أثار بيان وزارة الداخلية المتعلق بمعتصمي ” رابعة العدوية ” جدلاً سياسياً واسعاً بين القوى السياسية بدمياط ، حيث اعتبره البعض خطوة جيدة لتقليص الأعداد هناك وإنهائه ، بينما رآه آخرون مخيباً للآمال ولا يمثل الإرادة الشعبية خاصة بعد انتفاضة تصحيح مسار الثورة في 30 يونيو
فقد رأي ” حاتم البياع ” أمين حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بدمياط أن ذلك البيان حمل بين طياته العديد من المتناقضات ففي بدايته تحدث عما يقوم به الإخوان من جرائم قتل وتعذيب وإرهاب ثم لا يلبث أن يقرر أن مغادرة المعتصمين هي الضمانة الوحيدة لبقائهم ومشاركتهم في الحياة السياسية
واستنكر ” البياع ” الاعتراف بجماعة الإخوان المسلمين ووصفها بأنها تنظيم دولي غير شرعي، واستطرد قائلاً : إن الدولة تتهيأ لعقد اتفاق مع الإخوان المسلمين رغم ما يقومون به من قتل وإتلاف وإرهاب للمواطنين ، وإن ما تخيلناه عن القضاء على التنظيم الدولي على الأقل في مصر إنما هو مجرد محض خيال ليس بفعل الجماهير ولكن بفعل السلطة القائمة سواء السيسي أو البرادعي أو غيرهم
بينما رأي ” عبد الرحمن طايل ” أمين حزب التجمع بدمياط أن البيان يعد نوعاً من أنواع المراوغة السياسية
وأضاف بأن هناك بعض الضغوط الخارجية التي تمارس علي السلطة القائمة ، بالإضافة لما تقوم به الجماعة من شن حرب إعلامية علي أعلي مستوى بمساعدة قنوات الجزيرة والسي إن إن و البي بي سي ، كذلك قيامها باستدعاء العالم الغربي للتدخل الأمر الذي يضع السلطة في مأزق صعب للغاية
ووصف ” طايل” من ينادون بخروج الشعب لفض الإعتصام بميدان ” رابعة العدوية ” بأنه نوعاً من الحماس وتابع قائلاً أن الشعب أعطي التفويض لهيئات القمع الرسمية المتمثلة في الجيش والشرطة والتي يجب أن نثق في قدراتهم وأن لديهم خططاً غير معلنة للتعامل مع أولئك المعتصمين
فيما رأي ” ضياء داود ” من الحزب العربي الناصري أن البيان جاء واقعياً بمخاطبته لجماعة الإخوان المسلمين وليس لحزب الحرية والعدالة الذي لايمثل أي قيمة سياسية لأنه ليس سوى مجرد أداة استخدمته الجماعة كستار لها أثناء حكمها الفعلي للبلاد
وصرح ” داود ” بأن جماعة الإخوان المسلمين انتقلت من مربع الجماعة السياسية إلي مربع جماعة خارجة عن الجماعة الوطنية ، فمن يقوم باستدعاء القوات الأجنبية والاستقواء بها علي جيش بلاده فهو متهم بالخيانة والعمالة ، ومن يقوم بالإرهاب وقتل المواطنين وتعذيبهم باسم الشرعية فهو فاقد لها بكل المعايير ، وأكد على أن الشعب مصدر السلطات فهو من قام بتفويض الجيش ووافق على خارطة الطريق
وعن سبل الحل للخروج من تلك الأزمة أكد ” داود ” على أنها يجب أن تأتي أولاً في إطار التزام واعتراف الجماعة بثورة 30 يونيو التي قام بها الشعب وانحاز لها الجيش لعزل ذلك الخائن ونظامه ، وأنه ما دام هناك جماعة تهدد السلم الأمني فلا بد من ضبطهم ومحاكماتهم إعلاءً لسيادة دولة القانون وترسيخاً لمعايير دولة الحرية والعدالة
وانتقد ” نبيل الحفناوي ” عضو المكتب التنفيذي بالتيار الشعبي ما أسماه بتراخي الدولة تجاه أولئك الإرهابيين – على حد تعبيره – وأنه لا بد بالضرب من يد من حديد على تلك الجماعة الخارجة عن القانون ، وقال ” الحفناوي ” إن الإخوان المسلمين سيفهمون هذا البيان من منطلق ضعف السلطة القائمة و أن ذلك يعد تنازلاً من الدولة تجاه من أجرموا في حق الوطن الأمر الذي رفضه ” الحفناوي ” قائلاً : لا للخروج الآمن ونعم للخروج العادل ، فمن سفك الدماء واستعان بالخارج وقام بالتحريض علي القتل يجب محاكمته لا مفاوضته
ووصف ” الحفناوي ” الدعوات التي تطالب بخروج الشعب لتطهير ” رابعة العدوية ” من الإخوان بأنها دعوات مغرضة تسعي لإحداث فوضي و حرب أهلية في البلاد ، كما أكد على أنه يحب أن ترضخ جماعة الإخوان المسلمين للإرادة الشعبية التي خرجت يوم 30 يونيو وأن يتفهموا أن رجوع مرسي أصبح مستحيلاً وعليهم أن ينسحبوا بهدوء
بينما اعتبر ” أحمد البيلي ” أمين حزب الدستور بفارسكور البيان بلغته الهادئة على حد وصفه بأنه خطوة جيدة للعمل علي تقليل أعداد المعتصمين داخل ميدان ” رابعة العدوية ” ، في الوقت ذاته شدد ” البيلي ” علي ضرورة محاسبة كل من أجرم في حق الوطن واستقوى بالخارج علي جيش بلاده
ورأي ” البيلي ” أن هناك سبيلان للخروج من تلك الأزمة أحدهما أمني يتعلق بالحفاظ علي سلامة المعتصمين وتقليل أعداد الضحايا علي قدر الإمكان ، و الآخر سياسي يتمثل في طرح مبادرة علي الإخوان وتابعيهم بإعادة سياسة أفكارهم وأن يتمصروا بالصبغة الوطنية المصرية ، واستكمل قائلا : بأننا نؤمن بمفهوم الدولة ، وأن خلافنا مع الفكرة وليس الشخص لأن الفكرة المتطرفة تدمر الأوطان
وأعرب ” شادي التوارجي ” القيادي بالتيار الشعبي عن أسفه لركاكة البيان و قال بأنه يفترض أن يكون هناك تحركاً أسرع لإنهاء ذلك الاعتصام الغير سلمي الذي يستخدم فيه الأسلحة وتقام فيه عمليات قتل وتعذيب وقطع للطرق واستخدام الأطفال والنساء كدروع بشرية
كما اعترض ” التوارجي ” على أن يتم مخاطبة جماعة الاخوان المسلمين الغير شرعية التي لا تتمتع بأي صفة قانونية ليتم التعامل معها واستطرد قائلا أنه كان يجب أن يوجه الخطاب لحزب الحرية والعدالة باعتباره حزباً سياسياً
وأضاف ” التوارجي ” بأنه يمكن للداخلية فض ذلك الاعتصام بمحاصرة كل المداخل المؤدية لـ ” رابعة ” ومنع الإمدادات عنه والسماح فقط بالخروج ، فهذا وحده كفيل بإنهائه بشكل سلمي بعيدا عن العنف وحقناً للدماء في الوقت ذاته