أسدل الستار على الإنتخابات البرلمانية وأنفض مولد الترشح والدعاية الذي استغرق اكثر من الشهرين ورغم ان الاقبال على التصويت لم يكن كبيرا لأسباب سياسية ودعائية ليس هذا المجال لتناولها غير أن الانتخابات تميزت بالنزاهة والشفافية من قبل كل الجهات المشرفة على العملية الانتخابية حكومية وغير حكومية كما ان القوات المسلحة والشرطة قد نجحتا في تأمين الناخبين ولجان الاقتراع ما يعد صورة ايجابية تستحق الإشادة ربما للمرة الأولى في تاريخ الإنتخابات النيابية المصرية .
ويمكن القول ان مجلس النواب القادم هو الأهم والأخطر في تاريخ الحياة السياسية المصرية ليس لأنه الأول بعد ثورة ال30 من يونيه فقط ولكن لأنه يأتي في مرحلة حاسمة من تاريخ مصر حيث تواجه الكثير من التحديات على مستوى الداخل والخارج وليس مبالغة القول بإنه برلمان حالة حرب حقيقية مع الإرهاب والفساد والفقر والجهل والمرض ومع اطراف إقليمية ودولية ليس من مصلحتها استمرار مصر الثورة أو أن تتحول الى مصر الدولة الآمنه المستقرة بعبارة اخرى إن هذه المرحلة تتميز بقدر عالى من الحساسية حيث لم تخرج مصر بعد من حالة توتر الثورة الى حالة استقرار مؤسسات الدولة ولهذا آن الآوان أن يشارك البرلمان في تحمل المسئولية الوطنية التي حملها على كاهله الرئيس عبد الفتاح السيسي ولعله وجدناه يسابق الزمن من اجل حل المشكلات واعتقد من وجهة نظري ان الرجل كان يواجه بمعوقات واذا كان هناك حماس مساو له من الآخرين لكان قد حقق انجازات كبيرة في فترة قصيرة ورغم هذا حاول ونجح في حل او مواجهة بعض التحديات وظل البعض الاخر يتنظر الحل او المواجهة من هنا من المتصور ألا يكون هناك تقاطع بين الحكومة والبرلمان لتمضي المسيرة في طريقها حيث تفرض طبيعة المرحلة قدرا عالي من التنسيق والتكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وهذا ليس معناه عدم الاختلاف على العكس نحن نريد تعددية في وجهات النظر من أجل تغليب المصلحة العامة بما يخلق حالة من الجدلية التي تقود الى التكامل المنشود وعليه يجب أن يعي النواب انهم يمثلون الامة ولم يعد أي منهم يمثل دائرته فقط ومن ثم لابد ان يكون لنائب الأمة رؤية شاملة للتحديات التي يواجهها الوطن وعليه ان يضع من وجهة نظرة البدائل التي يواجه بها هذه التحديات وهنا نهمس في أذن النواب الجدد بمقولة السيسي ( علينا تحدي التحدي ) .
وحتى يكون هناك برلمان جديد بالفعل نرجو ألا نشاهد صورا اعتدنا ان نراها في برلمانات مصر السابقة في كل العصور منها مشهد النواب الذين بلاحقون الوزراء بطلبات ابناء الدوائر الانتخابية الذين يرون في النائب انه لتلبية الخدمات الشخصية فقط وألا نرى نوابا يحولون الجلسات الى مكان للاستغراق في النوم العميق اثناء مناقشة الموضوعات المهمة وكذلك لا نريد مشاهدة قاعات خاوية من النواب عند عرض القوانين والتشريعات والوقت نفسه نأمل المشاركة الايجابية من نواب الأمة جميعهم ونسمعهم ونحلل وجهات نظرهم وتجنب الصمت وكأن النائب قد حقق مايريد وتكلم بما فيه الكفاية في الدعاية الانتخابية ومن هنا يقرر التزام الصمت .
وهنا نطرح سؤالا عن العلاقة بين الإعلام والبرلمان ؟ ونحاول الإجابة عليه بشكل عملي بعيدا عن التنظير والتنميق الكلامي فقد قلنا انه يجب ألا نرى مشاهد سلبية في البرلمان الجديد أثرت بشكل سلبي على الآداء البرلماني وحتى نتجنب تلك المشاهد لابد ان نربط بين مجلس النواب والإعلام وعلى سبيل المثال لا الحصر نطالب بان تقوم قناة تليفزيونية فضائية مثل قناة صوت الشعب وهي تابعة للتليفزيون المصري بنقل جلسات مجلس النواب على الهواء و كان هذا الهدف من إطلاقها .
إن المرحلة القادمة تتطلب تنسيقا وتعاونا بين البرلمان وأجهزة الإعلام وتحديدا إعلام الدولة حيث يستلزم البناء الديموقراطي عملية مراجعة مستمرة للآليات المجتمعية التي تقيم دعائم وترسي قواعد الممارسة المطلوبة للديموقراطية وهنا نؤكد دور الإعلام المصري التنويري في مساعدة البرلمان على التعاطي مع قضايا المجتمع من ناحية ونقل الآداء البرلماني للنواب الى جموع المواطنين أو بالآحرى الذين اتوا بهؤلاء النواب الى البرلمان ليمثلوهم ومن ثم تتم عملية تقييم او اعادة تقييم للنواب من قبل من قاموا بانتخابهم في البرلمان من ناحية أخرى عن طريق المتابعة الإعلامية ولهذا من الضروري ان تقوم قناة صوت الشعب التي انشئت في عام 2012 إبان برلمان الاخوان الذي تم حلة بعد اشهر من انعقاده لعدم دستوريته بهذا الدور التقييمي .
ففي البرلمان المذكور و في اولى جلساته على الهواء قام رئيسه بتخيير الأعضاء هل يتم النقل على الهواء ام لا ؟
واجمع الأعضاء على ضرورة اذاعة جلسات البرلمان على الهواء حيث كان في السابق في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك يتم تصوير الجلسات ثم يجري عمل مونتاج لإختصار مدة الجلسات التي قد تستغرق ساعات وتذاع في شكل تقارير بحيث تصبح مدة التقرير ما بين 45 دقيقة وساعة ونتج عن ذلك إعمال مقص الرقيب الذي ينتمي للسلطة التنفيذية الامر الذي ترتب عليه الكثير من المشاكل ومايعد تدخلا في نقل صورة البرلمان للمواطنين وكان التليفزيون المصري وحده المعني بذلك النقل ( المسجل ) .
وفي تصوري ان هذا الدور يجب ألا يتوقف بمعنى النقل بل يجري النقل (على الهواء ) بدون حذف من منطلق الشفافية و الحرص على التفاعل الدائم والمباشر بين الوطن وبرلمانه المتمثل في مجلس النواب .
ونلاحظ ان اطرافا اخرى قد ترى انها الأولى بالنقل المباشر لو تخلى تليفزيون الدولة عن حقه الحصري في نقل جلسات المجلس وان كنت على يقين أن هذا لن يتحقق لان التليفزيون المصري جاهز للإضطلاع بدوره في هذا الموضوع غير أن القرار يعود بالدرجة الأولى الى مجلس النواب في إطار مايراه اعضاؤه ومن الطبيعي أن يحكم النقل المباشر لجلسات مجلس النواب ضوابط معينه منها الإلتزام المهني في العرض والإلتزام السياسي في الطرح وفي النهاية نرى أن الأمر يصب أولا وأخيرا في دعم البناء الديموقراطي لمصر الجديدة !!