الاشتراكى بشارع طلعت حرب، قد أبصر قائد قوة الشرطة المتواجدة بالمكان ذاته، بإصدار إشارة لقواته، لتفريق المظاهرة، فأطلقوا صوبهم قنبلة غاز، عقبتها طلقتان ناريتين، فامسك والشاهد الثانى بالمجنى عليها، وهموا بالفرار، فأبصر المتهم ملثما يتقدم إلى نهر الطريق، وأطلق صوبهم عيارا ناريا من بندقية مثبت بفوهتها كأس إطلاق أصابه برأسه من الجهة اليسرى ويده، وأصاب المجنى عليها، ثم سمع صوت إطلاق عيار نارى آخر، وعلم بوفاة المجنى عليها، عقب عودته لمقر الحزب، كما شهد ثابت مكرم فتحى عبدالقادر أنه فى اليوم سالف الذكر، حال قيادته سيارته الأجرة، ولدى مروره بشارع طلعت حرب، أبصر اصتفافا لقوات الشرطة فى مواجهة مظاهرة، وأطلقت القوات صوبهم قنبلة غاز على مسافة بعيدة، فبدأ المتظاهرون فى التفرق ثم سمع صوت إطلاق عيارين ناريين آخرين، وشاهد المتهم أمام سيارته مباشرة، حاملا بندقية صوبها تجاه المتظاهرين، وأطلق منها عيارا ناريا “خرطوش”، وطاير فارغه من البندقية وسقط أرضا، فأصاب المجنى عليها، وأعقبه بإطلاق عيار نارى آخر، ولم يشاهده يطلق قنابل غاز من بندقيته، وشهد أحمد فتحى نصر محمد بأنه فى اليوم ذاته أيضا، حال اشتراكه فى مظاهرة حزب التحالف الشعبى الاشتراكى بشارع طلعت حرب، أبصر إطلاق قنبلة غاز من جانب قوات الشرطة صوبهم على مسافة بعيدة، أعقبها مباشرة إطلاق عيار نارى، فاسرع بالفرار باتجاه ميدان التحرير، ومن خلفه المجنى عليها، ثم سمع صوت عيار نارى ثالث، وشاهد الشاهد الأول ينزف من رأسه، فلاذا بالفرار سويا، ثم سمع صوت عيار نارى رابع، وشعر بإصابته بمقذوفات رشية بكتفه الأيسر، ورقبته، وخصره من الجهة اليسرى.
وأضاف أن المتهم أطلق العيار النارى، الذى أصاب المجنى عليها من بندقية مثبت بفوهتها كأس إطلاق، ولم يطلق منها أي قنابل غاز، وشهدت مروة محمد أحمد همام أنه حال قيامها بتغطية مظاهرة حزب التحالف الشعبى الاشتراكى إعلاميا، أبصرت المتهم يتقدم إلى نهر الطريق نحو المتظاهرين، مصوبا بندقيته صوبهم، حال محاولتهم الفرار، وأطلق عيارا ناريا “خرطوش”، وشاهدت أثر مقذوقاته باللافتة التى كان يحملها المتظاهرون، وأصاب المجنى عليها فسقطت أرضا ثم أطلق عيارا ناريا آخر من السلاح ذاته، ثم استبدله ببندقية أخرى، وشهد العقيد مهندس إيهاب عبدالرحمن محمد اللقانى، أنه بفحص الأسلحة المثبتة بدفاتر سلاح الكتيبة الثانية بقطاع ناصر للأمن المركزى، المسلمة للمتهم والمجندين المرافقين له، اتضح وجود بنادق خرطوش عيار 12مم، ويستخدم فيها أنواع متعددة من الطلقات أكثرها شيوعا الخرطوش الرشى والمطاطى والطلقات الدافعة، ويمكن وضع أكثر من نوع بالخزينة فى وقت واحد، وأن كأس الإطلاق المثبت بفوهة البندقية لا يؤثر مطلقا فى إمكانية إطلاق طلقات خرطوش منها، وأنه فى حالة إطلاقها على مسافة 8 أمتار، يكون أثرها قاتلا.
وتابع أن السلاح النارى المشاهد بيد المتهم بمقطع الفيديو المصور للواقعة، هو بندقية خرطوش من مثيلات البنادق، التى فحصها، ومثبت بفوهاتها كأس إطلاق قنابل غاز، ويتخذ وضعية التصويب الأفقى، وأطلق خلال ذلك المقطع عيارين ناريين، ليس من بينهما قنبلة غاز، وشهد هشام عبدالحميد أحمد، الطبيب الشرعى، أن وضعية المتهم الظاهرة بمقطع الفيديو المصور للواقعة مثالية، لإحداث إصابة المجنى عليها والمصابين المشاهدة والموصوفة بتقرير الطب الشرعى، المرفق من حيث المسافة والاتجاه وزاوية الإطلاق، وأن المتهم هو الوحيد من بين الظاهرين بالمقطع المصور، الذى يمكنه وضعه من إحداث إصابات المجنى عليهم، وأضاف أن وفاة المجنى عليها حدثت، عقب إصابتها بمدة ما بين 10 إلى 15 دقيقة.
