يعجبنى كثيرا مشهد النساء والرجال كبار السن وهم يمسكون بالصحف اليومية لقراءتها ومتابعة أخبار بلادهم والعالم. تتشكل عادات القراءة لصغار السن والشباب على نحو مختلف وتلتقى مع تغير عادات القراءة لدى الأجيال وسيطة العمر على نحو يدفعهم جميعا إلى هجر الصحف المطبوعة ومطالعة المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعى للتعرف على الأخبار وبناء الرأى واكتساب القدرة على تقييم الأمور. غير أن كبار السن لم يهجروا الصحف، ولم يتراجع لديهم حب الإمساك بالصحيفة المطبوعة صباح كل يوم، ومراجعتها كل مساء لاستكمال قراءة التحقيقات ومقالات الرأى والحوارات.
وعلى إعجابى بمشهد النساء والرجال الكبار وهم يمسكون بالصحف، إلا أن صناعة الصحف يستحيل بقاؤها حال تصاعد ظاهرة هجر الصحف والاعتماد على المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعى التى يطالعها القراء دون مقابل مادى ــ عالميا، تعانى إدارات الصحف اليومية والأسبوعية والمجلات المتخصصة الأمرين لتوفير تكاليف الطباعة وأجور العاملين بها بفئاتهم المختلفة، وتمزج بين حصيلة أرقام توزيع النسخ والمطبوعات وبين حصيلة الإعلانات المدفوعة، والحصيلتان فى تدنٍ دائم.
يحتاج صناع الصحف اليومية، قبل الصحف الأسبوعية والمجلات المتخصصة، للتفكير فى مجالات للتميز ولاجتذاب الطاقة الشرائية للناس بعيدا عما تتيحه المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعى ــ مثلا، التحقيقات الإخبارية المعمقة، وملفات القضايا والموضوعات المتواصلة زمنيا (معالجة أقلام متنوعة لذات القضايا والموضوعات لإضاءة جوانبها العديدة)، وإفراد مساحات لنشر مقالات القراء وتعليقاتهم، وغير ذلك من مجالات التميز.
دون ذلك، وبمعزل عن خصوصية الحالة المصرية ومعضلات سوق الصحافة والإعلانات الراهنة، ستنهار صناعة الصحف وتنقرض عادات قراءتها برحيل كبار السن المتمسكين بالحياة وبمطالعة الصحف المطبوعة يوميا وأسبوعيا والذين نجدهم فى بعض أكثر أماكن الدنيا جمالا ــ فى الميدان الرئيسى لقرية صغيرة اسمها كاستيل مولا على قمة جبال شرق جزيرة صقلية الإيطالية.