عمار يا مصر…
شملت حركة المحافظين الأخيرة تغيير 11 محافظا .. ولا مانع من ذلك .. فالتغيير سنة الحياة، ووسيلة لتجديد الدماء والفكر وتطوير العمل.. وسبحان الله.. في مصر يحدث التغيير وكأنه لم يحدث خصوصا في الوزراء والمحافظين !!
المحافظون الجدد حلفوا اليمين أمام الرئيس، وبمجرد الانتهاء من الاجتماع مع الرئيس أطلقوا سيلا من التصريحات.. كل محافظ قال ما قاله سلفه الذي ترك الموقع من لحظات.. نفس الوعود والتصريحات والأمنيات .. الوصفة سهلة ولا تحتاج عبقرية .. المشاكل معروفة ، والتشخيص معروف ، والكلام محفوظ ..
مرة صح لوجه الله والوطن .. يذهب المحافظ الجديد إلي محافظته.. يقلب في أوراقها ، ويراجع أعمال من سبقه ويتعرف عليها ، ويبذل بعض الجهد قبل أن يطلق تصريحاته الإعلامية ، وإذا كان لديه رؤية أو خطة عمل ترضي الله والعباد يصرح بها بعد أن يتأكد أنه قادر بعون الله علي تنفيذها ، فما أسهل التصريحات فليس فيها عبقرية .. لكن مرة نشتغلها صح !
أعود إلي إخراج مشهد حركة المحافظين.. كنا نعرف أن هناك حركة محافظين محدودة منذ إقالة هاني المسيري محافظ الإسكندرية .. انتظرنا صدور الحركة طويلا.. كانت الفترة كافية للفحص والتدقيق والتمحيص والإعلان عنها كما يقول كتاب الإدارة أو كما يحدث في بلاد العالم ..
فجأة وبدون مقدمات تشير إلي صدور الحركة انتشر خبر إقالة محافظ الشرقية كالنار في الهشيم علي شبكات التواصل الاجتماعي ، ودارت ماكينة الشائعات ، وطفحت المواسير بالخبراء في التحليل والتعقيب والشجب والإدانة ، وفي التأييد والاستحسان .. ووزير التنمية المحلية في صمت عميق رغم تداول الأخبار علي لسان المحافظ وعن نائبه .. ( هي عادة الحكومة ولا حتشتريها ! ) .. إلي أن نشرت المواقع خبر ينفي الإقالة منقول عن الوزير المختص..
في نفس الليلة خبر عن حركة المحافظين خلال ساعات، ثم يعقبه خبر عن حلف اليمين أمام الرئيس ظهر الغد.. كلام نهائي.. طبعا كلام نهائي .. أسم الرئيس في الخبر .. إذن انتهي الأمر
ليلا وزير التنمية المحلية في مداخلة مع لميس الحديدي يشرح الالتباس الذي حدث ويصحح الأمر ويقول أنه أبلغ كل المحافظين المستبعدين بالخبر من تليفونه الشخصي حتى يؤهلهم نفسيا للخروج من المنصب ، وحتى لا يقول أحد من المستبعدين أنه علم بالقرار من الإعلام ! .. الوزير حريص علي شكل الوزارة وعلي المحافظين المستبعدين.. لذلك قرر أن تكون هذه صيغة التبليغ ..
الوزير- حسن النية – لم يقبل أن يتعرض محافظ من المستبعدين للحرج والكسوف عندما يدخل عليه المكتب المحافظ الجديد !! كلام ينفع في ( دوار ) عمدة بلدنا أو في جلسة فض نزاع عرفية !! .. هل نحن دولة مؤسسات أم أفراد ؟ وهل يوجد نظام للتغيير في العالم مثل ذلك ؟ سؤال .. الإجابة عنه ستقول أننا في مصر، وأن وضعنا مختلف.. كيف ؟ لن تجد إجابة !
القضية أكبر من جدل وشو إعلامي شارك فيه المحافظ والوزير والناشطون علي الفيس وتويتر ، ويبدو أن اختراع التسليم والتسلم في المناصب المهمة كالوزير والمحافظ ورئيس الهيئة والمؤسسة لا وجود له في العلم والإدارة رغم أننا شاهدناه في رئاسة الدولة ، ونشاهده في الوظائف العسكرية ، وحتى في الكليات العسكرية كتقليد حاكم للعمل المؤسسي .
التسليم والتسلم يتيح معرفة واقع المهمة من خلال اجتماع مطول بين السلف والخلف يتعرف فيه الخلف علي ما أنجزه السلف ، والمشاكل العالقة والملفات العاجلة .. ثم في تقليد محترم يتم توديع الوزير السابق أو المحافظ السابق لأنه من ساعات كان هو المسئول الأول في المكان.
لماذا نخترع العجلة من جديد .. ولماذا لا يتم ذلك في شفافية بدون لف أو دوران ؟ .. تغيير الوزير أو المحافظ أو المسئول ليس سرا حربيا ، وإعلان إخفاقه أو نجاحه ليس عيبا !
بقيت كلمتان الأولي قالها الوزير أحمد زكي بدر إلي لميس الحديدي.. أن هذا المنصب تم عرضه علي كثيرين من الشخصيات العامة المحترمة واعتذروا عن المسئولية، وأعتقد أنه صادق فيما قال مبررا سبب تأخير الحركة، وأظن – وليس كل الظن إثم – أن أحد الأسباب المهمة للاعتذار هو طريقة خروج المسئول من المنصب ! ، والكلمة الثانية هي خروج محافظ الشرقية لينفي كل ما جاء علي لسانه من كلام علي شبكات التواصل وأثارت أزمة ، وما أكثر الأزمات التي يثيرها وزراء ومحافظون في أوقات عصيبة !
تغيير المسئول له كتالوج .. ياريت تستوردوه.. وللاختيار معايير يا رب في يوم من الأيام نعرفها.. ومرة نعملها صح لله وللوطن.