وقال أمين محمود أحمد محمد: إنه “من خلال مشاهدته لمقطع الفيديو والصور الفوتوغرافية الملتقطة، لأحداث الواقعة، ومعاينته لمكانها، اتضح له أن المسافة التى كانت تفصل بين مكان وقوف المتهم، ومكان تواجد المجنى عليها تقدر بـ8.15 مترا”.
واستعرضت المحكمة باقى أقوال الشهود، التى دارت فى سياق ذاته، مضمون ما سبق، كما استعرضت المحكمة الأدلة الفنية، التى استندت إليها فى إدانة المتهم، ومنها تقرير الصفة التشريحية لجثمان المجنى عليها، الذى ثبت به أن الإصابات الموجودة بها ذات طبيعة نارية رشية حيوية حديثة، حدثت من عيار نارى يحمل مقذوفات رشية “خرطوش خفيف”، أطلقت من سلاح معد لإطلاق هذا النوع من الأعيرة والرش منتشر فى مسافة 50 سم فى 50 سم بالظهر والوجه، ما يشير إلى أن مسافة الإطلاق 8 أمتار فى حالة الأسلحة الخرطوش ذات الماسورة الطويلة، وكان اتجاه الإطلاق الأساسى من الخلف للأمام مع ميل للوجه الناحية اليسرى وإلى الخلف.
وأشار تقرير الإدارة العامة، لتحقيق الأدلة الجنائية أن البندقيتين المسلمتين للمتهم، والقوة المرافقة له تطلقان كريات مقذوفات الطلقة الخرطوش فى حال تثبيت كأس إطلاق الغاز بها فارغة من القنابل، وفى حالة الإطلاق من مسافة 8 أمتار تكون مساحة انتشارها 35سم فى 35 سم، وفى حالة عدم وجود الكأس تكون مساحة انتشارها 37سم فى 37 سم، واضاف التقرير أن الأجسام المعدنية المرفوعة من مكان الحادث هى جزء من مقذوف طلقة خرطوش رش خفيف، وأن آثار التلوثات على ملابس السيد فوزى أبوالعلا، ومصطفى محمود عبدالعال هى لدماء المجنى عليها، وثبت بدفتر السلاح الخاص بالكتيبة الثانية بقطاع ناصر للأمن المركزى، تسلم المتهم لبندقية خرطوش، وقد أقر المتهم بتحقيقات النيابة، وبجلسة المشاهدة بالمحكمة أنه الشخص الملثم، الذى ظهر بمقطع الفيديو، الذى عرض بجلسة المحكمة من مشاهدة القرص المدمج، الذى يحوى مقطع فيديو بـ”اليوم السابع”، بجلسة المحاكمة ظهور المتهم ملثما حاملا بندقية خرطوش، مثبت بفوهتها كأس إطلاق قنابل غاز، ويتقدم قوات الشرطة المواجهة للمتظاهرين بنهر الطريق، ويصوبها صوب المتظاهرين والمجنى عليها بينهم على الرصيف، حال هروبهم وإطلاقه عيارا ناريا تزامن معه سقوط المجنى عليها أرضا ثم أعقبه بعيار نارى آخر، وذلك حال مرور السيارة الأجرة قيادة شاهد الإثبات الثالث، ثم استبدل المتهم البندقية، التى أطلقت العيارين الناريين ببندقية أخرى من شريف الحسينى عبداللاه، وأطلق منها قنبله غاز.
وثبت بتقرير لجنة وزارة الاتصالات أن مقطع الفيديو سليم، وخالٍ من أى تدخلات، وردت المحكمة على الدفوع المبداة من دفاع المدعين بالحق المدنى والمتهمين وعن الدفاع الحاضر عن المدعين بالحق المدنى، فقد التمسوا تعديل القيد والوصف للاتهام المسند للمتهم، ليكون قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، والشروع فى القتل العمد، وبالتصدى بإدخال متهمين لم يشملهم أمر الإحالة.
حيث قالت المحكمة إن هذا الطلب لا يعدو أن يكون منازعة فى الصورة التى اقتنعت بها المحكمة للواقعة، وجدلا موضوعيا فى سلطتها فى استخلاص صورة الواقعة، التى اطمأن إليها وجدانها، إضافة إلى أن حق التصدى جائز لمحكمة الموضوع، ومن ثمة يتعين رفض ذلك الطلب، والالتفات عنه، وبالنسبة لدفاع المتهم، الذى قام محاميه بتقديم قرص مدمج وطلب عرضه، فالثابت من عرض القرص المدمج، المقدم من المدافع الأول الحاضر مع المتهم أن المشاهد، التى حواها ذلك القرص، جاءت خالية من أطراف الواقعة محل الاتهام، وتختلف مكانيا عن مكان حدوث الواقعة، إضافة إلى أن المحكمة تطمئن إلى ما قرره رئيس النيابة العامة الحاضر بجلسة المحاكمة، بأن محتوى هذا القرص خاص بواقعة سابقة على الواقعة محل الاتهام، وفى مكان يخالف مكان الواقعة الراهنة، وأيده فى ذلك دفاع المدعين بالحق المدنى، الذى أكد أن محتوى ذلك القرص لواقعة حدثت بتاريخ 22 يناير الماضى، ومقيدة برقم 699/ 2015 جنح قصر النيل، ومن ثمة لا تطمئن المحكمة إلى ما حواه ذلك القرص المدمج، لمخالفته للواقع والحقيقة، ولاتعول عليه.
وأوضحت المحكمة أنه بالنسبة للقرص المدمج، المقدم من المدافع الثانى، الحاضر مع المتهم، فلم يحدد مصدره، وقرر أنه مقدم من فاعل خير، وبعرضه بجلسة المحاكمة، اتضح أنه يحوى تحليلا بعيدا كل البعد عن الواقع والحقيقة، وأجرى به تقطيع، وتدخل لتشكيك المحكمة فيما قدمته النيابة العامة من مشاهد للحادث من مصادر إعلامية معلومة، وشهد مصوروها بحلف اليمين بتحقيقات النيابة، وثبت بتقرير لجنة وزارة الاتصالات عدم وجود أى تدخل فى تلك الأقراص، واطمأنت المحكمة إليها وإلى ما حوت من مشاهد الحادث، وتأيد ذلك بإقرار المتهم بالتحقيقات، وأمام المحكمة أنه الشخص الملثم، الذى يحمل البندقية، ويقف فى نهر الطريق، ومن ثمة يكون ذلك القرص المدمج ما هو إلا وجه من وجوه الدفاع لا يتطابق مع أى دليل من أدلة الدعوى القولية أو الفنية، الأمر الذى يتعين عليه عدم التعويل عليه والالتفات عنه ورفضه.
وعن سبق الإصرار فمردود عليه أنه من المقرر قانونا أن سبق الإصرار وفقا للمادة 231 عقوبات أن الإصرار سابق هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب الجريمة، يكون غرض المصر فيها إذاء شخص معين سواء كان ذلك القصد معلقا على حدوث أمر أو وقوفا على شرط، ولما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن المتهم ضابط بالأمن المركزى، وعلى علم ودراية بالأسلحة المسلمة إليه، وطرق استخدامها، وإعدادها لإطلاق أنواع الذخائر المختلفة، وثبت من المشاهد المصورة المسجلة على الأقراص المدمجة المرفقة بالأوراق، التى تم عرضها بجلسة المحاكمة أن السلاح الذى ظهر بيد المتهم ومصوب تجاه المتظاهرين كان معبأ مسبقا بأعيرة نارية “خرطوش”، قبل ملاحقته للمتظاهرين، وما إن ظفر بهم فأطلق صوبهم عيارين ناريين خرطوش، أصابت المجنى عليهم، وأدت إحداها لوفاة المجنى عليها، دون القيام بالوسائل، والمراحل المبينة بالمادتين 12 و13 من القانون رقم 107 لسنه 2013 بتنظيم الحق فى الاجتماعات العامة، والمواكب، والمظاهرات السلمية المحددة على سبيل الحصر، وفقا لتدرج محدد قانونا إضافة إلى تزامن إطلاق المتهم للعيارين الناريين مع إصابة المجنى عليهم حسب ما شهد به شهود الإثبات، والمؤيدة بتقارير الطب الشرعى، والأدلة الجنائية، الأمر الذى يتحقق معه ثبوت سبق الإصرار بحق المتهم، وفقا لصحيح الواقع والقانون، ويتعين رفض ما أبداه دفاعه فى هذا الشأن.
وأوضحت الحيثيات ردا على دفاع المتهمين بقصور تقرير الطب الشرعى، والأدلة الجنائية، وطلب التحقيق فيما ورد فى تقرير الطب الشرعى الاستشارى، المقدم من دفاع المتهم، فمردود عليه أنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء، والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع، التى لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية، لتقرير الخبير المقدم إليها، ولما كان ما تقدم فقد اطمأنت المحكمة إلى تقرير الصفة التشريحية للمجنى عليها، وتقريرى الطب الشرعى للمجنى عليهما، والأدلة الجنائية، لبناء تلك التقارير على أسس سليمة ومطابقة، لباقى أدلة الدعوى ومن ثمة يتعين رفض ذلك الدفع.
واختتمت المحكمة حيثياتها قائله إنها اطمأنت إلى أدلة الثبوت آنفة البيان، ووثقت بها، فإنها تعرض عن إنكار المتهم، وتعتبره ضربا من ضروب الدفاع، قصد به الإفلات من العقاب، وتلتفت عما أثاره الدفاع من أوجه لا تلقى سندا فى الأوراق، ولا تعول عليه المحكمة.